السلايدر الرئيسيتحقيقات

المغرب: محكمة الدار البيضاء تؤكد حكما بحل جمعية “جذور” الثقافية بسب برنامج “عشاء الأغبياء” والذي تضمن انتقادات لخطاب الملك

فاطمة الزهراء كريم الله

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ قرّرت محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، امس الثلاثاء، تأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق جمعية “جذور” الثقافية، والذي يقضي بحلها بناءً على ملتمس من النيابة العامة، بطلب من عامل (محافظ) عمالة الدار البيضاء، بناء على طلب من وزارة الداخلية، بسبب استضافتها لحلقة “ملحمة العدميين” المنظمة من قبل برنامج “1Diner 2 Cons” الذي يبث على موقع “يوتيوب”، في إطار برنامج “عشاء الأغبياء”، والذي تضمن انتقادات لخطاب الملك محمد السادس من مدينة الحسيمة في فترة غليان كانت تعرفها المنطقة في إطار حراك الريف.

وبرّرت المحكمة قرار الحل بـ”إساءة الحوار إلى الدين الإسلامي، وإهانة هيئة منظمة وموظفي الإدارة العمومية، والمجاهرة بتعاطي المشروبات الكحولية أمام جمهور، من بينه قاصرون”.

وتجدر الإشارة الى أن الحلقة عرفت بجرأتها في تكسير الأسلوب النمطي في الحوارات المصورة، كما أنها تناولت مواضيع اعتبرت من التابوهات داخل المجتمع المغربي، وانتقد عدد من المتتبعين استعمال الخمور أثناء النقاش مما انعكس على نوعية المداخلات التي وصفها الكثير من المتتبعين بالعبثية والغير منطقية.

جمعية جذور…

تأسست سنة 2010 بمدينة الدار البيضاء، وتسعى إلى نشر الثقافة وتشجيع الصناعة الإبداعية والتعاون في القارة الإفريقية.
وساهمت جمعية “جذور” في عدد من المشاريع الثقافية التي تشجع التربية على المواطنة وحرية التعبير، وتطوير سياسة فعالة لتعزيز الصناعات الثقافية في المغرب وأنجزت بحثا ميدانيا حول الممارسة الثقافية للمغاربة، كما أنها قامت بالترافع حول الثقافة في البرامج الانتخابية.

واحتضنت جمعية “جذور” “ملحمة العدميين”، وهو برنامج حواري على “يوتيوب”، يستضيف خلاله مقدمان، يصفان نفسيهما بـ”الغبيين”، صحافيين، وفنانين، وغيرهم خلال عشاء لمناقشة مجموعة من المواضيع السياسية، والاجتماعية المثيرة للجدل، بطريقة حرة، وجريئة، تسودها خفة اللسان، وهو البرنامج، الذي يبث منذ عام 2016 على الأنترنت، وهذه المرة الأولى، التي تتخذ فيها السلطات إجراءات قانونية ردا عليه.

قرار الحل يثير السؤال عن حرية التعبير بالمغرب…

أثار الحكم حفيظة ناشطين حقوقيين، حيث اعتبروه “إيذاناً بتصعيد جديد للسلطة تجاه الأصوات المزعجة”، وبأنه نوع من التمويه عن طريق الأخلاق للتضييق بسبب الآراء السياسية المعبر عنها في البرنامج، في حين استندت النيابة العامة إلى كون ما جاء في البرنامح تضمن آراء سياسية بعيدة كل البعد عن الأهداف التي أسست من أجلها الجمعية.

وأكدوا على أن هذا الحكم يدخل في مجال التضيق على الحريات وعلى الأصوات المخالفة لصوت السلطة، وبأنه قرار في جوهره يقاضي المواقف السياسية التي عبر عنها المشاركون في البرنامج.

وفي هذا الصدد، عبر رئيس الجمعية عادل السعداني، عن تخوفه من مستقبل حرية التعبير في المغرب بعد هذا الحكم.وقال في تصريح لصحيفة “”: “قرار المحكمة يعتبر سابقة، لم يعهدها المغرب من قبل”.مضيفا أنه لا مكان بعد اليوم لحرية التعبير في المغرب”.

وجر هذا الحكم، على المغرب انتقادات شديدة اللهجة من منظمات حقوقية دولية منها “هيومن رايس ووتش” و”أمنيستي”، كما أطلق نشطاء ومثقفون حملة واسعة لرفض حل الجمعية تحت شعار “الحل ليس حل”.

نشطاء يطلقون صفحة على “فيسبوك” لدعم حرية التعبير…

بعد قرار الحل الذي أصدرته المحكمة الابتدائي أطلق نشطاء صفحة تضامنية على موقع “فيسبوك” تحت عنوان “الحل ليس حل”، وذلك “لدعم حرية التعبير وحرية المجتمعات” على حد تعبيرهم.

ويأتي قرار التأسيس وفق ما نقلته الصفحة، “حتى يتمكن المجتمع المدني المغربي بكل تنوعاته، من ممارسة دوره الدستوري بارتياح كسلطة ديمقراطية مستقلة وآلية لمراقبة السياسات العمومية”.مشيرا إلى أن “أحد شروط وجود الديمقراطية هو حرية التعبير وحرية الجمعيات”.

ولفت مؤسسوا الصفحة، إلى أن القرار القضائي الصادر في حق جمعية “جذور”، “هو بمثابة تذكير بسيف “ديموقليس” فوق رأس حرية الجمعيات في المغرب، الذي سيظل مسلطا الضوء على التناقض بين الخطاب السائد وواقع الميدان، بل إنه من الأرجح أن يضخم الانشقاقات في المجتمع المغربي، حيث الحاجة الملحة هي التركيز على تحرير المواطنين، والخدمات العمومية والمساءلة ، ومكافحة التطرف”.

وقال مؤسسوا الصفحة: إن “القرار القضائي مثير للقلق من عدة جوانب، فهو يبشر بمستقبل مقلق للجمعيات المغربية، إذ ينهج طريق قمع الحريات، خاصة حرية التعبير، بدل فتح طريق القيم العالمية للحريات الأساسية وتحرير المواطنين، المنصوص عليها في الدستور المغربي، وفي المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق