السلايدر الرئيسيحقوق إنسان

المغرب: جمعية “جسور ملتقى المرأة المغربية” تطلق حملة ضد الأمثال الشعبية المسيئة للمرأة

فاطمة الزهراء كريم الله 

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ “الرابح من المرا والخاسر من المرا”، “دار البنات خاوية”، “شاورها وما تاخذ بريها”، “اللي ما يذبح شاته وما يصوط مراته موته خير من حياته”، مثل هذه النماذج الشعببة المتداولة في المغرب والتي  يرى الكثير من الحقوقيين غنها تعكس نظرة دونية للمرأة، والتي تعني “الخسارة من المراة والنجاح من المراة” و ” بيت البنات خالية” و ” لا تاخذ برأيها” و من لن يذبح شاته ومن لم يضرب مراته موته افضل من حياته”.

هي أمثلة دفعت بجمعية “جسور ملتقى المرأة المغربية” إلى إطلاق حملتها تحسيسية ضد الأمثال الشعبية التي ترسخ للنظرة الدونية للمرأة، وهي الحملة التي شارك فيها عدد من الشباب المغاربة بمن فيهم بعض الفنانين، بشراكة مع جامعة “ميريلاند” الأمريكية ودعم من “مبادرة الشراكة الشرق أوسطية”، وفي  إطار مشروع “النساء شريكات التقدم”، وذلك تحت شعار  “آن الأوان لتغيير العقلية النمطيّة الموروثة عن الأمثال الشّعبية تجاه المرأة.

قالت رئيسة “جسور ملتقى المرأة المغربية”، أميمة عاشور، بأن هذه المبادرة التحسيسية نبعت من كون عدد من الأمثال الشعبية المتداولة في المجتمع “تكرس دونية المرأة وتحطم قدراتها”، موضحة أن المرأة قد تكون في منصب قرار وناجحة، غير أنها قد تصطدم أحيانا في محيطها المهني أو العائلي بمن يخاطبها معتمدا على بعض من تلك الأمثال التي تهينها وتجرحها.

وأضافت عاشور: “نحن نفخر بتراثنا الشعبي ونحترمه، ولكن هناك بعض الأمثال الشعبية المتداولة تسيء للمرأة”، وأن تلك الأمثال تعكس نوعا من “العنف اللفظي، الذي يكون له أثر كبير على نفسية المرأة، حيث أن البعض يعتمد تلك الأمثال “كقاعدة” ويستشهد بها في مواقف مختلفة وكأنها خلاصة دراسات علمية، كما يتم ترديدها أحيانا على مسامع الأطفال منذ صغرهم ما يجعل الصورة التي تعكسها تترسخ لديهم”.

ونبهت عاشور، إلى أن بعض تلك الأمثال يتم أحيانا تداولها في أعمال تلفزيونية الأمر الذي يرسخ لثقافة ولنمطية ذكورية محضة لا تحترم المرأة ولا تعترف بها ككفاءة في المجتمع لأنها تحط من قيمتها، ومن هنا تشير إلى أهمية مشاركة فنانين في الكبسولات المعدة في إطار الحملة، وذلك ليبلغوا رسالة مفادها أنهم غير راضين عن تداول تلك الأمثال.

هذا وتطمح جمعية “جسور”، عبر مقاطع مصوّرة تظهر فيها مجموعة من الوجوه المغربية المألوفة، إلى التوعية بالحمولة السلبية لبعض الأمثال الشعبيّة والتعابير المستعملة في اللهجة المغربية.

وبث مجموعة من الفنانين المغاربة مثل محمد الشوبي ومالك أخميس وعبد المنعم بوعمامة بُثّت إجابتهم على صوت نسائي يعدّد أمثالا وتعابير يستعملها المغاربة في حياتهم اليومية، إذ تساءل الممثّل مالك أخميس في مقطعه المصوَّر عن السبب الذي يجب أن لا يعاب الرجل بسببه لأنه إنسان وليس ملاكا. كما يقول إن الرّجل غير معصوم من الخطأ، وأن الكثير من الأمور يلوم الرجال النساءَ عليها دون وجه حقّ.

ويذكر انطلاقا من تجربته الشّخصية أن الكثير من النساء اللائي التقاهنّ يَفِين بوعودهنّ أكثر من الرجال، ودعا أن يستُر الله الجميع لا أن يُقصَر طلب السّتر على المرأة فقط.

وعممت الجمعية، وصلات فيديو حول العنف اللفظي ضد المرأة في المغرب، عبر موقعي التواصل الاجتماعي “يوتوب” و”فايسبوك” باستعمال هاشتاغ “# هل نحن متّفِقون؟”، من أجل التوعية بتأثيرات العنف اللفظي، الذي تتضمّنه بعض الأمثال الشعبيّة على المجتمع المغربي. حيث من المرتقب أن تَعرِض هذه السلسلة مجموعة من المقاطع المصوّرة تظهر مواطنين مغاربة من مختلف الأعمار، وهم يعلّقون على أمثال مغربية وتعابير تُستعمل في الحياة اليومية، ويتضمّن بعضها حمولة سلبية تُجاه المرأة ووضعها داخل المجتمع قصد تغيير العقلية النمطية الموروثة حول النساء.

المراة المغربية في الثراث الشفهي المغربي وتكريس للعقلية ذكورية…

يرى باحثين في علم الاجتماع أنه مازالت الأمثال الشعبية تؤثر في عقلية الجيل الجديد؟ وأن هذا التراث الشفهي يروج  لـ”دونية المرأة”، وذلك من خلال تشبيه المرأة بالحيوانات في صفاتها السلبية يحضر بقوة في التراث الشعبي الشفهي، فهي تلك المرأة القادرة على تحمل الضرب وأعمال السخرة “مولاة الدار عمارة ولو كانت حمارة”، هي أيضا تلك المرأة التي يجب ربطها حتى لا تخرج عن السيطرة “المرا كتربط من لسانها، والبهيمة تُربط من لجامها”.

و تقارن المرأة كذلك بالديك “أصبح الديك على الفريك، وصبحت العمشا على الكحل” وتشبه بأنثى الديك أيضا “الدجاجة مربوطة وفلالسها كيدورو”.

وبحسب باحثين، فإن إظهار المرأة بهذه الصورة في الثراث الشفهي المغربي يرجع إلى طبيعة المجتمع المغربي “الأبوي الذكوري”، وأن هذه العقلية تعمل جاهدة على الدفاع عن مصالحها، وتنهج عدة استراتيجيات، ومن بينها الأمثال الشعبية التي نسجت منذ زمن بعيد ولا تزال مستمرة إلى اليوم، وتشتغل بشكل جيد في الذاكرة الجماعية للمجتمع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق