شرق أوسط

عام على “مسيرات العودة” في قطاع غزة: عدد كبير من الضحايا وإنجازات قليلة

ـ غزة ـ يستعد الفلسطينيون في قطاع غزة السبت لتنظيم “مسيرة مليونية” بعد عام على إطلاق حركة احتجاجات وتظاهرات واعتصامات على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل، تخللتها مواجهات دامية تثير مخاوف من تصعيد أكبر.

وتتزامن هذه الذكرى مع “يوم الأرض”، وتأتي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وبعد أيام قليلة من مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحركة حماس بدأت بإطلاق صواريخ من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل، وطال أحدها تل أبيب، ما دفع إسرائيل الى الرد بعنف بقصف وغارات تسببت بدمار واسع.

وتسعى إسرائيل لتجنب موجة جديدة من التصعيد قبل انتخاباتها المقررة في التاسع من أبريل/نيسان.

وجذبت المسيرات التي انطلقت للمرة الأولى قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس/آذار العام الماضي وتواصلت على مدى سنة لا سيما ايام الجمعة، انتباه العالم، إلا أن الفلسطينيين ومحللين يتساءلون بعد عام استشهد فيه 258 فلسطينيا وجرح نحو سبعة عشر ألفا آخرون خلال هذه المسيرات، حول ما إذا كان التحرك حقّق أهدافه، وحول الاستراتيجية التي ينبغي اتباعها مع بدء العام الثاني.

ويطالب الفلسطينيون المتظاهرون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردوا أو غادروا ديارهم لدى قيام دولة إسرائيل في 1948.

وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو/أيار عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، واستشهد يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص إسرائيلي وأصيب المئات.

في بدايتها، أخذت المسيرات طابعا شعبيا وسلميا، وحددت الهيئة العليا لمسيرات العودة التي تضم حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى الموجودة في القطاع ومؤسسات مدنية وأهلية، خمسة مواقع رئيسية أقامت فيها مخيمات قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، لتجمع المحتجين.

وشكل إشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة والطائرات الورقية، أبرز أدوات المسيرات في أشهرها الأولى، قبل أن تتطوّر الى استخدام بالونات حارقة ومتفجرة، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.

وانتقد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان إسرائيل بسبب نوعية ردها على الاحتجاجات، معتبرين أن الجنود يطلقون النار على متظاهرين لا يشكلون تهديدا كبيرا. وترى إسرائيل أن ردها ضروري للدفاع عن الحدود، وتتهم حماس التي خاضت معها ثلاث حروب منذ 2008، بالوقوف وراء التظاهرات.

وقال تقرير للأمم المتحدة “إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عمداً على المدنيين في ما يمكن أن يشكل جرائم حرب”.

 “حلم”

وقتل خلال هذه الفترة ذاتها جنديان إسرائيليان.

ويقول أحمد أبو ارتيمة، وهو أحد أبرز الناشطين الذين أسسوا لفكرة “مسيرات العودة”، لوكالة فرانس برس “إن حلمي أصبح واقعا بنجاح الاحتجاجات أسبوعيا”، لكنه يقر “أن تحقيق الأهداف ليس بالأمر السهل وينبغي الكفاح لمواصلة المسيرات بطابعها الشعبي والسلمي”.

ويؤكد أن “ما حدث ليس بالضبط ما كنت أتمناه، لكن هناك فرقا بين الحلم والواقع”.

ويعمل أبو ارتيمة، وهو من عائلة فلسطينية لاجئة، مع آخرين، على نشر دعوات عبر “فيسبوك” للتجمع قرب الحدود للاحتجاج على استمرار الحصار على قطاع غزة الفقير، وتثبيت حق العودة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة أن “المسيرات بدأت سلمية ثم أدرجت فيها فعاليات عنف مثل البالونات الحارقة والمتفجرة، هذا أعطى لإسرائيل مبررا للقتل بوحشية، هذا إخفاق”.

ويضيف “مع تحكم حماس بالمسيرات، تراجع الاهتمام العالمي بها، ينبغي أن تبقى قيادة المسيرات شعبية بعيدة عن الفصائل”.

ودعا رئيس حركة حماس إسماعيل هنية الأربعاء الفلسطينيين “للخروج في ذكرى يوم الأرض والمشاركة في مليونية العودة”.

ودعت الهيئة العليا الى إضراب عام السبت في كل الأراضي الفلسطينية.

ويرى ابو سعدة أن المسيرات حققت بعض أهدافها بـ”إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وقضية اللاجئين بعدما تراجعت بسبب الانقسام الفلسطيني والربيع العربي”.

ويؤكد أبو شرخ أن “مسيرة العودة الكبرى بأدواتها النضالية الشعبية والسلمية المشروعة هي أقوى رسالة للعالم لأن شعبنا متمسك بحق العودة ولن يمل المقاومة الشعبية السلمية غير العنيفة”.

 بين التفاؤل والملل

وتباينت آراء المواطنين الغزيين بين متفائل ومتشائم إزاء تحقيق أهداف المسيرات، في وقت تجاوزت نسبة البطالة لدى الشباب في القطاع 70 في المئة وفق إحصاء فلسطيني رسمي.

ويشارك أيمن المفلح (20 عاما) كل يوم جمعة في المسيرات، وقال لفرانس برس “نحن مللنا ولا نعرف إذا كنا سنحقق أهدافنا برفع الحصار وعودة اللاجئين، أنا غير متأكد لأن الكل ضدنا ونحن ضد بعض”.

أما بثينة العايدي (22 عاما)، وهي خريجة جامعية، فقالت “مسيرات العودة أفضل وسيلة حتى لا نتهم بالإرهاب، أريد أن أسمع صوتي الحر بسلام لكل العالم وبدون عسكرة، أنا أريد حرية وعودة إلى بيت جدي في بئر السبع”.

وقال عبد الجبار عبد الله (65 عاما) إنه يشارك في المسيرات في كل يوم جمعة لأنه يشعر ب”الشوق” لمدينة يافا التي هجرت منها عائلته. ويضيف “لا أتوقع أن أعود إلى يافا، ممكن أن يعود إليها أولادي وأحفادي”.

وقبل أسبوعين، نظم ناشطون في غزة حراكا شعبيا تحت عنوان “بدنا نعيش”، عن طريق دعوات أطلقوها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية الصعبة. ومنعت أجهزة الأمن في غزة التي تديرها حركة حماس، تظاهرات الحراك.

وعبر أبو ارتيمة عن شعور بـ”خيبة أمل” إزاء إجراءات حماس ضد الحراك.

وقال “بدل القمع الأمني للمتظاهرين، كان يمكن ببساطة أن تدعو حماس أنصارها للمشاركة الحاشدة مع هؤلاء المواطنين وكذلك فتح حوار معهم. كيف سنقنع العالم بحقنا في التظاهر السلمي ضد الاحتلال ونحن نقدّم صورا يفهم منها قمعنا لحق الناس في التظاهر السلمي”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق