أقلام مختارة

السلاح الإيراني الجديد والدقيق بات يشكل تهديداً ملموساً عملانياً وفورياً

إفرايم هليفي

تؤكد مصادر مطّلعة أن سلاح الجو الإسرائيلي يمتلك قدرات ممتازة تؤهله للقيام بتحييد منظومة الصواريخ الروسية المتطورة المضادة للطائرات من طراز “S 300″، التي أعلن وزير الدفاع الروسي أن موسكو ستزود سورية بها قريباً. وإذا كان هذا التأكيد صحيحاً فإنه يطرح تساؤلاً بشأن الحاجة إلى قيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إثر إعلان وزير الدفاع الروسي المذكور، والتحذير من المخاطر المترتبة على إدخال هذه المنظومة إلى سورية.
كما يستلزم الأمر استيضاح جوهر ومستوى السلاح الإيراني الذي قام سلاح الجو الإسرائيلي بشنّ أكثر من 200 هجمة في ظروف خطرة للغاية، من أجل تدمير كل شحنة منه إلى سورية. وثمة تساؤل آخر بشأن حاجة إسرائيل إلى الإصرار على إعلان استمرارها في مثل هذه الهجمات على الرغم من أنها قد تؤدي إلى حدوث مواجهة مباشرة بينها وبين روسيا.
ولا شك في أن من حق الجمهور في إسرائيل أن يتلقى أجوبة عن هذه التساؤلات من طرف المسؤولين عن أمن الدولة. مع ذلك، فمن الواضح الآن أن السلاح الإيراني الجديد والدقيق بات يشكل تهديداً ملموساً عملانياً وفورياً، ويمكن القول إنه أكثر أهمية من السلاح النووي الذي ما يزال غير عملاني.
وبالنسبة إلى روسيا يمكن القول إن لكل من القيادتين الروسية والإسرائيلية اعتبارات داخلية وخارجية مهمة تقف وراء صوغ السردية الخاصة بأحداث الأسبوع الأخير [إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية] وفقاً لمصالحهما. وأنا شخصياً أقبل نتائج التحقيق الذي قام به سلاح الجو الإسرائيلي، فيما يتعلق بتقصي وقائع إسقاط الطائرة الروسية. غير أن هذه النتائج لا تنسجم مع حاجات الرئيس بوتين، سواء في مقابل مؤسسته الأمنية والرأي العام الروسي عموماً، أو في مقابل شريكيه الاستراتيجيين في دمشق وطهران. وبناء على ذلك تبنى الجانب الروسي سردية أُخرى مناقضة لسردية إسرائيل تخدم مصالحه في الوقت الحالي.
وفي رأيي، من بين جميع البيانات التي أصدرها الروس حتى الآن، يبقى أكثرها أهمية البيان الذي أعلن عزمهم على تكثيف منظومتهم الإلكترونية في الحيّز السوري.
في الماضي وقعت بين إسرائيل وروسيا مواجهة مباشرة خلال معركتين. الأولى، خلال حرب الاستنزاف، وهي الحرب المنسية على ضفاف قناة السويس في الفترة 1968-1970، حين تم نصب 4 أسراب طائرات روسية ضد سلاح الجو وخلال ذلك دارت بين إسرائيل وروسيا حرب إلكترونية، حاول كل طرف فيها أن يكون فيها متفوقاً على الطرف الآخر. ولكوني ضالعاً في سياق تلك الحرب في حينه، في وسعي القول إن أي تصعيد روسي استلزم تصعيداً إسرائيلياً، وكان هناك إصرار في الجانب الإسرائيلي على تحقيق هذه المعادلة. وبلغت ذروة تلك المواجهة عندما صادقت رئيسة الحكومة الإسرائيلية آنذاك غولدا مئير على نصب فخ جوي للطيارين الروس وإسقاط 5 طائرات روسية من طراز “ميغ” في تموز/ يوليو 1970. وبعد هذه الحادثة بـ10 أيام أُعلن وقف لإطلاق النار انتهى في حرب يوم الغفران في سنة 1973 [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، بعد يوم واحد من مغادرة آخر الخبراء الروس الأراضي المصرية. ويقدّر معظم المحللين أن نتيجة تلك الحرب كانت التعادل.
أمّا المواجهة المباشرة الثانية بين إسرائيل وروسيا فقد وقعت في الأسبوع الأول من حرب يوم الغفران حين نجح المصريون والسوريون، بمساعدة صواريخ أرض – جو روسية، في إسقاط 60 طائرة من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، أي نحو ثلث الأسطول الجوي الإسرائيلي.
إن تجربة الماضي تثبت أن النجاح في المواجهة ضمن حقل الحرب الإلكترونية ضروري من أجل تحقيق النصر. ومثل هذا النجاح يمكن تسجيله عن طريق المساس بقدرة توجيه الوسائل القتالية نحو أهدافها، وتعطيل منظومات التوجيه عبر الأقمار الاصطناعية ومنظومات الاتصال بين الطائرات. وهنا يكمن عصب المواضيع المصيرية.

*مقال راي من صحيفة يديعوت احرونوت

* الرئيس السابق لجهاز الموساد ومجلس الأمن القومي الاسرائيلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق