شرق أوسط

قوات سوريا الديموقراطية تضيّق الخناق على جيب تنظيم داعش

ـ الباغوز ـ تعمل قوات سوريا الديموقراطية الإثنين على تضييق الخناق أكثر فأكثر على مقاتلي تنظيم داعش المحاصرين في شرق سوريا، تزامناً مع خوضها اشتباكات عنيفة واستهدافها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية جيبهم الأخير في الباغوز.

ويأتي تصعيد العمليات العسكرية غداة اعلان هذه الفصائل أن لا مهلة زمنية محددة لانتهاء المعركة، مع ترجيحها وجود الآلاف وبينهم مقاتلون رافضون للاستسلام داخل الجيب المحاصر.

وقال مسؤول كردي في قوات سوريا الديموقراطية لوكالة فرانس برس الإثنين في الباغوز “تقدمت قواتنا داخل المخيم ليلاً وسيطرت على مبان عدة، قبل أن تتابع تقدمها صباح الإثنين وتطوق داعش من ثلاث جهات” بينما يوجد نهر الفرات من الجهة الرابعة.

ويقتصر وجود التنظيم حالياً في الباغوز الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، على مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتد حتى الحدود العراقية.

من على جرف صخري مطل على الباغوز، شاهدت صحافية في وكالة فرانس برس سحباً من الدخان تتصاعد من المخيم بمحاذاة النهر.

وكان أحد مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية يرصد بمنظار تحركات مقاتلي التنظيم المتوارين بين خيم وشاحنات صغيرة متوقفة قربها، ثم ينادي زميله ليسارع إلى اطلاق النار. يفرغ الأخير ذخيرته ثم يأخذ مقاتل آخر مكانه بينما يُسمع دوي طلقات رشاشة وقذائف مدفعية من محاور أخرى.

في الوقت ذاته، شنت طائرات التحالف ضربتين على الأقل بمحاذاة النهر بعد رصد تحركات لمقاتلين من التنظيم قرب جسر مدمر كان يربط ضفتي الفرات.

وأبطأت هذه الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف، مراراً وتيرة عملياتها وعلّقتها أحياناً خلال الأسابيع الماضية، إفساحاً في المجال أمام خروج عشرات آلاف الأشخاص غالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم وبينهم عدد كبير من الأجانب.

وقال المتحدث باسم التحالف شون راين لفرانس برس الإثنين إن “الهجوم البري لقوات سوريا الديموقراطية كان فعالاً للغاية”، موضحاً أن هذه القوات “تواصل اتباع مقاربة مدروسة ومنهجية لانهاء آخر مناطق سيطرة داعش”.

“هذا رصاصهم”

في تغريدة ليل الأحد الإثنين، أفاد مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي عن سيطرة قواته “على مواقع عدة” داخل جيب التنظيم. وقال إنها “تسيطر حالياً على أبنية داخل المخيم”.

ولا تملك هذه القوات تصوراً واضحاً عن عدد الأشخاص، سواء المقاتلين أم المدنيين من أفراد عائلاتهم، المتبقين في البقعة المحاصرة، بعدما فاقت أعداد الخارجين في الأسابيع الأخيرة كل التوقعات.

ورجح المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية كينو غابرئيل خلال مؤتمر صحافي الأحد، وجود “نحو خمسة آلاف شخص” في الداخل بناء على ما “تم إعلامنا به من قبل المجوعة الأخيرة التي خرجت”. إلا أنه شدد في الوقت ذاته على أن “هذا الرقم ليس مؤكداً وليس رسمياً”.

وبعدما كانت هذه القوات توقعت نهاية كانون الثاني/يناير حسم معركتها ضد التنظيم في مهلة أقصاها شهر، قال كينو “ليس لدينا جدول زمني دقيق لإنهاء العملية”، آملاً “ألا تستغرق أكثر من أسبوع”.

ويقول قياديون في قوات سوريا الديموقراطية إن وجود المزيد من المدنيين داخل الجيب يعيق تقدمهم لحسم المعركة فضلاً عن تصدي التنظيم بشراسة للهجوم، معتمداً على هجمات انتحارية وأنفاق يشن منها هجماته.

في موقع لقوات سوريا الديموقراطية داخل بلدة الباغوز، أفادت صحافية في وكالة فرانس برس ليل الأحد الإثنين عن قصف كثيف استهدف المخيم بمختلف انواع الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون، تزامناً مع توجيه ضربات جوية.

وخلال فترات الهدوء بين جولات القصف، كان مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية يتساءلون عن سبب عدم رد التنظيم، قبل أن يتصاعد اطلاق النار من الجهة الأخرى. ويقول أحد المقاتلين بانفعال “بدأوا الرد، يبدو أنهم سيقاومون.. هذا رصاصهم”.

 عبء كبير

وتمكن 15 شخصاً، وفق ما ذكر أحد المقاتلين لفرانس برس، من الفرار الأحد قبل وقت قصير من اندلاع المعارك، بينهم ثلاثة رجال فضلاً عن امرأة تركية وأخرى صومالية مصابة. وأوضح “فرّ هؤلاء بعدما حل الظلام وذهبنا لملاقاتهم وأخرجناهم من المنطقة قبل بدء العملية”.

وعلى وقع تقدمها العسكري، أحصت قوات سوريا الديموقراطية خروج أكثر من 66 ألف شخص من جيب التنظيم منذ التاسع من كانون الثاني/يناير، بينهم 37 ألف مدني و5000 ارهابي ونحو 24 ألفاً من أفراد عائلاتهم. كما أفادت عن اعتقال “520 إرهابياً في عمليات خاصة”.

ويرتب هذا العدد أعباء كبيرة على قوات سوريا الديموقراطية، مع اكتظاظ مراكز الاعتقال التي يُنقل إليها المشتبه بارتباطهم بالتنظيم، والمخيمات التي يُرسل إليها المدنيون وأفراد عائلات مقاتلي التنظيم، وينهم عدد كبير من الأجانب، لا سيما مخيم الهول شمالاً.

ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.

وتشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تسفر كافة الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق