ـ بغداد ـ من سعيد عبدلله ـ ليست من الصدفة أن تعقب زيارة رئيس النظام الإيراني حسن روحاني الى العراق التي اختتمها الأسبوع الماضي زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى بغداد نهاية الشهر الحالي، فالزيارتان تأتيان في إطار اتفاق أنقرة مع طهران لتقاسم الأدوار في العراق.
واختتم رئيس النظام الإيراني حسن روحاني في 13 آذار/ مارس الحالي زياراته الى العراق بعد توقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم في المجالات التجارية والأمنية والاقتصادية والطاقة وترسيم الحدود والحقول النفطية المشتركة، وأخرى تتعلق بإعفاء الإيرانيين من الرسوم المترتبة على دخولهم العراق في إطار مشروع الحرس الثوري للالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وتواصل تركيا مساعيها لمساعدة إيران من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية مقابل تقاسم الأدوار مع الإيرانيين في العراق فالأطماع التركية الإيرانية للسيطرة على العراق.
ففي وقت الذي تعمل أنقرة من أجل السيطرة على الموصل وكركوك ومناطق أخرى في شمال العراق، تسعى طهران لترسيخ نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق خصوصا في بغداد ومدن الجنوب والمدن الكردية المحاذية لكردستان إيران في إقليم كردستان العراق كمدينتي السليمانية وحلبجة الأمر الذي يجعل الدولتين في تسابق لتنفيذ مخططاتهما في العراق.
وتستعد أنقرة وطهران الى جر العراق الى تشكيل تحالف ثلاثي تشمل كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية بين الدول الثلاثة لإبعاد العراق عن التحالف العربي المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي تخفيف العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني.
ويتمثل التحالف العسكري بين الدول الثلاث الذي أعلن عن تشكيله في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2017 عقب زيارة رئيس أركان جيش النظام الإيراني الجنرال محمد حسين باقري الى أنقرة على رأس وفد كبير منتصف آب/ أغسطس من العام ذاته الى أنقرة واجتماعاته مع الرئيس التركي والمسؤولين الأتراك ومن ثم زيارة رئيس الأركان التركي الجنرال خلوصي آكار إلى طهران، ثم زيارة اردوغان نفسه، وبعدها زيارة نظيره العراقي الفريق الأول ركن عثمان الغانمي إلى طهران لمناقشة دور بغداد في مشروع التحالف الثلاثي، واتفقت الدول الثلاث عسكريا خلال تلك الاجتماعات جملة اتفاقيات عسكرية في مجالات التدريب والتسليح والتنسيق الى جانب اتفاقيات اقتصادية لتأمين وصول العملة الصعبة الى ميليشيات الحرس الثوري الإيرانية الإرهابية، وأشرفت ميليشيات الحرس الثوري على توقيع العديد من الاتفاقيات مع الجانبين العراقي والتركي التي تصب جميعها في مجال مساعدة إيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي لم تكن مفروضة على طهران في حينها لكن الإدارة الأمريكية كانت تستعد لفرضها.
وقال الخبير السياسي والاستراتيجي العراقي علاء النشوع لـ”” “النظامين التركي والإيراني لا يريدان دولة عراقية ذات سيادة، فقد أضعفت إيران العراق ودمرته، ونشهده اليوم هو جانب من عملية تقاسم الأطماع في الشرق الأوسط بين أنقرة وطهران، فشمال العراق يخضع لتركيا وجنوبه لإيران، وسيؤدي التحالف التركي الإيراني العراقي الى وصول توغل الدولتين الى وسط العراق وما تبقى من المدن العربية”.
وكشف سياسي عراقي مقرب من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، لـ”” مفضلا عدم ذكر اسمه، أن “التحالف المقرر تشكيله بين العراق وتركيا وإيران ستنظم إليه قطر قريبا، والهدف منه مواجهة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وضمان العراق كمصدر رئيسي لتمويل عمليات الحرس الثوري في المنطقة مقابل تقاسم الأدوار بين إيران وتركيا وقطر في سوريا والعراق”، مشيرا الى أن العراق تمثل مصدرا اقتصاديا مهما لطهران وأنقرة وكذلك للدوحة التي تشرف على عمليات تصدير النفط الإيراني المهرب الى الخارج وتحتضن في بنوكها الأموال الصعبة من إيرادات بيع هذا النفط التي تحولها فيما بعد الى إيران عبر العراق، مؤكدا أن الميليشيات الإيرانية والأحزاب التابعة لقطر في العراق تسلط الضغط على الحكومة العراقية للانضمام الى هذا التحالف.
وأعلن السفير التركي في العراق فاتح يلدز في مقابلة متلفزة مع احدى القنوات المحلية العراقية في الأول من مارس الحالي أن الرئيس التركي اردوغان سيزور العراق بعد انتهاء الانتخابات المحلية في تركيا المقرر اجرائها في 31 مارس، مبينا أن الزيارة تأتي في إطار تشكيل تحالف ثلاثي بين تركيا والعراق وإيران لإيقاف التدخلات الخارجية على حد تعبيره.