شرق أوسط

مقاتلو تنظيم داعش متمسكون بآخر جيب لهم في شرق سوريا

ـ حقل العمر النفطي ـ يتشبث تنظيم داعش بالدفاع عن آخر بقعة يسيطر عليها في بلدة الباغوز على ضفاف نهر الفرات في شرق سوريا الجمعة، في مواجهة هجوم قوات سوريا الديموقراطية المصممة على القضاء على ما تبقى من “خلافة” أعلنها أبو بكر البغدادي قبل أربع سنوات وتقلصت الى بضع مئات من الكيلومترات المربعة.

وخرج في الأيام الأخيرة آلاف الرجال والنساء والأطفال من منطقة سيطرة التنظيم، بعد أن أبطأت قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وتيرة عملياتها منذ ليل الأحد إفساحاً في المجال لخروج المدنيين. إلا أن هناك من لا يزال رافضا للاستسلام ومتمسكا بالقتال.

وفي الأول من آذار/مارس، بدأت الفصائل الكردية والعربية هجومها الأخير على الارهابيين في بلدة الباغوز بعد عمليات إجلاء استمرت أسبوعين.

ومُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة “خلافة اسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية. وفي الوقت الحالي، بات وجوده يقتصر على بقعة داخل بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي.

وأظهرت مقاطع فيديو حصلت عليها وكالة فرانس برس عليها من مجموعة “فري بورما راينجرز”، وهي منظمة إغاثة أمريكية غير حكومية، مشاهد للمخيم الذي يقبع فيه الارهابيون في الباغوز، ويمكن رؤية قطعة من الأرض على الضفة الشرقية لنهر الفرات يتحرك ضمنها أشخاص وسط عدد هائل من السيارات والشاحنات الصغيرة. كما يوجد أبنية متواضعة معظمها من دون سقف، وخيم مستحدثة ببطانيات ملونة.

وتطوق قوات سوريا الديموقراطية الباغوز من جهتي الشمال والغرب، فيما تتواجد قوات النظام السوري جنوباً على الضفة الغربية للفرات، والقوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي شرقا على الجهة المقابلة من الحدود.

ويمكن في أشرطة الفيديو أيضا رؤية أشخاص يتحركون وسط المساكن العشوائية سيراً على الأقدام أو على دراجات نارية، وبقرة سوداء اللون على رقعة عشب يابس. وعلى بعد بضعة أمتار من النهر حيث نبتت طبقة كثيفة من القصب، جلس عدد من الأشخاص خلف جدار بُني بأحجار إسمنتية.

جرحى وبكاء أطفال

وتنتظر قوات سوريا الديموقراطية إجلاء جميع المدنيين لاستئناف معركتها التي من شأنها التمهيد لإعلان انتهاء “الخلافة”.

ومنذ الأحد، خرج أكثر من سبعة آلاف شخص، وفق ما أفادت قوات سوريا الديموقراطية الخميس.

عند نقطة الفرز التابعة قوات سوريا الديموقراطية قرب الباغوز، شاهد صحافي في وكالة فرانس برس الخميس عددا من الخارجين من البلدة يخضعون لعمليات تفتيش واستجواب.

وسط الصحراء، وقفت نساء منقبات في طوابير طويلة يحملن أكياساً وحقائب، بانتظار تفتيشهنّ. فيما جلست أخريات في مجموعات على بطانيات وسط الغبار والتراب وإلى جانبهن أطفال من جميع الأعمار بدت أجسادهم نحيفة ومتسخة، كان بعضهم يبكي ويصرخ.

ويتمّ نقل النساء والأطفال إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول، بينما يُرسل الرجال المشتبه بأنهم ارهابيون إلى مراكز اعتقال.

وبين الرجال، عدد كبير من الجرحى بعضهم على عكازات أو أسرة متنقلة أو كراس متحركة، فيما يلفّ آخرون ضمادات على رؤوسهم أو أقدامهم.

وتشنّ قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ أيلول/سبتمبر هجوماً ضد آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا.

وعلى وقع تقدمها العسكري، خرج نحو 58 ألف شخص منذ كانون الأول/ديسمبر من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

“غير تائبين”

وفي حين تستعدّ قوات سوريا الديموقراطية لتوجيه ضربتها القاضية إلى الارهابيين، أعلن قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل الخميس أن “تدمير قاعدة +الخلافة+ هو إنجاز عسكري ضخم – ولكن انتهاء القتال ضد داعش والتطرف العنيف لا يزال بعيدا، ومهمتنا لا تزال كما هي”.

وأكد أن مقاتلي وعائلات التنظيم “لا يزال معظمهم متطرفين وغير تائبين أو منكسرين. ويجب أن نواصل الهجوم”.

وقرّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 كانون الأول/ديسمبر بشكل مفاجئ سحب الجنود الأمريكيين المتمركزين في سوريا (عددهم ألفا جندي)، في أسرع وقت ممكن، مؤكدا أن تنظيم داعش هُزم.

وأعلن البيت الأبيض في وقت لاحق أن الجيش الأمريكي سيُبقي لفترة زمنية محددة حوالى مئتي جندي في سوريا “لحفظ السلام”.

وأضاف فوتيل “ما نشهده اليوم ليس استسلاما لتنظيم داعش كمنظمة بل هو قرار محسوب (للارهابيين) للحفاظ على سلامة أسرهم وقدراتهم”.

وقال إنّ المرحلة المقبلة من الصراع ستكون مع “منظمة مفككة” يختبأ قادتها وعناصرها وراء الستار لكن لا تزال تعمل بدافع ايديولوجي.

وتشكل المعركة ضد تنظيم داعش حالياً إحدى الجبهات الرئيسية في النزاع السوري الذي أسفر عن أكثر من 360 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين منذ العام 2011.

ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق