السلايدر الرئيسيتحقيقات
“اللوبي الاسرائيلي” في موسكو… خيانة الكرملين وتوريط روسيا بسباق التسلح
علي الخطايبة
ـ موسكو ـ من علي الخطايبة ـ يعتبر الكثير من المدونين الروس أن “اللوبي الاسرائيلي” في موسكو الذي تغلغل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في دوائر الحكم الروسية وكون شبكة علاقات سرطانية في جسد الدولة يؤدي أدورا ومخططات قذرة ترسمها له واشنطن والمنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة للإضرار بالمصالح القومية لروسيا.
ويمثل اللوبي سالف الذكر قلة من الأوليغارشيين أصحاب المليارات الذين زُرعوا من قِبل اسرائيل والولايات المتحدة داخل روسيا إبان حكم الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسن في عقد التسعينيات، وجمعوا أموالهم بطرق ملتوية من خلال صفقات شراء مشبوهة لقطاعات حكومية هامة ومنتجة بأثمان زهيدة.
ومن بين هذه المخططات الدور الذي لعبه هذا اللوبي بإقناع الحلقة الضيقة في الكرملين المحيطة ببوتين بعدم أهمية معاهدة إزالة الصواريخ النووية باعتبار أنها تقيد روسيا وتمنعها من حماية نفسها على المدى البعيد من بكين وطهران جنوبا حتى لندن غربا.
وشكّل هذا الدور حلقة ضمن سلسلة جهود قام بها اللوبي الاسرائيلي الأمريكي والإنجيليين في الولايات المتحدة بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية الأمريكية الهادفة إلى إلغاء المعاهدة النووية، وأصبحت هذه االمساعي قابلة للتنفيذ بعد وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الحكم.
ويعمل هذا اللوبي جاهدا على توريط روسيا بالانخراط في سباق تسلح مع الولايات المتحدة غير متكافئ من حيث إمكانيات التمويل بهدف إنهاك الاقتصاد الروسي الذي يواجه صعوبات أصلا بسبب تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية ضد موسكو التي لعب اللوبي ذاته الدور اللازم في إيجاد المبررات لفرض هذه العقوبات.
ويصف الكثير من المدونين الروس هؤلاء الأوليغارشيين اليهود الأقوياء بأموالهم المُسيطرة على عصب الاقتصاد الروسي بـ “الخونة”، لدرجة أن الرئيس بوتين يضطر للصبر على أفعالهم رغم تعاونهم مع واشنطن من أجل الحاق الضرر بالاقتصاد الروسي ودفع القيادة الروسية إلى تحويل موارد البلاد للإنفاق العسكري بدلا من استغلالها في تنمية الإقتصاد واحتياجات البنية التحتية، بهدف إجبار روسيا في نهاية المطاف القبول بوضع الدولة التابعة للولايات المتحدة وتنفذ سياسات واشنطن في العالم مثلها كمثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبقية الدول الأوروبية الأخرى وكذلك كندا واستراليا واليابان.
وكان الهدف الأساسي من معاهدة إزالة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى بالنسبة للإدارة الأمريكية حين توقيعها عام 1987 حماية حلفائها في أوروبا الغربية من أي هجوم صاروخي سوفيتي محتمل، في الوقت الذي رأت القيادة السوفيتية أن المعاهدة تحمي البلاد من هجمات مماثلة من قِبل حلف الناتو في أوروبا.
وتقول وثائق من أرشيف المخابرات المركزية الأمريكية رفعت عنها السرية، إن الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان استدعى مدير المخابرات المركزية الأمريكية بعد توقيع المعاهدة مع الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف بأيام إلى اجتماع في البيت الأبيض حضره عدد من مساعديه وقال خلال اللقاء، إن الوقت قد حان لوضع نهاية لـ”الحرب الباردة وتدمير الأسلحة النووية المرعبة والتي لا يقبل بها الرب”.
كما أشارت الوثائق إلى وجود تفاهمات بين ريغان وغورباتشوف اعتبرت أن معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى هي الخطوة الأولى لنزع السلاح النووي من الترسانتين الأمريكية والسوفيتية باعتبار أن لا مغزي لوجود الأسلحة النووية التي تدمر كل شيء حي على الأرض.
لكن نظرة صناع القرار في واشنطن وموسكو للمعاهدة في الوقت الراهن تغيرت عما كان عليه الحال قبل 3 عقود من الزمن، وريغان وغورباتشوف يختلفان تماما عن ترمب وبوتين، ولغة الحوار أصبحت شبة معدومة بين الجانبين الروسي والأمريكي.
إدارة ترامب تأمل بأرباح ضخمة جراء صناعة الصواريخ متوسطة المدى وبيعها للعديد من الدول في أقاليم متوترة مثل إقليم بحر الصين الجنوبي وغيرها، كما أن الطلب على هذه الصواريخ سيتزايد في أوروبا في غياب الضمانات التي وفرتها معاهدة الصواريخ النووية إذا ما تم الترويج للخطر الروسي.
وتحت عنوان التصدي لـ “التهديد الروسي” ستبدأ المصانع العسكرية الأمريكية بإنتاج الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى وسيتوحد الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس تحت مسميات مثل “الخطر القادم من روسيا” و”حماية الحلفاء في أوروبا” وغيرها طالما أن الأمر مجديا وسيرفد الخزينة بمئات مليارات الدولارات.
روسيا أيضا ستشرع بإنتاج الصواريخ التي مُنعت من صناعتها بموجب المعاهدة طيلة الـ 3 عقود الماضية بحجة حماية نفسها من خطر الصواريخ الأمريكية في أوروبا القريبة منها، وهذا ما يعتبره بعض المحللين السياسيين الروس الذين نادرا ما يظهرون على وسائل الإعلام الرسمية بمثابة نصر للوبي الاسرائيلي في روسيا.
وتشديد بوتين في عدة مناسبات على وجوب ضمان تنمية مستدامة في روسيا جنبا إلى جنب مع تطوير تسليح الجيش والأسطول البحري من أجل تحييد أية تهديدات محتملة من خلال إقرار موازنات مرنة وغير مسرفة يعني فهمه لطبيعة اللعبة القذرة التي يقوم بها الإوليغارشيين اليهود في روسيا وسعيهم لاستنزاف موارد البلاد في سباق التسلح.
ويسود انطباع لدى النشطاء على وسائل التواصل الإجتماعي في روسيا أن تسامح بوتين مع من وصفوهم بـ”الخونة” والحفاوة والاهتمام الزائد بنتنياهو لن يقنع الدول الغربية أن المجتمع الروسي منفتح على الآخر المختلف ويُسمح له بحرية التعبير، فالرأي العام الغربي يتشكل من خلال الإعلام الذي تسيطر عليه اللوبيات الاسرائيلية في الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية، وهذا الإعلام يروج للصورة التي ينقلها له اللوبي الاسرائيلي في موسكو.
ويقدم الإعلام الغربي صورة غير حقيقية عن الحياة في روسيا، ويصور شخصية بوتين على أنه رجل عصابات استولى على المال العام واقتطع لنفسه ثروة تقدر بـ 50 مليار دولار وأصبح أحد أغنى رجال العالم، وصبر الكرملين على خيانة اللوبي الاسرائيلي المحلي يولد قناعة لدى نظيره في واشنطن أن الفرصة أصبحت سانحة أمام البيت الأبيض لإعادة سيناريوهات الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا وكذلك رؤساء هندوراس والأرجنتين والبرازيل في روسيا.