العالم
القضاء الدولي يطلب من واشنطن وقف العقوبات “الانسانية” على ايران في نكسة لترامب
يواربيا – أمرت محكمة العدل الدولية الاربعاء الولايات المتحدة بوقف العقوبات على السلع “الانسانية” الموجهة لايران في نكسة قوية للرئيس الاميركي دونالد ترامب، في قرار اعتبرته طهران يؤكد أن إيران “محقة”.
ويأتي القرار المفاجىء للمحكمة، أعلى هيئة قضائية لدى الامم المتحدة تتخذ من لاهاي مقرا لها، بعدما نظر القضاة في الشكوى المقدمة من ايران لوقف العقوبات الاقتصادية التي اعاد ترامب فرضها بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم بين ايران والقوى الكبرى في أيار/مايو الماضي.
ومن المرجح أن يثير هذا القرار غضب ترامب الذي أعاد فرض العقوبات وأثار حينها استياء حلفائه. لكن ليس واضحا ما إذا كان الحكم سيسفر عن نتيحة عدا كونّه رمزيا، لأن واشنطن وطهران تجاهلت أحكاما مماثلة في الماضي.
وحكم القضاة بالاجماع بان العقوبات على بعض السلع تشكل انتهاكا “لمعاهدة الصداقة” المبرمة بين ايران والولايات المتحدة عام 1955.
وقال رئيس المحكمة القاضي عبد القوي أحمد يوسف إن “المحكمة توصلت بالاجماع الى أنه على الولايات المتحدة أن ترفع وعبر وسائل من اختيارها، كل عراقيل تفرضها الاجراءات التي أعلنت في 8 ايار/مايو 2018 على حرية تصدير أدوية ومواد طبية ومواد غذائية ومنتجات زراعية الى ايران”.
واعتبرت المحكمة أن العقوبات على سلع “مطلوبة لاحتياجات انسانية قد تترك أثرا مدمرا خطيرا على صحة وأرواح أفراد في ايران”.
ورأت أيضا ان العقوبات على قطع غيار الطائرات يمكن أن “تعرض سلامة الطيران المدني للخطر في ايران وكذلك أرواح مستخدميها”.
من جهتها، رحّبت وزارة الخارجية الإيرانية بقرار المحكمة باعتباره “إشارة واضحة” الى أن إيران “محقة”.
وقالت الوزارة في بيان إن الحكم الذي أصدرته المحكمة “يظهر مجددا أن الحكومة الأميركية .. تصبح معزولة يوما بعد يوم”.
بدوره،كتب وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على تويتر “فشل جديد -لهذه الحكومة الاميركية- المدمنة على العقوبات، وانتصار القانون”.
ولم يصدر تعليق من واشنطن بشأن الحكم بعد.
وكان ترامب فرض دفعة أولى من العقوبات على ايران في آب/اغسطس بعد انسحابه من الاتفاق النووي التاريخي المبرم بين ايران والقوى الكبرى والهادف لوقف طموحات ايران النووية، مثيرا استياء الحلفاء الاوروبيين. وهناك دفعة ثانية من العقوبات مرتقبة في تشرين الثاني/نوفمبر.
وتحكم محكمة العدل الدولية في خلافات بين الدول الاعضاء في الامم المتحدة، وقراراتها ملزمة لا يمكن الطعن بها لكن ليس هناك آلية لتطبيقها.
وسبق وتجاهل البلدان أحكاما سابقا.
ففي العام 1986، تجاهلت واشنطن حكم المحكمة بانها خالفت القانون الدولي بدعم متمردي الكونترا المؤيدين للولايات المتحدة في الصراع في نيكاراغوا.
في المقابل، تجاهلت إيران حكما من المحكمة في العام 1980 قضى بإطلاق سراح رهائن محتجزين في السفارة الاميركية في أزمة استمرت 444 يوما.
– “حرب نفسية”-
قبل صدور قرار المحكمة، اعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان العقوبات تعتبر شكلا من “حرب نفسية” تهدف الى تغيير النظام.
وقال ظريف لهيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” إن “الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة وبعض عملائها الاقليميين ضد إيران هي حرب نفسية أكثر مما هي حرب اقتصادية فعلية”.
وطوال أربعة أيام من جلسات الاستماع في آب/اغسطس الماضي، اتهم محامو ايران واشنطن بانها “تخنق” اقتصاد الجمهورية الاسلامية.
لكن واشنطن ردت مؤكدة ان المحكمة ليس لديها صلاحية النظر في هذه القضية لانها تتعلق بشؤون الامن القومي.
وقرار الاربعاء هو بالواقع ضمن ما يسمى اجراءات مؤقتة قبل القرار النهائي حول هذه القضية الذي يمكن ان يستغرق عدة سنوات، كما يقول خبراء.
وكان الاتفاق النووي ابرم عام 2015 بين ايران والقوى الكبرى وتعهدت بموجبه طهران بعدم السعي لامتلاك السلاح النووي وبالسماح بدخول مفتشين دوليين الى أراضيها مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها منذ أكثر من عشر سنوات.
لكن ترامب انسحب منه في أيار/مايو الماضي معتبرا ان الاموال التي تحصل عليها ايران من رفع العقوبات بموجب الاتفاق استخدمت لدعم انشطة “ارهاب” وصنع صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
ووعد الاوروبيون بالحفاظ على الاتفاق وأعلنوا عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارتهم مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية.
لكن رغم ذلك اتهمت فرنسا الثلاثاء وزارة الاستخبارات الايرانية بالتخطيط لاعتداء قرب باريس تم إحباطه، كان يستهدف في حزيران/يونيو الماضي تجمعا لمعارضين ايرانيين.
وقد تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وايران كثيرا منذ انتخاب ترامب رئيسا في 2016 .
والقى الرئيسان الايراني حسن روحاني والاميركي دونالد ترامب خطابين متواجهين في الامم المتحدة في ايلول/سبتمبر.
ورغم “معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية” المبرمة بين البلدين في 1955 فان ايران والولايات المتحدة لا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ 1980. (أ ف ب)