ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ دخلت المحاكم العسكرية والمدنية في الجزائر في سباق مع الزمن لمحاكمة رجال أعمال يشتبه في تكوينهم ثروات طائلة خلال العقدين الماضيين، أي إبان حكم الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة منذ سنة 1999.
رجال أعمال لفظهم عالم الثراء إلى السجن
فلم يكن يتوقع أحدا أن يعج ” سجن ” الحراش وسط العاصمة الجزائر بـ ” مسجونين ” من نوع خاص، هم ليسوا كغيرهم من السجناء الذين دخلوا إلى هذا المكان لأسباب مختلفة معظمها اجتماعية،هم رجال أعمال لفظهم عالم الثراء الفاحش إلى السجن.
وفي ساعة متقدمة من فجر الثلاثاء، أمر وكيل الجمهورية بسيدي أمحمد وسط العاصمة الجزائريةبإيداع الإخوة كونيناف المقربين من الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في الحبس المؤقت. وكان قد تم القبض على المليارديرات الإخوة الأربعة يوم الاثنين في إطار تحقيق في قضايا فساد.
وتتمحور التهم الموجهة للأشقاء الأربعة باستغلال النفوذ والتمويل الخفي للأحزاب السياسية وإبرام عقود مخالفة للقانون واستغلال الوظيفة وسوء استعمال أموال الشركات المساهمة.
ومعروف عنهم أنهم أحد أبناء أعز أصدقاء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ” محمد كونيناف ” ويحمل الأبناء كلهم جنسية سويسرية لكون أمهم سويسرية الجنسية، مع الجنسية الجزائرية من ناحية الأب.
وقبلها بساعات أمر وكيل الجمهورية لمحكمة سيدي أمحمد في الجزائر العاصمة، بإيداع رجل الأعمال يسعد ربراب رهن السجن الموقّت، واستدعي ربراب صباح الإثنين إلى مقر درك باب الجديد في العاصمة، قبل أن يُحال إلى محكمة سيدي أمحمد، حيث استغرق التحقيق معه نحو عشر ساعات قبل أن يُحال إلى سجن الحراش.
وكان يسعد ربراب وهو الرئيس المدير العام لمجمع ” سيفيتال ” أكبر مجمع صناعي في الجزائر يضم أكثر من 18 ألف عامل، قد مثل أمام وكيل الجمهورية للاستماع إلى أقواله في إطار التحقيق معه للاشتباه في تورطه بقضايا فساد.
ومن بين التهم التي وجهت لهذا الأخير ” التصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من الخارج وإليه, وتضخيم فواتير استيراد واستيراد عتاد مستعمل على الرغم من الاستفادة من الامتيازات الجمركية الجبائية والمصرفية.
ومنذ شهر يقبع في سجن الحراش رجل الأعمال الجزائري على حداد الذي حاول الفرار إلى تونس مستخدما جواز سفر بريطانيا.
هل تحرر جهاز القضاء من القيود التي كبلته ؟
وفي خضم هذه التحقيقات التي تشمل أغنياء الجزائر, أثار متتبعون للمشهد السياسي تساؤلات بشأن مدى تحرر جهاز القضاء وحقيقة تحرره من القيود التي كبلته طيلة العقدين الماضيين وأثاروا أيضا مخاوف من توظيف هذا الجهاز لتصفية الحسابات.
وعلق رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس على حملة التوقيفات والملاحقات القضائية التي تم تحريكها بحق كبار الأثرياء في البلاد خلال اليومين الماضيين، قائلا ” أردناها مرحلة انتقالية بعدالة انتقالية، جعلوها مرحلة تضليلية بعدالة انتقامية، وكتب بلعباس في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع ” الفايسبوك ” أن ” التحقيقات لا بد أن تشمل تشمل ” بوتفليقة ” و”توفيق”.
ومن جهته يقول القيادي في حركة مجتمع السلم الجزائرية ( أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد ) عبد الرحمان سعيدي في تصريح لـ ” ” إنه من المبكر الحديث عن إمكانية توظيف جهاز العدالة لتصفية حسابات، فيجب النظر أولا في مجريات التحقيق وطبيعة الملفات ونوعيتها وعندها يمكن الحديث عن إمكانية ” تصفية الحسابات عن طريق جهاز العدالة أم لا “.
الجيش يتعهد
وتعهد في هذا السياق في تصريحات جديدة قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح أن قيادة المؤسسة العسكرية ستقدم كل الضمانات الكافية للجهات القضائية لكي تتابع بكل حزم، وبكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات، محاسبة المفسدين وهي الإجراءات التي من شأنها تطمين الشعب بأن أمواله المنهوبة ستسترجع بقوة القانون وبالصرامة اللازمة “.
وقال الفريق أحمد قايد صالح إنه سيتم العمل على استرجاع الشعب أمواله المنهوبة، وثمن استجابة جهاز العدالة إلى النداء الذي أطلقه حول تسريع وتيرة متابعة قضايا الفساد ونهب المال العام ومحاسبة كل من امتدت يده إلى أموال الشعب بقوله ” أثمّن استجابة جهاز العدالة لهذا النداء الذي جسّد جانباً مهماً من المطالب المشروعة للجزائريين “.