السلايدر الرئيسيشرق أوسط

خليل الجديلي غواص فلسطيني بلا قدمين

محمد عبد الرحمن

– غزة – أن تكون غواصاً ربما يكون أمراً عادياً، أما أن تصبح بطلا في هذه الرياضة بلا قدمين، فهذا هو الأمر الخارج عن المألوف،هذه قصة الشاب الفلسطيني خليل الجديلي، الذي يمارس رياضة الغوص بأعماق البحار،وبرك السباحة بدون قدمين.

خليل الجديلي (24عاماً) من سكان مدينة البريج وسط قطاع غزة، تخطى مصاعب الحياة بقوته وإرادته بعد فقدانه قدميه، نتيجة تعرض منزله للقصف الإسرائيلي بالسادس عشر من /كانون الثاني / يناير عام 2009. ليصبح أول غواص في فلسطين والوطن العربي بلا قدمين.

ويقول: لمراسل ” :”في عام 2010 توجهت لدولة الإمارات العربية لتقي العلاج، وبعد انتهاء فترة العلاج كنت مع أحد الغواصين بإمارة دبى، فاقترح عليَّ خوض غمار هذه التجربة،فوافقت على هذا العرض المغري بالنسبة لي”.

يضيف “توجهت أنا والغواص إلى قرية الغواصين بمدينة دبى للاستفسار عن إمكانية ممارستي للغوص، وبعد تفهمهم وضعي الصحي، والتحقق من عدم وجود أي مشاكل في القلب وافقوا، وتسلم تدريبي عدد من المدربين الأجانب لتعليمي المهارات، وكيفية التواصل تحت الماء بالإشارة، والحركات اللازمة.

وبعد خوض أو تجربة بالغوص تفاجئ الجديلي، بالعالم الثاني الموجود تحت الماء، حيث جمال خلق الله وعظيم إبداعه وصنعه، استطاع بالتدريج التنقل بين أعماق مختلفة من 6 أمتار إلى 10 أمتار، مستخدمًا أدوات الغطس.

ورغم أن الشاب الجريح لا يُجيد السباحة، إلا أن تحفيز رفقائه شكل دافعا له للمغامرة، ومع ارتدائه لبدلة الغوص ووضعه جرة الأوكسجين على ظهره انتابه شعور لا يوصف دفعه للإصرار على إتقان هذه الرياضة ويقوى على ظروفه.

ويقول:” ما يميز الغوص أنه تحت الماء لا فرق بين ذوي الإعاقة والأصحاء، واستطعت إيصال رسالة لذوي الإعاقة، أن لا يستسلموا لظروفهم، ويعيشوا الحياة كما يريدون، ولا يجعلوا الآخرين يُملون عليهم كيف يعيشون حياتهم”.

يضف:”أحببت الغوص كثيراً فأردت عدم الانقطاع عن ممارسة هذه الرياضة لأني وجدت بها المتعة والترفيه عن النفس، وقد رأيت أسرار المياه من الداخل، وأصبحت أهوى هذه الرياضة ، فبعد عودتي إلى قطاع غزة،قرأت عشرات الكتب بالإضافة إلى خضوعي لتدريبات في برك السباحة بمساعدة أصدقائي، حتى اكتسبت مهارات كبيرة جعلتني على استعداد لمنافسة غيري من الغواصين الأصحاء”.

تصوير عبد شعث

ويتابع متحسراً:” على الرغم من ممارستي لرياضة الغوص بلا قدمين، إلا أنني لن أستطيع الغوص بأعماق البحار، لعدم توفر الأدوات اللازمة للغوص، نتيجة منعها من قٍبل الاحتلال الإسرائيلي خوفاً من استخدامها لأغراض عسكرية، لذلك أضطر الذهاب إلى برك السباحة لممارسة هذه الرياضة التي أحببتها كثيراً”.

فكان يحلم الجديلي منذ طفولته بدراسة العلوم الإدارية، فتحدى فقدانه لقدميه، والتحق بالجماعة، ودرس تخصص إدارة الأعمال في الجامعة الإسلامية بغزة ، وحصل على درجة الامتياز، ولكنه كباقي الشباب في قطاع غزة لم يحصل على فرصة عمل نتيجة ارتفاع معدلات البطالة بالقطاع.

ويلفت الشاب العشريني إلى أنه في البداية كان محبط بسبب فقدانه لقدميه، ولكنه استطاع التغلب على كافة المصاعب، لعيش حياته مثل باقي الأشخاص، فتزوج وأنجب طفلين، وساعدته زوجته كثيراً على نسيان أوجاعه.

ويأمل الغواص الجديلي الاهتمام كثيراً برياضة الغوص في قطاع غزة، وافتتاح نادي مختص لتعليم هذه الرياضة، والعمل على توفير أداوت الغوص وإدخالها إلى القطاع، متمنياً بأن يصبح مدرباً معتمداً لذوي الاحتياجات الخاصة.

ويتمنى الشاب يوسف كمال (27 عاماً) من سكان مدينة غزة والذي فقد قدميه خلال الحرب الإسرائيلية عام 2014، تعلم رياضة الغوص، ولكنه لم يستطع ذلك نتيجة عدم توفر الأدوات اللازمة لتعلم هذه الرياضة بالقطاع.

ويقول: خلال حديث لـ””: “عندما شاهدت الشاب خليل الجديلي يمارس الغوص بدون قدمين، أصبح لدى دافع لممارسة هذه الرياضة، ولكني للأسف لن أستطيع تعلمها في غزة لعدم وجود أدوات الغوص اللازمة”.

ويقول الكابتن سراج أبو حمام مدرب السباحة في بركة الصداقة بمدينة غزة، لـ””: “يتمنى عدداً كبيراً من الشباب في قطاع غزة تعلم رياضة الغوص، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، لعدم توفر أدوات الغوص اللازمة بسبب منع الاحتلال إدخالها عبر المعابر، فهذا يقف عائقاً كبيراً أمام الشباب لتعلم هذه الرياضة”.

يضيف :”ما توصل إليه الشاب خليل الجديلي أمراً خارقاً للعادة، فليس من السهل إتقان رياضة الغوص بدون قدمين، فالقدمين يساعدن الشخص على كثيراً بالغوص، ولكنه هذا الشاب استطاع أن يستغني عن قدميه، ويحترف بهذه الرياضة التي أصبحت جزءً من حياته.

وأوضح أبو حمام :أن الجديلي من الأشخاص المميزين فهو يمارس رياضة الغوص داخل برك السباحة دون استخدام أدوات السباحة، أو حتى الاستعانة بأحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق