السلايدر الرئيسيتحقيقات

تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي وصفقة القرن أبرز ملفين بحثهما العراق مع مصر والأردن في القمة الثلاثية

سعيد عبدالله

ـ بغداد ـ من سعيد عبدالله ـ لم تكن القمة الثلاثية التي جمعت رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بالملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة اليوم قمة اعتيادية بل تأتي في اطار الاستعدادات الدولية لتدشين تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي (ميسا) التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأسيسه لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ورغم أن البيان النهائي للمؤتمر لم يشر الى تحالف الشرق الأوسط الا أن مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي كشفت لـ”” أن هذه القمة جاءت تكملة لجهود الملك الأردني الذي زار العراق منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي الذي يسعى الى تفعيل التحالف بمشاركة العراق الذي يعتبر محورا رئيسيا في المعادلات الجديدة في المنطقة إثر احتضانه لأكبر نفوذ إيراني عسكري وسياسي واقتصادي، وتعمل الولايات المتحدة الى انقاذ العراق من التغلغل الإيراني الذي يسعى الى تحويل العراق الى ساحة حرب في الشرق الأوسط.

وشدد البيان الختامي للقمة العراقية الأردنية المصرية على العمل المشترك بين الدول الثلاث من أجل تعزيز مستوى التنسيق بينها والاستفادة من الإمكانات التي يتيحها تواصلها الجغرافي وتكامل مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، بالإضافة للروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية بين الشعوب الثلاثة، وذلك لتطوير التعاون في مختلف المجالات، في ظل ظروف دقيقة تمر بها منطقة الشرق الأوسط والتحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي.

وأكد البيان على استمرار الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب ومواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل أو التسليح أو توفير الملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية، مشددين على أهمية استكمال المعركة الشاملة على الإرهاب، خاصة في ضوء الانتصار الذي حققه العراق في المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي، والتضحيات التي بذلها أبناء الشعب العراقي في هذا الإطار، وانتهاء السيطرة المكانية لتنظيم داعش في سورية.

وقال الصحفي العراقي صابر عبدالرحمن لـ””: “القمة تأتي في إطار الجهود الأمريكية لإعادة العراق الى حضنه العربي وابعاده عن إيران ومساعي إيران لجعل العراق الى جانبه كي تتمكن من مواجهة العقوبات الأمريكية لأن العراق حاليا تمثل البوابة الأهم لإيران التي بمساعدتها تتمكن طهران من الالتفاف على العقوبات التي تفرضها واشنطن منذ آب/ أغسطس من العام الماضي على النظام الإيراني”.

وأشار عبدالرحمن الى أن تفعيل العلاقات الاقتصادية بين مصر والأردن مع العراق هي أيضا تأتي في اطار اخراج العراق من السيطرة الاقتصادية الايرانية التركية، فأنقرة وطهران تسيطران بالكامل على الاقتصاد العراقي منذ عام 2003 ابان سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تشكيل تحالف أمني وسياسي مع دول الخليج العربي ومصر والأردن بهدف التصدي للنفوذ والتدخلات الإيرانية في الشرق الأوسط، وأعلنت واشنطن تموز/ يوليو من العام الماضي عزمها إنشاء نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي، أطلق عليها اسم “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”.

وأكدت البيت الأبيض أن التحالف الاستراتيجي سينشئ درعاً من أنظمة الدفاع الجوي يكون بمثابة حماية دول الحلف من الصواريخ الباليستية الإيرانية، وتشير واشنطن الى أن التحالف سيساهم في استقرار الشرق الأوسط وابعاد الشر والإرهاب الإيراني عنه. وتعمل القوات الأمريكية على إعادة تأهيل قواعدها القديمة في العراق وانشاء قواعد جديدة وهي ضمن الجهود المتواصل لتأسيس التحالف المذكور الذي يشمل الى جانب دول مجلس التعاون الخليجي كلا من مصر والأردن والعراق إضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وسبقت القمة الثلاثية اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاثة إضافة الى اجتماع اخر لرؤساء أجهزة مخابراتها التي تجمعها تنسيق مشترك سابق في الحرب ضد داعش لكنها تسعى الى تعميق هذا التنسيق في إطار التحالف الاستراتيجي ليكون دورها عابر للحدود.

وقال وزير الخارجية العراقية عقب اجتماعه مع نظيريه الأردني والمصري في القاهرة في تغريدة على صفحته على تويتر: “الدبلوماسية العراقية الهادئة والمحسوبة والتي تجمع البلدان على التعاون الاقتصادي والسياسي والامني والثقافي وبناء المصالح المشتركة. بغداد اليوم هي نقطة التقاء وبناء لأشقائنا وأصدقائنا لا نقطة خلاف ونزاع”.

ولعل الملفات الرئيسية التي بحثها القادة الثلاثة في القمة الى جانب ملف التحالف الاستراتيجي، تمثلت بملفات عدة في مقدمتها كيفية التعامل مع ملف محاربة الإرهاب خلال المرحلة القادمة، فالدول الثلاثة تمتلك رؤى مشتركة بشأن الأوضاع في سوريا وليبيا، إضافة الى ملف التحركات التركية واستعدادات انقرة لاجتياح الشمال السوري وكذلك عدد من المناطق العراقية خصوصا سنجار التابعة لمحافظة الموصل التي تقول أنقرة أنها تحتضن معسكرات لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، الى جانب ملف صفقة القرن التي تتبناه واشنطن للسلام بين العرب وإسرائيل.

أما الجانب الاقتصادي فهو الاخر يحتل أهمية كبيرة خصوصا أن مصر والأردن تبحثان عن بعد اقتصادي وهذا البعد يتمثل في العراق، فالقاهرة وعمان شهدتا خلال السنوات الماضية أزمات اقتصادية شديدة لذلك التنسيق الاقتصادي مع العراق سيؤدي الى ازدهار اقتصادي في هاتين الدولتين وللعراق أيضا، فبغداد تعمل على تطوير خط أنابيب تصدير النفط عبر الأردن الى ميناء العقبة بحيث لا تنتهي عند العقبة بل يمتد لتوصل النفط الى مصر.

وشهدت بغداد زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في 14 يناير الماضي التي أعدت الأولى من نوعها منذ نحو عشرة أعوام، فالزيارة الأولى للملك الأردني جرت في عام 2008 وكانت في وقتها أول زيارة لزعيم عربي يزور العراق بعد سقوط نظام حزب البعث وتأسيس العملية السياسية الجديدة في العراق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق