السلايدر الرئيسيتحقيقات
الجزائر: الجيش ينحاز للنظام ويتعهد بعدم العودة لـ”سنوات الجمر”… ودعوات للعصيان المدني لدفع بوتفليقة للانسحاب… والرئيس لا يستجيب للعلاج
نهال دويب
ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ الظاهر أن الرسائل التي وجهها الشعب الجزائري في مظاهرات حاشدة رفضا لولاية رئاسية خامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، قد وجدت آذان قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح صاغية، رغم أنه اختار الانحياز إلى السلطة القائمة، مبررا ذلك بالحفاظ على الأمن ومنع خلق الفوضى في البلاد، في وقت يتواصل الغليان في الشارع الجزائري، وخرج أمس الثلاثاء الآلاف من طلبة الجامعات في مسيرات سلمية لمطالبة رئيس البلاد بالعدول عن الترشح لعهدة جديدة.
وفي وقت كانت الأنظار تتجه نحو الأكاديمية العسكرية بشرشال غربي الجزائر العاصمة ترقبا لموقف رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، من الحراك الشعبي الرافض للولاية الرئاسية الخامسة، أصدر هذا الأخير موقفا واضحا وقال في خطاب ألقاه أمام القيادات العسكرية في الأكاديمية، إن “الجيش الوطني الشعبي سيبقى ممسكا بزمام ومقاليد إرساء الأمن والإستقرار”، وشدد على ضرورة التعامل بحذر كبير مع الظروف الراهنة، واتهم أطراف لم يسمها بمحاولة “دفع الجزائر للعودة إلى سنوات الجمر التي شهدتها البلاد في التسعينيات”.
وقال رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في ثاني تصريح له نقلته وزارة الدفاع الجزائرية في بيان لها اليوم الأربعاء، إن “الجيش سيعرف كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بها في كافة الظروف”.
وذكر أحمد قايد صالح بالمخاطر المحدقة بالبلاد، وقال “إدراك الجيش الوطني الشعبي لكل ذلك، سيجعله في غاية الفطنة والتيقظ وسيكون دوما، حارسا أمينا للمصلحة العليا للوطن وفقا للدستور ولقوانين الجمهورية”.
موقف رئيس أركان الجيش اسال الكثير من الحبر على الورق وأثار تساؤلات إن كان منحاز للشعب أو تهديد له وهو أثاره زعيم إخوان الجزائر عبد الرزاق مقري، اليوم الأربعاء، في رسالة بعث بها إليه، تساءل فيها عن موقف الجيش من الحراك الشعبي وما إذا كانت رسالته موجهة للشعب الجزائري أو للنظام السياسي”.
وخاطب رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد)، قائد أركان الجيش قائلا “اختلف المتابعون حول خطابك الأخير هل هو منحاز للشعب أم هو تهديد له. ومهما يكن من أمر مقصدك فإن الذي يجب أن تعلمه بأن الخطر الوحيد على النظام العام وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم الآن بحمايته، أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة”.
وعاد مقري في نص رسالته إلى التأكيد على مكمن الخطر الذي يهدد استقرار الجزائر الذي ربطه بعدة أسباب.
وفي خضم هذا الحراك السياسي، تتجه الجزائر نحو الدخول في حالة عصيان مدني وإضراب عام، ظهرت أولى بوادره بإعلان المحامون (أصحاب الجبة السوداء) عن مقاطعتهم العمل في المحاكم والمجالس القضائية وامتنع الطلاب عن الالتحاق بمقاعد الدراسة في بعض الجامعات الجزائرية، فيما يتم التحضير ليوم تاريخي جديد يعد الثالث من نوعه بعد حراك 22 فبراير/شباط الماضي و حرك 2 مارس/آذار الجاري الجمعة القادم.
