السلايدر الرئيسيثقافة وفنون

كفاءات مغربية بالخارج تربط عودتها إلى أرض الوطن بالعدالة المهنية

فاطمة الزهراء كريم الله

ـ الرباط ـ فاطمة الزهراء كريم الله ـ يبقى نزيف هجرة الكفاءات المغربية محط اهتمام كبير في الاوساط المغربية، وتزايد الجدل الحاصل بعد دراسة أجرتها الجامعة العربية، تفيد أن المغرب يعد ثاني بلد في شمال إفريقيا والشرق الأوسط يعرف أعلى معدل لهجرة الكفاءات، حيث يوجد ما يناهز 50 ألف طالب مغربي يتابعون دراستهم بالخارج، هذا بالإضافة عن أزيد من 200 ألف من أصحاب الكفاءات متعددة التخصصات قرروا الاستقرار والعمل خارج المغرب. فضل غالبيتهم فرنسا وإسبانيا وألمانيا وكندا كوجهة لإتمام الدراسة والعمل والاستقرار، في الوقت الذي تعاني فيه مجموعة من القطاعات الحيوية بالمغرب خصاصا في الأطر، خصوصا في صفوف الأطباء والأطر العليا والمهندسين في التكنولوجيات الحديثة.
للحديث عن الموضوع، كان لصحيفة “” مع هشام معتضد (34سنة) أستاذ جامعي في العلوم السياسية مقيم بكندا منذ 2006 وهذا هو نص الحوار…

بداية سيد هشام ماهي الدوافع التي كان وراء هجرتك إلى كندا؟
الدوافع التي كانت وراء الهجرة إلى كندا تتجلى خاصة في السعى وراء الإنفتاح على العالم الأكاديمي والعلمي على المستوى الدولي. فبعد حصولي على الإجازة في القانون الدولي العام من جامعة محمد الخامس راودتني فكرة تطوير الذات من خلال السعي لإيجاد أفاق جديدة تتيح مجال للبحث العلمي والمعرفي أكثر إنفتاحا وإنتاجا من المنظور الفكري والتنافسية ذات الإنتاج الإيجابي. وإختيار كندا جاء بعد تفكير عميق خاصة وأن هدفي بإمتياز كان التركيز على إختيار منصة علمية ذات هيكلة براغماتية للدراسات الإستراتيجية والعلوم السياسية. وأتذكر جيدا أن الختيار لم يكن سهلا بين الجامعات المتواجدة بالقارة الأوربية و الأمريكية خاصة وأن العمق المنهجي من الناحية العلمية للعلوم للسياسية للقارتين مختلف لكنه متكامل. فإذا كان إختياري قد وقع على القارة الأمريكية و بالخصوص على دولة كندا فذالك كان بناءاً على المنهجية الواقعية المتبعة في الحقل المعرفي للعلوم السياسية والسياسات التطبيقية المتبع في أغلب الأقسام الجامعية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية.
فبالإضافة إلى بناء مسار دراسي ذات بعد دولي، فإن البحث عن بناء الذات أيضا كان من الدوافع الأساسية التي كانت وراء إختياري للهجرة و ذالك لتقوية التركبة الشخصية وإغناء الحس المعرفي الذي يعد من المكونات الأساسية التي يجب على الإنسان الإستثمار فيها عبر الزمان و المكان لمواكبة التحديات وكسب الرهانات.

هل لك أن تحدثنا عن الفرق بين الفرص في المغرب وبلد اخر مثل كندا ؟
لا يمكننا الحديث عن المغرب وكندا من خلال منظور يعتمد على مقارنة يضع البلدين في نفس السياق من خلال الفرص التي قد يتيحها المجتمعين. أظن أن المقارنة على هذا المستوى غير عادلة لإن لا المؤهلات الإجتماعية، أو القوة الإقتصادية بالإضافة إلى الترسانة العسكرية متقاربتين لوضع البلدين داخل تشخيص يعتمد على المقارنة العادلة بين البلدين، فلكل بلد ميزته الخاصة، إيجابياته وسلبياته. صحيح، تبقى كندا بلد يتيح فرص أكثر إيجابية للمهاجرين من ذوي الدخل المحدود، المتوسط أو الأفاق الضيقة. فبالإضافة إلى كون كندا بلد يمتاز بفضاء قد يُمكِّن الشخص من بناء إنطلاقة جديدة لمساره الشخصي والمهني إلا أن هناك عقبات قد تقف عائقا أمامه خاصة تلك المتعلقة بالتأقلم الثقافي وفهم التركبة الفكرية للمجتمع الكندي. فإذا كانت كندا بلد يتيح فرص للنجاح فإن للشبكة المهنية والعلاقات العامة دور مهم في بناء مسار مهني ناجح داخل المجتمع الكندي، فبدون بناء شبكة مهنية صلبة، فإن الكفاءة المهنية وحدها غير كفيلة بصنع النجاح المهني للفرد أو تحقيق هدف إستثماري متميز.

ألا ترى بان هجرتكم انتم ككفاءات سيكون له تأثير على بلدكم الام المغرب؟
صحيح أن هجرة الكفاءات المغربية له ثأثير سلبي على المغرب خاصة من الناحية الإجتماعية والإقتصادية. فإذا كان الرأسمال اللامادي يعتبر الرهان الإستراتيجي للألفية الثالثة، فإن المغرب ورغم ضعف منظومته التربوية وهيكلته لقطاع التعليم الأساسي والعالي، إلا أن جل إستثماراته في بناء الإنسان المغربي تعد خسارة للمجتمع المغربي ولمختلف القطاعات الميدانية بهجرة الأدمغة و الكفاءات الوطنية.
فبالرغم من فشل الإستراتيجيّات الحكومية في قطاع التعليم إلا أن الأموال المستثمرة في هذا القطاع و فقدان الألاف من الأطر العليا كل سنة، ناهيك عن فشل إستقطاب الطلاب والخبراء المغاربة عبر العالم للمساهمة في النهوض بمختلف القطاعات بالمغرب يعد خسارة كبيرة تكلف الكثير للمغرب والمغاربة و سيكون لها أثار أكثر خطورة على مستقبل البلاد في عالم لا يُؤْمِن إلا بالتنافسية والسعي الحدي إلى إستقطاب الخبراء وتأهيل الرأسمال اللامادي للحفاظ على نواة صلبة تدفع بعجلة التطور لإزدهار المجتمع.

وزارة التربية اطلقت برنامجا وهو برنامج “فينكوم” والذي قالت عنه بانه أداة لربط علاقات مؤسساتية مع الكفاءات المغربية بالخارج وخلق قاعدة معطيات عن الكفاءات المغربية هل ترى بان ذلك كافيا ؟
برامج وزارة التربية الوطنية المتعلقة بإلكفاءات المغربية بالخارج تعد حلقة جد ضعيفة في خضم التحديات الدولية التي تصب في إستقطاب الكفاءات أو الخبراء. فبرنامج “فينكوم” مثلاً يعد مبادرة محتشمة لملف ينتظر وضع إستراتيجية أكثر واقعية تتماشى و تطلعات الكفاءات والأطر العليا المغربية المقيمة بالخارج. فبالإضافة إلى دور القطاع العام الذي يجب أن يلعب دور مهم في هذا الصدد، فإن للقطاع الخاص أيضا مسؤولية وطنية لتحفيز الكفاءات المغربية بالخارج. لكن في خضم غياب سياسية وطنية متكاملة ومتداخلة بين جل القطاعات المعنية ستبقى إشكالية هجرة الأدمغة وفشل جلب الكفاءات والخبراء المغربية تحدي كبير أمام الحكومات المغربية.
فإذا كانت وزارة التربية الوطنية من بين القطاعات المسؤولة مباشرة على تدبير هذا الملف، فإن المسؤولية مشتركة بين قطاعات متعددة و مطالبة أكثر من أي وقت مضى أن تتحلى بالمسؤولية الوطنية للأنخراط الفـعلي والفعّال في إقتراح أليات جادة من أجل إستقطاب الأطر و الكفاءات المغربية بالخارج.

هل من مجال للعودة؟ وفي حال طلب منكم العودة الى الوطن ماهي ضمانات لذلك؟
بالتأكيد فكرة العودة تراودني و أعتبرها مسؤولية إنسانية ووطنية إتجاه بلدي، أنتظر فقط الظروف والفرصة المناسبة لذالك. أنا على إستعداد تام للعودة إلى المغرب للمساهمة في النهوض على مستوى القطاعات الحيوية و الإستراتيجية. المغرب في أمس الحاجة إلى كافة أطره وخبراءه بالخارج لكن المشكل يكمن في ضمان نوع من العدالة المهنية وفرص تحمل المسؤوليات القطاعية. فغياب الشفافية في أنزال المساطر الإدارية المتعلقة بالكفاءات المهنية و ضعف الضمانات التي تخول تبوء المناصب من خلال معايير الإستحقاق المهني يجعل العديد من الكفاءات تتردد في إتخاذ قرار العودة. فالتحفيز على العودة رهين بإتباع مقاربة ذات رؤية واقعية مبنية على الكفاءة المهنية والإستحقاق الإداري وتحمل المسؤولية بالإضافة إلى مراجعة إشكالية مبدأ الثقة في المؤسسات المسؤولة على تدبير الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق