بكر عويضة
أيُعقل أن يدعو عاقل أي طرف لاحتلال أي جزء من بلده؟ بلا جدال: كلا. إنما، إذا وصل التناحر بين أطراف تتحكم في مصير البلد ذاته، ويزعم كلٌ منها ولاءً للوطن أقوى إخلاصاً من ولاء الآخرين، فماذا نفعل؟ إذ أننا نرى أن تصارع تلك القوى يؤدي، ضمن ما يؤدي إليه، إلى بؤس متعدد الأوجه والأبعاد، يعانيه وحدهم العِباد المغلوبون على أمرهم، من نار مآسي الانقسام، ويضع الحد القاضي نهائياً على صراعات قادة تنظيماته، وبالتالي يعيد الصواب إلى رؤوس قيادات فلسطينية أضاعته، وتكاد تضيِّع معه ما بقي من جذوة أمل ترفض أن تنطفئ في كل قلب فلسطيني يرفض أن ينبض بأي ولاء يتقدم على حب فلسطين.
إذا لم يفق هؤلاء القائمون على القطاع فإنه لا محالة مقبل على كارثة، فوفق تقرير نشرته «الشرق الأوسط»، أول من أمس (الاثنين)، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن «المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيليّة (الكابينيت) بحضور جميع قادة الأجهزة الأمنية، تباحث مؤخراً في خطّة لاحتلال قطاع غزة في أي حرب مقبلة». المصادر ذاتها تنقل عن «مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي»، وفق التقرير، أن «الخطّة التي بلورها (الكابينيت) تتضمّن – بالإضافة إلى احتلال القطاع في حال نشوب حرب – إلحاق ضرر شديد بحركة (حماس)، وبقدرتها على التعافي من آثار الضربة، والاحتفاظ باحتلال القطاع إلى حين التوصّل إلى حلّ سياسي مستقرّ ومتوافق عليه». إذا صح ما أفصح عنه كلام مصادر تل أبيب هذا، فالأرجح أن يصح فيه كذلك القول إنه كلام أناس فقدوا هم أيضاً صوابهم. يعرف جنرالات إسرائيل، أكثر من غيرهم، أن حروبهم كافة، التي خاضوها في قطاع غزة، منذ غادره جيشهم، لكنه بقي متحفزاً على أطرافه، ما كان أي منها مجرد نزهة. مع ذلك، يبقى سؤال جدير أن يُثار: ما مبرر أن يعيد جنرالات إسرائيل، بين وقت وآخر، التلويح بالعودة إلى احتلال القطاع؟ الجواب، بلا كثير تردد، يجب أن يُحال، في تقدير كثيرين، على قيادات حركتي «حماس» و«فتح»، حاملتي لواء انقسام سوف يُسألون جميعهم، تاريخياً، عما فعلوه كي ينهوه لحظة وقوعه، بدل تركه يتمدد كل تلك السنين كما خلايا سرطانية تفتك بجسم عليل.
بالطبع، من المحتمل أن هذا الحديث عن تباحث إسرائيلي بشأن إعادة احتلال القطاع، إنما يثار ضمن سوق التنافس بين زعامات إسرائيل السياسية، خصوصاً في حمى سباق انتخابات الشهر المقبل. لكن ليس الغريب أن واقع حاضر غزة، ومستقبل أهلها، إضافة إلى مستقبل فلسطين كلها، حاضرٌ ضمن المزيدات السياسية للأحزاب في تل أبيب، بل الأغرب هو أن يواصل أغلب ساسة الشعب الفلسطيني ممارسة اللعب السياسي بلا أي اكتراث لعامل الزمن، وبلا أي التفات لما جرَّ، وسيظل يجُر، ذلك الانقسام البغيض من ويلات على أحوال الناس، وعلى مصير الأرض، كأنهم سياسيون في كوكب آخر، وكأن مجرد تكرار كلامهم بشأن «ضرورات التفاهم»: «وحتمية المصالحة»، على نحو يعيد تدوير «مانشيتات» الصحف، لا أكثر ولا أقل، سوف يسهم في الوصول إلى الحل الذي يطالب به كل الفلسطينيين.
