شرق أوسط
نقل البشير إلى السجن والسودانيون يواصلون التظاهر
ـ الخرطوم ـ نُقل الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي أطاحت به المؤسسة العسكرية الأسبوع الماضي إلى سجن في الخرطوم، وفق ما أكد مصدر في عائلته الأربعاء بينما خرج الأطباء في مسيرة بالعاصمة للانضمام إلى الاعتصام المتواصل خارج مقر القيادة العامة للجيش.
وبعد النهاية المثيرة لحكم البشير الذي استمر ثلاثة عقود الأسبوع الماضي، تم نقله مساء الثلاثاء “إلى سجن كوبر” في الخرطوم، بحسب المصدر الذي طلب عدم كشف هويته لأسباب أمنية.
وتحدث شهود عيان عن انتشار كثيف للجنود ولعناصر قوة الدعم السريع المساندة للجيش خارج السجن الواقع في شمال الخرطوم.
ولم يعرف مكان وجود الرئيس السابق البالغ من العمر 75 عاما منذ تولّى الجيش الحكم الخميس إذ أكد قادة البلاد العسكريون الجدد أنه محتجز “في مكان آمن”.
ولم يكفِ اعتقال البشير لإرضاء المتظاهرين الذين أطلقوا تظاهرات مناهضة للحكومة منذ كانون الأول/ديسمبر واعتصموا أمام مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من نيسان/أبريل.
وخرج عشرات الأطباء بزيهم الابيض من المستشفى الرئيسي في الخرطوم باتجاه ساحة الاعتصام على وقع هتافات “حرية، سلام، عدالة”.
وخرج الصحافيون في مسيرة منفصلة مطالبين بحرية الصحافة ورافعين لافتات تطالب بأن يدير وسائل الإعلام الرسمية صحافيون “مستقلون ومهنيون”.
وقدّم القادة العسكريون بعض التنازلات للمتظاهرين شملت إقالة النائب العام عمر أحمد محمد الثلاثاء، إلا أن المتظاهرين يخشون من أن تُسرق انتفاضتهم.
وقالت المتظاهرة فاديا خلف لفرانس برس “واجهنا الغاز المسيل للدموع وسجن كثيرون منّا. تعرضنا لإطلاق النار وقتل كثيرون. كل ذلك لأننا قلنا ما نريده”.
ويشير مسؤولون إلى أن 65 شخصا قتلوا في أعمال عنف على صلة بالتظاهرات منذ كانون الأول/ديسمبر. وتم تكريم بعض القتلى عبر رسوم جدارية في الخرطوم.
توتر في موقع الاعتصام
ورغم الأجواء الاحتفالية التي شهدتها ساحات الاعتصام حيث غنّى المتظاهرون ورفعوا أعلام بلدهم، إلا أن التوتر ساد في الأيام الأخيرة في ظل مخاوف من محاولة محتملة للجيش لفض الاعتصام بالقوة.
وقالت خلف “نخشى الآن أن تُسرق ثورتنا، وهذا ما يدفعنا للبقاء هنا. سنبقى إلى حين الاستجابة لمطالبنا”.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أفاد شهود عيان أن مركبات عسكرية انتشرت في محيط المكان بينما أزال الجنود المتاريس التي وضعها المتظاهرون كإجراء أمني.
وبقي آلاف المتظاهرين في موقع الاعتصام الأربعاء حيث شجع بعضهم البعض رغم ظهور علامات التعب عليهم.
وقالت امرأة كانت تقدم الشاي عند نقطة تفتيش وضعها المتظاهرون “أشعر بأن هؤلاء الأشخاص في الاعتصام هم كأبنائي وبناتي. عانيت كثيرا في ظل هذا النظام”.
وأضافت “أدعم هؤلاء وسآتي إلى هنا كلما أتيحت لي الفرصة”.
ومع توليه السلطة الخميس، أعلن الجيش أن مجلسا عسكريا انتقاليا سيدير شؤون البلاد لمدة عامين، ما أثار انتقادات فورا من قادة الحركة الاحتجاجية الذين عرضوا سلسلة من المطالب.
وبعد يوم فقط، استقال وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض ابن عوف من منصب رئيس المجلس، وقوبل ذلك باحتفالات في شوارع الخرطوم.
وأشرف رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق الركن عبد الفتاح البرهان على محادثات جرت مع الأحزاب السياسية نهاية الأسبوع بدون أن تحرز أي تقدم.
وقف القتال لثلاثة أشهر
وأعلن المجلس العسكري وقف إطلاق النار في كافة أنحاء البلاد، لكن “جيش تحرير السودان”، أحد أبرز الفصائل المتمرّدة في دارفور، أعرب عن رفضه لما وصفه “انقلاب القصر”.
والأربعاء، أعلن قائد للمتمردين في السودان الأربعاء تعليق القتال حتى نهاية تموز/يوليو في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حيث تخوض قواته معارك ضد القوات الحكومية.
وقال بيان صادر عن قائد “الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال” عبد العزيز الحلو أن القرار جاء “كبادرة حسن نية لإعطاء الفرصة لتسليم السلطة للمدنيين”.
وأرسل المجلس العسكري موفدا إلى مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، إلا أن التكتل الإقليمي هدد بتعليق عضوية السودان ما لم يتم تسليم السلطة إلى المدنيين.
وأمهل الاتحاد المكوّن من 55 بلدا المجلس العسكري 15 يوما فقط لتسليم السلطة للمدنيين بينما عيّنت الأمم المتحدة مبعوثا جديدا للعمل مع الاتحاد الإفريقي من أجل إيجاد حل للأزمة.
وألقت كل من السعودية والإمارات بثقلها خلف الجيش السوداني، الذي يشارك جنوده في التحالف الذي تقوده الرياض وتلعب أبوظبي دورا محوريا فيه ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن.
أما الدول الغربية التي طالبت البشير في السابق بالامتثال لمطالب المحتجين، فواصلت تأييدها للمتظاهرين داعية في محادثات مع القادة العسكريين إلى تشكيل حكومة مدنية. (أ ف ب)