العالم
تحديات ماثلة في اندونيسيا رغم نجاح الديموقراطية في الانتخابات
ـ جاكرتا ـ حققت إندونيسيا انتخابات ناجحة تعزز مكانتها كديمقراطية في جنوب شرق آسيا، لكن مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون حساسة لان الرئيس الحالي جوكو ويدودو، الذي يتجه نحو الفوز بولاية ثانية، أعطى الكثير من الوعود للمسلمين المحافظين.
وكتبت صحيفة جاكرتا بوست في افتتاحيتها الخميس “برافو إندونيسيا!” بعد الانتخابات العملاقة التي أجريت دون عقبات في أكبر دولة مسلمة في العالم.
وأضافت الصحيفة “بمشاركة أكثر من 80%، حظيت أول انتخابات رئاسية وتشريعية تجري في وقت واحد في إندونيسيا بإقبال غير معهود منذ نهاية نظام (سوهارتو) الاستبدادي” عام 1998.
ورغم أن النتائج الرسمية ليست متوقعة قبل أيار/مايو، فإن التقديرات بعد عمليات الاقتراع الرئيسية تظهر تفوق الرئيس المنتهية ولايته ويدودو، الملقب “جوكوي” بما بين 9 و11 نقطة على خصمه الجنرال برابوو سوبيانتو.
لكن جوكوي امتنع عن إعلان فوزه على الفور ودعا أنصاره إلى التحلي بالصبر بينما أعلن خصمه الفوز مع القليل من الأدلة لدعم ما يقوله.
يبدو أن التصويت كان نجاحا ديمقراطيا مقارنة مع أنظمة الحزب الواحد في لاوس وكمبوديا وفيتنام، أو سلطوية الرئيس دوتيرتي في الفيليبين وفوضى الانتخابات في تايلاند حيث كانت الأولى منذ الانقلاب عام 2014.
منطقة غير ديمقراطية بشكل كاف
من جهتها، تقول كريستين كاباسيه الباحثة ومديرة النشر في معهد جنوب شرق آسيا المعاصر في بانكوك إنه “وسط سياق إقليمي لا ينحو باتجاه الديمقراطية وفي ظل نمو التيار السلطوي، فإن للديمقراطية في إندونيسيا ثقلها فعلا حتى لو اتخذت منعطفا محافظا بشكل واضح لا يمكن إنكاره”.
لا يزال المراقبون يشككون في قدرة جوكوي، وهو مسلم معتدل في بلد يحقق فيه الإسلام المحافظ تقدما ملحوظا، في الدفاع عن المكاسب الديمقراطية التي لوحظت طوال عشرين عاماً منذ سقوط سوهارتو.
بدوره، يقول ماركوس ميتزنر، الاستاذ المشارك في استراليان ناشونال يونيفرستي “أتوقع أننا سنستمر في رؤية الديمقراطية تتآكل بشكل بطئ خلال السنوات الخمس المقبلة” لكن من دون عودة حقيقية إلى النظام السلطوي.
كان ويدودو لدى استلامه السلطة يعتبر معتدلا وحصنا للأقليات، لكنه تعرض لانتقادات خلال فترة ولايته بسبب موافقته على قانون جديد مثير للجدل حول التشهير على الإنترنت، والسماح بحظر التظاهرات. كما يؤدي تزايد دور الجيش في دوائر السلطة الى قلق لدى بعض المراقبين.
ولطخت سمعة إندونيسيا في مسألة التسامح الديني بسبب النفوذ المتزايد للإسلاميين الأكثر تطرفا بعد نجاح حملتهم في إدانة حاكم جاكرتا الأسبق المسيحي الملقب ب”اهوك”” بتهمة الكفر.
وقد شكلت التظاهرات الضخمة التي جمعت ما يصل إلى مليون شخص في العاصمة ضد “اهوك”، حليف جوكوي، نقطة تحول بالنسبة للبلاد.
نظرا للدروس التي تلقاها من هذه المرحلة، اختار الرئيس المنتهية ولايته الداعية الإسلامي المحافظ معروف أمين ليكون مرشحا لمنصب نائب الرئيس. وتثير هذه الإستراتيجية التي تهدف إلى إغداق الوعود للناخبين المسلمين المحافظين قلق المدافعين عن الأقليات الذين يلمسون حقيقة التزايد في التمييز ويتساءلون عن نفوذ نائب الرئيس في المستقبل.
إدانة التجديف
يؤكد الحكم الصادر بسجن ميليانا البوذية 18 شهرا لادانتها بتهمة التجديف بسبب شكواها من ضجيج المسجد في جوارها وقت الآذان هذا التمييز المتزايد.
كما يشتكي مجتمع المثليين أيضا من تزايد الهجمات والاعتقالات رغم عدم منع القانون المثلية في هذا البلد الذي تسكنه 260 مليون نسمة مع مئات من مختلف المجموعات الاتنية.
بدوره، يقول يوهانس سليمان المحلل السياسي في جامعة جيندرال أحمد ياني إن “إصلاح الجيش ضروري وكذلك أيضا حماية الأقليات ومكافحة التعصب والتطرف”.
أما بالنسبة لمايد سوبريماتا، الباحث في معهد دراسات جنوب شرق آسيا- يوسف إسحاق في سنغافورة، فإن استغلال موضوع الاسلام أثناء الحملة الانتخابية من قبل المرشحين قد يترك تأثيرا خطرا.
وأضاف كان جوكوي “قادرا على إقناع الناخبين في جاوة الذين يعتبر إسلامهم أكثر اعتدالا وتقليديا أن التصويت لصالح خصمه برابوو هو تصويت لصالح الخلافة، كما أنه أثار مخاوف لدى الأقليات”.
واعتبر أن برابوو يمثل “إلاسلام الاكثر ورعا” ويرى بعض مؤيديه الآن أن “حكومة جوكوي تشكل تهديدا للإسلام”
وختم سوبريماتا محذرا من أن “هذه الحرب الدينية سيكون لها تأثير في النقاش السياسي في إندونيسيا خلال السنوات المقبلة”. (أ ف ب)