وما ذاك الحل؟ ببساطة، ما هو اقتطاع شبر من كوكب القمر، أو المريخ، إنه باختصار، إعادة قطاع غزة إلى الوضع الطبيعي… جزء من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، التي نشأت بموجب اتفاق أوسلو المُوقع في البيت الأبيض بواشنطن يوم 13 – 9 – 1993 بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. قبل أكثر من ربع قرن مضى، راود الفلسطينيين أملُ قيام دولة تجمعهم. ها هم يأملون أن يكف أغلب ساستهم عن عبث اللعب في ملاعب أطراف غير معنية بوحدتهم ولا بمصالحهم. لو حصل هذا، لما بحث «كابينيت» تل أبيب إعادة احتلال غزة، ولما اضطرت «حماس» للتعامل بعنف مع مظاهرات تطالب بمرتبات ترفض دفعها أجهزة حكومية في رام الله. حقاً، أي عبث هذا بأحوال الناس، وإلى متى؟ أليس من الواضح للقيادات في «حماس» و«فتح» أن مرارة ما في القلوب بلغت الحناجر، فما العجب إذا انفجر غضب بالصدور مكظوم، وخرجت جموع من الشعب إلى الشارع، تقول بفمٍ ملآن: كفى؟
إذا لم يفق هؤلاء القائمون على القطاع فإنه لا محالة مقبل على كارثة، فوفق تقرير نشرته «الشرق الأوسط»، أول من أمس (الاثنين)، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن «المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيليّة (الكابينيت) بحضور جميع قادة الأجهزة الأمنية، تباحث مؤخراً في خطّة لاحتلال قطاع غزة في أي حرب مقبلة». المصادر ذاتها تنقل عن «مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي»، وفق التقرير، أن «الخطّة التي بلورها (الكابينيت) تتضمّن – بالإضافة إلى احتلال القطاع في حال نشوب حرب – إلحاق ضرر شديد بحركة (حماس)، وبقدرتها على التعافي من آثار الضربة، والاحتفاظ باحتلال القطاع إلى حين التوصّل إلى حلّ سياسي مستقرّ ومتوافق عليه». إذا صح ما أفصح عنه كلام مصادر تل أبيب هذا، فالأرجح أن يصح فيه كذلك القول إنه كلام أناس فقدوا هم أيضاً صوابهم. يعرف جنرالات إسرائيل، أكثر من غيرهم، أن حروبهم كافة، التي خاضوها في قطاع غزة، منذ غادره جيشهم، لكنه بقي متحفزاً على أطرافه، ما كان أي منها مجرد نزهة. مع ذلك، يبقى سؤال جدير أن يُثار: ما مبرر أن يعيد جنرالات إسرائيل، بين وقت وآخر، التلويح بالعودة إلى احتلال القطاع؟ الجواب، بلا كثير تردد، يجب أن يُحال، في تقدير كثيرين، على قيادات حركتي «حماس» و«فتح»، حاملتي لواء انقسام سوف يُسألون جميعهم، تاريخياً، عما فعلوه كي ينهوه لحظة وقوعه، بدل تركه يتمدد كل تلك السنين كما خلايا سرطانية تفتك بجسم عليل.
بالطبع، من المحتمل أن هذا الحديث عن تباحث إسرائيلي بشأن إعادة احتلال القطاع، إنما يثار ضمن سوق التنافس بين زعامات إسرائيل السياسية، خصوصاً في حمى سباق انتخابات الشهر المقبل. لكن ليس الغريب أن واقع حاضر غزة، ومستقبل أهلها، إضافة إلى مستقبل فلسطين كلها، حاضرٌ ضمن المزيدات السياسية للأحزاب في تل أبيب، بل الأغرب هو أن يواصل أغلب ساسة الشعب الفلسطيني ممارسة اللعب السياسي بلا أي اكتراث لعامل الزمن، وبلا أي التفات لما جرَّ، وسيظل يجُر، ذلك الانقسام البغيض من ويلات على أحوال الناس، وعلى مصير الأرض، كأنهم سياسيون في كوكب آخر، وكأن مجرد تكرار كلامهم بشأن «ضرورات التفاهم»: «وحتمية المصالحة»، على نحو يعيد تدوير «مانشيتات» الصحف، لا أكثر ولا أقل، سوف يسهم في الوصول إلى الحل الذي يطالب به كل الفلسطينيين.
وما ذاك الحل؟ ببساطة، ما هو اقتطاع شبر من كوكب القمر، أو المريخ، إنه باختصار، إعادة قطاع غزة إلى الوضع الطبيعي… جزء من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، التي نشأت بموجب اتفاق أوسلو المُوقع في البيت الأبيض بواشنطن يوم 13 – 9 – 1993 بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. قبل أكثر من ربع قرن مضى، راود الفلسطينيين أملُ قيام دولة تجمعهم. ها هم يأملون أن يكف أغلب ساستهم عن عبث اللعب في ملاعب أطراف غير معنية بوحدتهم ولا بمصالحهم. لو حصل هذا، لما بحث «كابينيت» تل أبيب إعادة احتلال غزة، ولما اضطرت «حماس» للتعامل بعنف مع مظاهرات تطالب بمرتبات ترفض دفعها أجهزة حكومية في رام الله. حقاً، أي عبث هذا بأحوال الناس، وإلى متى؟ أليس من الواضح للقيادات في «حماس» و«فتح» أن مرارة ما في القلوب بلغت الحناجر، فما العجب إذا انفجر غضب بالصدور مكظوم، وخرجت جموع من الشعب إلى الشارع، تقول بفمٍ ملآن: كفى؟
الشرق الأوسط