وأصبحت الجزائر محط أنظار العالم أجمع، وأدلت القوى العظمى بدلوها في حراك الشارع على غرار أمريكا التي أعلنت دعت إلى احترام حق ” التظاهر “، وهو ما أثار موجة استياء كبيرة لدى الجزائريين وخلف موقفها ردود فعل ساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المتحدث باسم خارجيتها، روبرت بالادينو، للصحافيين “نحن نراقب هذه التظاهرات في الجزائر وسنواصل فعل ذلك “، وأوضح أن “الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الشعب الجزائري وحقه في التظاهر السلمي”.
ويعتبر هذا أول رد فعل أمريكي على الوضع في الجزائر منذ انطلاق المظاهرات السلمية رفضا لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
واقتصرت تصريحات المتحدث باسم أمريكا فقط على موقفها من التظاهر دون التطرق إلى الدوافع الحقيقة على الاحتجاجات وترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة.
واستنكر النائب البرلماني عن حزب العمال اليساري تعزيبت رمضان، تصريحات الإدارة الأمريكية وقال “القوى العظمة تحاول التوغل في شؤون الجزائر، لا نريد مساعدتكم أيها القوى الإمبريالية”، وتابع “مشكلتنا داخليا وسنجد حلا وطنيا جزائريا”، وتحدث بلغة شديدة اللهجة “حلولكم نعرفها الكوارث في العراق وفي سوريا”.
وفي سياق هذه التطورات لا يزال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، متواجدا في سويسرا حسب ما أوردته “لاتريبين دو جنيف”وهو تحت “التهديد المستمر للحياة” بسبب “تدني رد فعل جسده” مع العلاج.
وحصب التفاصيل التي كشفتها الصحيفة اليوم الأربعاء، فإن مشكلة بوتفليقة الذي رشح نفسه لعهدة رئاسية خامسة، تكمن في مخاطر كبيرة من وجود ممرات خاطئة، وهو ما يعني أن التغذية يمكنها تتوجه إلى الجهاز التنفسي، مما يمكن أن يؤدي إلى التهاب رؤوي حاد.
كما تقدم الصحيفة السويسرية معلومات عن التاريخ الطبي للرئيس بوتفليقة، حيث تذكر أنه في سنة 2016، خضع الرئيس بوتفليقة لفحص القولون، مما يتطلب التخدير العام، وهذا العام، خضع إلى فحص الجهاز التنفسي، مما أتاح إجراء فحص طبي شامل له.
وتقول الصحيفة أنه “خلال الثلاث سنوات الماضية، تدهور وضعه الصحي بشكل ملموس، وتحول إلى مريض يعاني من حالة خطرة للغاية ويتطلب رعاية مستمرة”، وأضافت ان هذا الاضطراب هو نتيجة للسن، وأيضا بسبب الجلطة الدماغية التي تسببت في تدهور وظائفه العصبية، ولمنع ابتلاع الطعام أو السوائل في الرئتين، حيث ولحمايته من الالتهاب الرئوي- وهو سبب رئيسي للوفاة لدى كبار السن – يخضع عبد العزيز بوتفليقة لعلاجات بالمضادات الحيوية بشكل منتظم، كما يتلقى العلاج الطبيعي عن طريق الجهاز التنفسي.
ونقلت الصحيفة السويسرية أن بوتفليقة يعاني من فقدان القدرة على الكلام، وهو فقدان جزئي، و”يبدو أنه يتلقى ما يقال له ، لكن من الصعب فهمه.
وأوضحت أنه يتلقى الرعاية من فريق طبي، يتكون من أربعة أطباء جزائريين، بينهم مختص في أمراض القلب، وطبيب التخدير ومختص في الطب الداخلي والذي يعمل كمترجم مع العالم الخارجي، وغالبا ما يتحدث في مكانه.
وتضيف نفس الصحيفة أن الرئيس بوتفليقة يتواجد في الطابق الثامن من المستشفى الجامعي بجنيف، وتذكر أنه بعد مساء أمس، كان العشرات من المتظاهرين الجزائريين أمام “مدخل المستشفى، حيث رأوا سائق إحدى سيارات الليموزين السوداء بالقرب من المستشفى، حيث تم إخراج كرسي متحرك وبدلات.