السلايدر الرئيسيتحقيقات
حذاء خروتشوف و”علاقته” بـ”العدوان الثلاثي” وعبد الناصر ـ (فيديو)
علي الخطايبة
ـ موسكو ـ من علي الخطايبة ـ مضى نحو 6 عقود على ترأس الزعيم السوفيتي الراحل نيكيتا خروتشوف وفد بلاده للمشاركة في الدورة الخامسة عشر للجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها في 12 أكتوبر 1960 والتي صرح خلالها بعبارات مثيرة للجدل وضرب بحذائه على طاولة المنظمة الأممية تعبيرا عن احتجاجه على اتهامات بحق بلاده.
لكن اعتقادا خاطئا ساد في عالمنا العربي هو أن خروتشوف ضرب بحذائه طاولة الأمم المتحدة من أجل صديقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، على الرغم من نيل “حادثة الحذاء” انتشارا عالميا وصل صداها إلى مختلف بقاع المعمورة كما لو أنها وقعت في وقتنا الراهن الذي تنتقل فيه المعلومة المثيرة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية كما تنتشر النار في الهشيم.
وخروتشوف هو الزعيم السوفيتي الوحيد الذي لم يحكم حتى وفاته باستثناء آخرهم ميخائيل غورباتشوف الذي انهار الاتحاد السوفيتي على يده في ديسمبر 1991 وهو لا يزال على قيد الحياة، واستُخدمت “حادثة الحذاء” فيما بعد بالإضافة لسلوكيات وسياسات أخرى قام بها خروتشوف في إقصائه عن الحكم.
فقد اتخذ المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي بعد مرور 4 سنوات على الحادثة قرارا بتجريد خروتشوف من منصب السكرتير العام للحزب وإحالته إلى التقاعد بعد أن حكم البلاد من عام 1953 ولغاية 1964 خلفا لسلفه جوزيف ستالين.
وفي العودة إلى “حادثة الحذاء” لا بد أن ننوه إلى أن مشاركة خروتشوف لم تكن الأولى داخل مبنى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، فقد ألقى كلمة قبل سنة من الحادثة المذكورة في سبتمبر/ أيلول 1959 دعا فيها واشنطن للتعاون مع موسكو للوصول إلى اتفاقية للقضاء على أسلحة الدمار الشامل.
أما مشاركته في دورة الجمعية العامة لسنة 1960 فقد استمرت 3 أسابيع تحدث خلالها خروتشوف في عدة قضايا وطالب بإعادة الصين إلى الأمم المتحدة التي حُرمت من وضعها القانوني في المنظمة الأممية لمدة 22 سنة ولم تتمكن من استعادة عضويتها إلا في عام 1971 وصدف أن فارق خروتشوف الحياة في العام ذاته.
كما اقترح الزعيم السوفيتي حينها اعتماد إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، وأصر على مناقشة الاقتراح من قبل رؤساء وفود الدول المشاركة في جلسة الجمعية العامة.
وعندما جاء دور مندوب الفلبين في إطار مناقشة الإعلان قال ممثلها في الأمم المتحدة لورنزو سومولونغ، إن الوثيقة ينبغي أن تشمل بلدان وشعوب أوروبا الشرقية المحرومة من حقوقها المدنية والسياسية، وأضاف أن الاتحاد السوفيتي قد “ابتلع” دول أوروبا الشرقية ويمارس هناك استعمار غير مباشر.
أثارت كلمة الفلبين غضب خروتشوف، وبدأ هو وبقية أعضاء الوفد السوفيتي في الصراخ والضرب بقبضاتهم على الطاوله في محاولة للفت انتباه الدبلوماسي الآيرلندي فريدريك بولاند الذي كان يرأس الجلسة بغية الحصول على كلمة للاعتراض على ما تقدم به المندوب الفلبيني، واستغل خروشوف حذائه الأيمن لتعزيز التأثير على رئيس الجلسة.
وبعد إعطاءه حق الرد، توجه الزعيم السوفيتي إلى المنصة ونعت الدبلوماسي الفلبيني بـ “المطية الذليلة للإمبريالية الأمريكية”، وأوضح أنه ابتعد عن صلب الموضوع وتجني على بلاده عندما اتهمها بممارسة الأفعال التي تقوم بها الدول الاستعمارية على شعوب آسيا وأفريقيا، وقال إن “رئيس الجلسة يتعاطف مع الهيمنة الإستعمارية ولا يرغب بزوالها، ولذلك لم يُوجه ملاحظة لمندوب الفلبين وتركه يتمادى في خطابه المليئ بالهراء”.
