شمال أفريقيا
البابا فرنسيس بالمغرب في زيارة تهدف لتطوير الحوار بين الأديان
ـ الرباط ـ يبدأ البابا فرنسيس السبت زيارة إلى المغرب تتمحور فعالياتها حول الحوار بين الأديان وقضايا المهاجرين، قبل أن يلتقي الأحد أتباع الديانة المسيحية التي تشكل أقلية في المغرب وأكثرية أفرادها من الأفارقة الجنوب صحراويين.
ويحل الزعيم الروحي لحوالى 1,3 مليار كاثوليكي في العالم في المغرب بدعوة من “أمير المؤمنين” الملك محمد السادس. وتندرج هذه الزيارة في إطار “تطوير الحوار بين الأديان”، بحسب السلطات المغربية.
ويستقبل الملك محمد السادس البابا عند نزوله في مطار الرباط سلا. ويتوجهان إثر ذلك في موكب نحو مسجد حسان التاريخي المطل على نهر أبي رقراق في العاصمة المغربية، على أن يسير البابا في سيارته المكشوفة الخاصة والعاهل المغربي في سيارة ليموزين.
وتزينت شوارع الرباط خلال الأيام الأخيرة استعدادا لاستقبال البابا. ويوجه كل من العاهل المغربي ورأس الكنيسة الكاثوليكية خطابا لحوالى 25 ألف شخص ينتظر حضورهم في ساحة مسجد حسان. ويحتمل أن توضع شاشات ضخمة خارج الساحة يبث عليها الخطابان إذا تجاوز الحضور سعتها.
“إسلام الوسطية والاعتدال”
ويتوجه البابا فرنسيس والملك محمد السادس بعد ذلك إلى القصر الملكي بالرباط حيث يجريان مباحثات ثنائية، قبل أن ينتقلا إلى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة في المدينة الجامعية بالعاصمة.
ويحتضن هذا المعهد أئمة ومرشدات دينيات مغاربة وأجانب من إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا، ويعمل على محاربة خطابات التطرف الديني. ويتلقى 1300 طالب وطالبة تكوينا متمحورا حول قيم “إسلام الوسطية والاعتدال” التي يتبناها الخطاب الديني الرسمي في المغرب.
وقال الناطق باسم البابا أليساندرو جيزوتي “إنها المرة الأولى التي يُستقبل فيها البابا في معهد لتكوين الأئمة، إنه حدث له دلالات كبرى”. ويشدد البابا باستمرار على رفض كل أشكال التطرف الديني.
وسيستمع البابا والعاهل المغربي لدى حلولهما بالمعهد لكلمتين يلقيهما طالبان، أحدهما من إفريقيا والثاني من أوروبا، وأخرى لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، من دون أن يتوجها للحاضرين بأي خطاب. كما يرتقب عزف موسيقى مستوحاة من الديانات التوحيدية الثلاث.
وزار البابا في شباط/فبراير الإمارات العربية المتحدة، في أول زيارة له الى بلد عربي. ووقع البابا مع شيخ جامع الأزهر أحمد الطيب على “وثيقة من أجل الأخوة الإنسانية” تنادي على الخصوص باحترام حرية العقيدة وحرية التعبير، وحماية دور العبادة، مع الدعوة إلى تمكين “الأقليات الدينية” من شروط مواطنة كاملة.
وسيشير البابا إلى هذه الوثيقة التي بات يوزعها على كل رؤساء الدول، بحسب الناطق باسمه.
وينص الدستور المغربي على أن “الإسلام هو دين الدولة الذي يضمن للجميع حرية ممارسة العبادة”. ويعتبر السواد الأعظم من المغاربة تلقائيا مسلمين، ما لم يكونوا من الأقلية اليهودية.
ويمارس اليهود المغاربة والمسيحيون الأجانب شعائرهم الدينية بحرية. في حين يضطر المغاربة الذين يعتنقون المسيحية إلى التخفي. وهم معرضون للملاحقة إذا جاهروا باعتناق دين آخر غير الإسلام بموجب قانون يجرم التبشير.
ويعاقب القانون الجنائي المغربي بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، كل شخص “استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى”.
ومنذ 2017، بدأت أقلية من المغاربة من معتنقي المسيحية تطالب علنا بـ”الاعتراف القانوني” بها و”ضمان حريات أفرادها الأساسية”.
مهاجرون
ومن المقرر أن يلتقي البابا مساء السبت مهاجرين في مركز جمعية “كاريتاس” الكاثوليكية الخيرية حيث سيلقي كلمة. وأنشأت الكنيسة الكاثوليكية المحلية مراكز استقبال للمهاجرين في عدد كبير من المدن المغربية.
وبات المغرب طريقا رئيسية لعبور المهاجرين من جنوب الصحراء نحو أوروبا. وأحبطت السلطات سنة 2018 نحو 89 ألف محاولة للهجرة، بينها 29 ألفا في عرض البحر، بحسب أرقام رسمية.
ويقول المغرب إنه يتبنى سياسة “إنسانية” في هذا الملف، إذ تمت تسوية أوضاع نحو 50 ألف مهاجر منذ 2014. بيد أن تقارير حقوقية دانت “هجمات عنيفة للقوات العامة” في عمليات “ترحيل قسري” لمهاجرين خلال الأشهر الماضية من مناطق العبور شمالا نحو وجهات أبعد جنوبا.
ويخصص البابا فرنسيس اليوم الثاني من زيارته للمغرب للمسيحيين، وسيحتضن المجمع الرياضي مولاي عبد الله بالرباط قداسا هو الأكبر الذي يشهده المغرب حتى الآن ويرتقب أن يشارك فيه نحو 10 آلاف شخص. (أ ف ب)