السلايدر الرئيسيشرق أوسط
قانون الجرائم الإلكترونية تمرير بالتسلل والأردنيون تحت صدمة “الضرايب”
غادة كامل الشيخ
– الأردن – مر خبر تمرير مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الالكترونية لسنة 2018 إلى جدول أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب الأردني مرور الكرام، وعلى قاعدة الأهم ثم المهم أو بالأحرى الأسوأ ثم السيء انشغل الأردنيون بما هو أهم أو حتى أسوأ فيما يتعلق بإدراج مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل ضمن جدول أعمال ذات الدورة الاستثنائية.
ولم يلتفت الأردنيون من جراء وقع الصدمة على سرعة إدراج مشروع قانون الضريبة المعدل للدورة الاستثنائية خصوصاً وأن كل المؤشرات الحيادية تشير إلى أن هناك رفض شعبي على تعديلات قانون الضريبة التي أقرتها حكومة الدكتور عمر الرزاز، الأمر الذي أفقد الأردنيين اهتمامهم بأن مشروع تعديلات قانون الجرائم الالكترونية المرفوض على الأقل حقوقيا وسيطال المواطنين قبل الصحفيين سيدرج أيضا، ربما من الأفضل أنهم لم يلتفتوا لذلك لا سيما وأن “ضربتين بالراس بتوجع”.
ومنذ عهد حكومة الدكتور هاني الملقي الذي بفضله تم إقرار مشروع تعديلات قانون الجرائم الالكترونية واجه ذلك القرار رفضا في الوسط الحقوقي الأردني خصوصا الذي يركز على حماية الحق في حرية الرأي والتعبير وهو الحق الذي كفله الدستور الأردني في مادته ال 15 وذات الحق الذي يكفله العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية في مادته ال 19 الموقع عليه الأردن أيضاً.
وكان الحقوقيون في ذروة قضية إقرار حكومة الملقي لمشروع القانون وقبل أن يخفت هذا الحماس يرون أن المواد المدرجة في التعديلات “فضفاضة” الأمر الذي سيؤدي الى الاجتهاد وربما المزاجية أحيانا في الاستناد لهذه المواد واتخاذها “ذريعة” لممارسة التقييد على حرية الرأي والتعبير.
وتشمل التعديلات 13 بندا من القانون الذي تم سنه العام 2015، ليشمل إضافة تعريف “خطاب الكراهية”، ليصبح النص (كل قول أو فعل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات الدينية أو الطائفية أو العرقية أو الإقليمية أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات).
وغلظ القانون عقوبة الحبس لتصل إلى “ثلاثة أشهر، ولا تزيد على سنة، أو بغرامة لا تقل عن 500 دينار، ولا تزيد على 1000 دينار”، لمرتكبي تلك الجرائم، بعد أن كانت، “الحبس أسبوعا ولا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 200 دينار”.
مع العلم أن بعض من هذه التعديلات هي أفعال مجرمة في قانون العقوبات أصلاً، لكن الفرق أن تعديلات الجرائم الالكترونية شددت العقوبة وقامت بوصف خاص لها.
كما أن قانون العقوبات في المادة 150 منه يتناول الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفو بين عناصر الأمة ويعاقب نصا “كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة”، وهي العقوبة ذاتها في مشروع قانون الجرائم الالكترونية، مع فارق ان قانون العقوبات اكتفى بغرامة لا تزيد على 200 دينار وهذا نص خضع للمراجعة والتعديل والاقرار عام 2017 الأمر الذي يطرح سؤال ما المبرر من إيجاد نص اخر وتغليظ الغرامة في مشروع الجرائم الالكترونية لتصل في اقصاها الى 1000 دينار؟
واللافت في الأمر أن التعديلات لم تشمل المادة 11 من ذات القانون التي أثارت رفضاً حقوقيا وصحفيا منذ إقرار القانون منذ العام 2015 وتنص المادة على أنه “يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات او معلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية او أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس، مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على ألفي دينار”.
الأمر الذي يطرح سؤال ثاني لماذا وبالرغم من المطالبات من العام 2015 على تعديل المادة 11 التي تشكل قيداً صريحاً على حرية الرأي والتعبير إلى التعديل في الوقت الذي تم القفز عن هذا المطلب واجراء تعديلات على مواد أخرى في القانون؟
الصحفية والحقوقية هبة عبيدات تقول: “تفاجأنا أول من أمس انه صدرت الإرادة الملكية بالحاق مشروع تعديلات قانون الجرائم الالكترونية في الدورة الاستثنائية وأتوقع في الوقت ذاته أن يقوم المجلس في جلسته اليوم بإحالته إلى اللجان المختصة والبت فيه في الدورة العادية لمجلس النواب”.
وتبين عبيدات أن مشروع التعديلات على هذا القانون ستكون بمثابة السيف على رقبة المواطن قبل الصحفي، لا سيما أنها ستسهم في الحد من مساحة الحرية في فضاء السوشيال ميديا بعد أن مرت بمرحلة تنفس الى حد ما، وإقرار هذه التعديلات بشكلها المرفوض سيشكل سياسة واضحة لتكميم الأفواه.
النائب قيس زيادين بدا متأكدا من استحالة إقرار مشروع التعديلات على القانون في جلسة مجلس النواب اليوم، وأنه سيتم احالته الى الدورة العادية للمجلس.
وقال: “انا مع الحريات وفي نفس الوقت ضد التشهير وهناك خط رفيع بينهما، نعم لمست الغضب الحقوقي لهذا القانون وأتفهم عدم وجود ضمانات لآلية استخدام مواده وهو ما يوجب علينا مناقشته ودراسته جيداً حتى أنني سأناقشه مع التحالف المدني”.
وأكدت المدير العام لمنظمة النهضة العربية وهي منظمة تهدف الى تقديم المساعدة القانونية سمر محارب أنه هناك خطورة تم إغفالها وهي غياب وعي المواطن عن القانون بتعديلاته في حال أقرت، بحيث لا يعرف المواطن ما هو الرأي الذي سيعبر عنه وسيلحقه الى السجن من جراء هذا القانون.
فضلا عن غياب خطة واضحة لحماية وتقديم المساعدة القانونية للمتهمين بخرق ما تنص عليه تعديلات القانون وهل هناك قانونيين ومحامين متخصصين في هذا المجال ولديهم الوعي الكافي في حال طلب منهم الدفاع عن متهمين في قضايا تخرق القانون.
ودعت محارب الى استغلال فرصة ما اذا تم تحويل مشروع التعديلات الى الدورة العادية لمجلس النواب وتكثيف الجهود بين كافة القطاعات لتوعية المواطنين من حساسية هذه المواد خصوصاً النشطاء التي ترجح أنهم سيكونون الأكثر استهدافا من القانون.
وعودة لفلسفة “السيء أفضل من الأسوأ” من غير المستبعد أن يتجاهل الأردنيون مشروع تعديلات قانون الجرائم الالكترونية لاسيما وأنهم ما يزالون يعيشون بقلق وأرق من الاحتمالية الكبيرة لإقرار قانون ضريبة الدخل أو حتى “سلقه” بأسرع وقت ممكن.