وتابع خروتشوف قائلا “نحن لا نعيش على الأرض بنعمة الرب ولا بنعمتكم، بل بقوة وعقل شعبنا العظيم في الاتحاد السوفييتي وجميع الشعوب التي تناضل من أجل نيل استقلالها.. لن يستطيع الاستعمار ولا أذنابه من إسكات صوت الشعوب الذي صدح مطالبا بالإستقلال وسيبقى عاليا حتى يتمكن من دفن الإستعمار المستعبد للشعوب.. ليسقط الاستعمار… وستحفر الشعوب المستعمرة قبره، وكلما كان القبر أعمق كلما كان أفضل”.
وفي اليوم التالي تصدرت كلمة خروتشوف عناوين الصحف العالمية، ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” خبرا تحت عنوان: “خروتشوف يُلوح بحذائه ويضرب به على طاولة الأمم المتحدة”، وزعمت الصحيفة الأمريكية في خبرها الذي أُرفق بصورة يظهر فيها خروتشوف وهو يتوسط الوفد السوفيتي وأمامه حذاء على الطاولة، بأن خروتشوف قام بعدة تصرفات غريبة خلال الجلسة.
وحول الحادثة كتب المترجم الروسي الشهير فيكتور سوخودريف في كتابه “لساني- صديقي”، وكان قد شهد الحادثة ضمن وفد بلاده :” خروتشوف بدأ بالضرب بقبضته على الطاولة.. وبعد لحظات التفت إليه وإذا به يطرق على الطاولة بحذائه بدلا من قبضته. هذه التفاصيل نفسها سردها زوج إبنة خروتشوف ورئيس تحرير صحيفة “إيزفيستيا” ألكسي أدجوبيي في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي السوفيتي.
الروايتان لم ينفيهما سيرغي خروتشوف نجل الزعيم السوفيتي في حوار أجرته معه صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسية، فهو أيضا ممن حضروا هذه الواقعة، وبرر تصرف والده بأنه شعر بالغضب من الاتهامات التي وجهها السفير الفلبيني لدى الأمم المتحدة بحق الاتحاد السوفيتي، وأنه رفع في البداية يده اليسرى لكي يعطيه رئيس الجلسة الآيرلندي كلمة الرد ومن ثم رفع يده اليمنى ولم ينتبه إليه الدبلوماسي الآيرلندي إلا بعد أن اضطر للتلويح بالحذاء والضرب به أحيانا على الطاولة.
أما الرواية المتوارثة التي سادت في منطقتنا العربية حول السبب الذي دفع بخروتشوف لاستخدام حذائه في الأمم المتحدة كانت مغلوطة، لكن الموقف بحد ذاته لا يزال يثير الغبطة ويدغدغ مشاعرالكثيرين في المنطقة ويتمنون لو صدر مثل هكذا موقف عن زعيم عربي أو مسلم في زمن مُنيت أمتنا بالهزائم فضلا عن فشلها حتى في بناء دول مدنية على أساس المواطنة توفر لسكانها أبسط متطلبات الحياة الكريمة.
فقد ظن الكثيرون في البلاد العربية وأنا كنت كذلك قبل قدومي للدراسة في موسكو قبل ثلاثين عاما ونيّف، أن خروتشوف خلع حذاءه وضرب “بالجزمة القديمة” على طاولة الامم المتحدة عام 1956 من أجل ايقاف حرب “العدوان الثلاثي” التي شنتها كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا ضد مصر، وذلك بسبب العلاقات المتميزة التي ربطت خروتشوف بعبدالناصر الذي اعتبر في تلك الفترة زعيما قوميا بلا منازع للعالم العربي من المحيط إلى الخليج.
فيما رجح البعض الآخر أن انفعال خروتشوف واستخدامه الحذاء في الأمم المتحدة كان عام 1962 بسبب الخلاف مع الأمريكيين على كوبا أبان أزمة الصواريخ النووية بين البلدين عندما أمر خروتشوف بنقل صواريخ سوفيتية تحمل رؤوس نووية إلى كوبا لحماية الثورة الشيوعية هناك بقيادة الرئيس الكوبي فيدل كاسترو والتي انتهت بتوصل الولايات المتحدة برئاسة جون كينيدي إلى حل هذه الأزمة مع الاتحاد السوفيتي التي كادت أن تُشعل حرب عالمية ثالثة، وكل هذا بفضل حذاء خروتشوف.
مساءالخير
يوجد فرق بالتوازيخ الضرب بالحذاء من احل الحرب على بور سعيد بمصر عام 1956 والضرب بالحذاء عام 1962 بسبب مسألة كوبا
يبدو ان المعلق لم يلاحظ ذلك بالتوقيت
وانا كما عشت هذه الفترة امل الى ان هذه الحالة كانت عام 1962
بينما كان انذار سوفياتي عام 1956
فقتضى التنويه
يي