السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي يعرض تصور الاستقلاليّين للنموذج التنموي و يقترح تعاقدا اجتماعيا جديدا
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن “مشروع الحزب بخصوص النموذج التنموي الجديد يتأسس على ضرورة وضع ضمانات لتقليص الفوارق الاجتماعية، وتأسيس ديمقراطية متطورة في البلاد، من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة.مضيفا ركزنا كذلك على ضرورة توسيع الفئة المتوسطة وتقويتها، من خلال محاربة الفقر، وتوفير وسائل الارتقاء الاجتماعي والشغل للشباب والنساء، من خلال مراجعة الحكامة، وتكوين رؤية استراتيجية تركز على تقوية القدرات بدل التركيز فقط على البنيات التحتية”.
وأكد بركة، أن الحديث عن النموذج التنموي يتطلب إشراك المواطنين، باعتبار هذا المشروع قضية وطنية”، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال يقترح تعاقدا اجتماعيا جديدا، تنطلق مقوماته واختياراته الكبرى من قانون إطار للمشروع الملكي لبناء تنمية مستدامة.
وأوضح الأمين العام لحزب الاستقلال، أن مشكلة المغرب خلال السنوات الأخيرة هي أزمة الثقة، مستدلا على ذلك بتراجع المشاركة في الانتخابات التي تتراوح بين 25 و30 بالمائة، وضعف الانخراط في النقابات وكل الوسائط الاجتماعية، حيث لا تتجاوز نسبة انخراط الشباب في الأحزاب السياسية 2 بالمائة. وأرجع ذلك إلى عدم الانسجام الحكومي، والشك والريبة التي تصاحب السياسة العمومية، ومنطق الارتباك والانتظارية.
وأبرز زعيم الاستقلاليين، أن “معضلة التدبير الحكومي هي مفارقة القرار السياسي للفعل السياسي بسبب البيروقراطية”. واقترح أن تصاحب مشاريع القوانين مراسيمها التنظيمية، حتى يتم تطبيقها فور المصادقة عليها. حيث أشار إلى إشكال آخر هو “عدم ملاءمة القوانين التي تستورد من الخارج لواقعنا، لأنها من جهة تتجاوز القدرات الحقيقية للمملكة، ومن جهة ثانية ينطلق المشرع من مبدأ أن “كل المغاربة غشاشون”، وهذا مؤشر آخر على أزمة الثقة في المجتمع المغربي، مما يفرض تبسيط هذه القوانين وجعلها قابلة للتطبيق، وفي حالة خرقها يلجأ حينئذ إلى الزجر والقضاء.
وكان قد دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، في افتتاحه للبرلمان السنة الماضية، إلى إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي وبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، بما يجعله قادرا على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين، والحد من الفوارق بين الفئات، ومن التفاوتات المجالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وذكر الملك محمد السادس، بأنه سعى، من خلال المبادرات والإصلاحات التي أطلقها، هذه السنة، لوضع اللبنات، ورسم بعض التوجهات، واعتماد نفس جديد، لا سيما بالتركيز على القضايا المستعجلة التي لا تقبل الانتظار، والتي تعد موضوع إجماع وطني، كالتربية والتكوين، والتشغيل وقضايا الشباب، ومسألة الدعم والحماية الاجتماعية. مضيفا أن المغرب يواجه رهانات وتحديات “متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة.
وأبرز أن المغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء.
وشدد العاهل المغربي، على حاجة المغرب أيضا إلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات، ، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وإلى البرلمانيين في مستوى هذه المرحلة، وما تتطلبه من خصال الوطنية الصادقة، ومن تعبئة جماعية، وحرص على جعل مصالح الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.
ويعتبر ملف النموذج التنموي الجديد محطة تقارب وجهات نظر خبراء اقتصاديين وفاعليين سياسيين حول أعطاب النموذج التنموي القديم في حالة وجوده، وكذا تصوراتهم للتوجهات الأساسية للنموذج التنموي الجديد. إذ يجمعون على أن المغرب لا يتوفر على نموذج تنموي حقيقي، وكل ما في الأمر مجرد تفكير فيه، والواقع أن هناك مخططات قطاعية هي التي حلت محل النموذج الذي كان يجب أن يكون. وعلى الرغم من نجاعة بعض المخططات التي حققت بعض التراكمات، إلا أن غياب الانسجام والرؤية الواضحة، جعلها قاصرة عن تحقيق الأهداف التنموية المطلوبة. هذا بالإضافة إلى تعدد المخططات التي ترتبط أساسا بعمر الولايات الحكومية، وبالتالي إنهاء مخطط قبل تحقيقه الأهداف المسطرة واستبداله بمخطط آخر، زيادة على تعثر عدد من المخططات دون تقييم أو محاسبة رغم الميزانيات الباهظة المخصصة له.
ففي الوقت الذي تشيد فيه تقارير وطنية ودولية بما حققه المغرب وتبرز أخرى لاختلالات الكبرى التي يعيشها المغرب. وفي هذا الصدد، أكد تقرير للبنك الدولي في تقرير تحت عنوان “المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الاقلاع الاقتصادي”، أن “المستوى المعيشي للمغاربة يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسيين في عام 1950، ولدى الإيطاليين في 1955، والإسبان في 1960، والبرتغاليين في 1965”. وأضاف التقرير أن المغرب يواجه ضرورة الاستجابة لتطلعات الشباب في الولوج بشكل أسرع إلى مستوى معيشي يقترب من المستوى المعيشي في البلدان الأكثر تقدما. ودعا البنك الدولي المغرب إلى تعزيز العقد الاجتماعي، القائم على النهوض بمجتمع منفتح، وإعادة تركيز عمل الدولة على مهامها السيادية، وتنمية الرأسمال البشري، وتعزيز الرأسمال الاجتماعي.
في المقابل ذكر التقرير ذاته، أن المغرب حقق خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، تقدما لا يمكن إنكاره، سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى الحريات الفردية والحقوق المدنية والسياسية، مما أتاح للمملكة إطلاق مسار اللحاق الاقتصادي ببلدان جنوب أوربا في أفق سنة 2040. وهو ما من شأنه أن يكفل للمغرب مكانة مستحقة بين البلدان الصاعدة بالنظر إلى المؤهلات التي يتوفر عليها.