السلايدر الرئيسيثقافة وفنون
الدورة الخامسة لأيام قرطاج.. رفعت راية التونسي المتسامح بشعار “هناك مكان للجميع”
– تونس – يعيش التونسيون هذا الأسبوع على وقع الحفلات والموسيقى بمناسبة الدورة الخامسة من مهرجان أيام قرطاج الموسيقية وكانت البداية أمس السبت بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، بحفل للموسيقى التراثية التونسية بقيادة عازف الكمان التونسي زياد الزواري. وتستمر فعاليات المهرجان حتى يوم 06 أكتوبر 2018 بتنظيم 9 عروض فنية. وتحمل هذه الدورة شعار “هناك مكان للجميع”.
ويحيل شعار هذه الدورة على روح التسامح والتعايش التي تعد أبرز ميزات المجتمع التونسي الذي عرف بحفاوته وبانفتاحه على الآخر المختلف سواء تونسيا من ديانات غير إسلامية أو من انتماءات سياسية وإيديولوجية مختلفة أو الآخر بمعني الأجنبي أي جل من يزور تونس سواء سائحا أو غيره. فلطالما رفع التونسيون شعار التعايش والتسامح فيما بينهم وشعار الانفتاح على الآخر المنتمي لأي مكان في العالم.
ولعل اختيار شعار “هناك مكان للجميع” في هذه المرحلة التي تعيشها تونس بما تتسم به من اضطراب ومشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية بالتزامن مع تصاعد التيارات المتطرفة غير المتسامحة مع الآخر المختلف عنها بجانب صعود موجة التشدد الديني والإرهاب في تونس وفي العالم بأسره، يندرج ضمن رسالة أراد المهرجان من خلالها التذكير بسليقة التونسيين المتسامحة والتي تقوم على قبول وحب الآخر، وأيضا رسالة أخرى مفادها أن الفنون والموسيقى سوف تظل على مر الأزمان مظلة تجمع الجميع باختلافاتهم مرسخة القيم الإنسانية والكونية السامية.
أما الأبعاد الرمزية التي تهم المجتمع فهي متعددة الأوجه والمعاني فتزامن المهرجان الموسيقي في قرطاج تحت شعار “هناك مكان للجميع” مع الوضع الاجتماعي الراهن، الذي يراه التونسيون متأزما على جل الأصعدة، يقدم صورة لشعب محب للحياة و”عياش” (مثلما يصف التونسي نفسه) أي أنه إنسان محب للعيش وللحياة حتى في أشد الظروف صعوبة. والحضور الجماهيري الغفير لحفل الافتتاح الذي قدم في سهرة السبت يقيم الدليل على ذلك. فالتونسيون يأبون أن يكونوا شعبا متشائما ولا حاضنا للإرهاب وللتطرف وللعداء تجاه الآخر مهما كان مختلفا عليهم وهم بدورهم يرفعون بحضورهم شعار أن في تونس يوجد مكان للجميع.
ولخص حفل الافتتاح للدورة الخامسة لمهرجان الموسيقى هذه الأبعاد وجمع بين البعد الحضاري والتاريخي والبعد الحداثي والمنفتح على الآخر وعلى الثقافات المختلفة للتونسيين حيث حمل العرض موسيقى تونسية ثرية جمعت بين لغات الموسيقى التراثية وبين الموسيقى المعاصرة. وأقيم الحفل في أجواء احتفالية وبهرج تنظيمي حيث بسط السجاد الأحمر في مدخل مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بالعاصمة ليمر عليه ضيوف المهرجان من فنانين وموسيقيين ووجوه إعلامية إلى جانب وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين ونجم الغناء التونسي والعربي صابر الرباعي الذي تم اختياره عرّابا للمهرجان في دورته الحالية.
وتوجه مدير الدورة الخامسة للمهرجان أشرف الشرقي بالمناسبة بكلمة بين فيها أهمية هذه التظاهرة في تكريس تجارب وابتكارات موسيقية من شأنها إثراء المدونة التراثية الموسيقية في تونس، كما قدم مدير المهرجان مقطوعة في العزف المنفرد على آلة العود. فيما شدد الفنان صابر الرباعي على أهمية هذا المهرجان باعتباره منصة لإطلاق المواهب الشابة والتعرف على لهجاتهم الموسيقية المتنوعة والمختلفة.
وجمع العرض الأول “زياد الزواري وضيوفه” اللهجات الموسيقية التونسية التي تضمنت البدوي والسطنبالي ومختلف الأوجه الموسيقية التراثية التونسية بتصور فني يحمل رؤية حديثة تعكس بحثا موسيقيا عميقا ومتجددا. ومزج الزواري، عازف الكمان وقائد الفرقة الموسيقية المكونة من 11 عازفا ومغن، بين أجناس الموسيقى التونسية الشعبية والفلكلورية: البدوية والصوفية وموسيقى “السطمبالي”.
واعتمد عازفو الفرقة على آلات تونسية تراثية مثل “الهجهوج” و”القصبة” و”الناي” وأخرى حديثة مثل “القيثار الإلكتروني” و”الساكسوفون”. وبهذا العرض، وحَد الزواري مختلف ربوع تونس بملامسة وجدانها من خلال الموسيقى الخاصة بكل منطقة في شمال ووسط وجنوب البلاد.بمشاركة ثلة من الفنانين من مختلف جهات الجمهورية