السلايدر الرئيسيشرق أوسط
تسريب العقارات في القدس المحتلة مستمر… متطرفون يهود يستولون على عقار تاريخي في المدينة المقدسة
فادي أبو سعدى
ـ رام الله ـ ما زال ملف مدينة القدس مفتوح على كل الأصعدة، ذلك أن المدينة هي الصراع الحقيقي مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم كافة القرارات التهويدية الإسرائيلية، وخضوع المدينة للاحتلال منذ العام 1967، ورغم القرارات الأمريكية الأخيرة باعتبار القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
ورغم أن قضية تسريب العقارات الفلسطينية إلى الجمعيات اليهودية المتطرفة، إلا أنه ومع كل تسريب تثار هذه القضية من جديد، وكان آخرها استيلاء المتطرفين اليهود على عقار تاريخي في البلدة القديمة من القدس المحتلة في منطقة “عقبة دوريش” بحراسة من جيش الاحتلال وشرطته الخاصة. العقار الذي تم الاستيلاء عليه يعود لعائلة جودة المقدسية، ويقع في منطقة حسّاسة كونه ملاصق للمسجد الأقصى، وقد اُستخدم مؤخراً كعيادة طبية.
وسبق ذلك استلاء مجموعة من المستوطنين على شقتين وقطعة أرض تزيد مساحتها عن الدونم في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى بزعم ملكيتهم لها عن طريق الشراء.
من جهتها وصفت حكومة الوفاق الوطني استيلاء المستوطنين على بناية تاريخية في محيط المسجد الاقصى بالعمل الوحشي والمفزع. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، إن ما تقوم به مجاميع المستوطنين ينفذ تحت حماية عناصر جيش وحكومة الاحتلال .
وقال ان الاستيلاء على البناية التاريخية القديمة في عقبة درويش داخل البلدة القديمة من القدس العربية المحتلة يترافق مع الهجمة الاحتلالية الاستيطانية المسعورة على حي سلوان الملاصق للمسجد الاقصى من الجنوب وعلى سائر احياء مدينة القدس العربية المحتلة.
وأضاف ان هذه الهجمة التي ينفذها آخر احتلال في التاريخ، تذكر أبناء شعبنا وأبناء أمتنا بما اقترفته أيدي الاحتلال خلال عهوده السابقة على مر التاريخ، وقد اندثرت جميعها ولم يظل منها سوى ذكريات سوداء بشعة يخجل منها ابناء البشرية الأحرار .
وطالب المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية وخصوصا منظمة اليونسكو بالتدخل لمنع الاحتلال من الاستيلاء على الموروث الحضاري العربي الأصيل في مدينة القدس العربية المحتلة، ووقفه عن العبث بهوية المدينة العربية الاسلامية المشهود لها تاريخيا والمثبّت علميا منذ فجر التاريخ.
لكن الأمر لا يتوقف على التسريب من جهة الفلسطينيين وحسب، فقد كشفت صحيفة “هآرتس” أن الوصي على الأملاك في وزارة القضاء الإسرائيلية توجه بمبادرة شخصية إلى ناشط يهودي يعمل من أجل تهويد الأحياء الفلسطينية في القدس، وعرض عليه تأجيره قطعة أرض في حي الشيخ جراح. وبعد هذا الاقتراح، استأجرت الشركة التي يملكها الناشط اليميني وعضو البلدية آرييه كينغ هذه الأرض. وعلمت صحيفة “هآرتس” أن الوصي قام بتأجير مساحات إضافية من الأراضي في الحي لعضو البلدية كينغ.
ويأتي هذا التوجه والتعاقد على خلفية ادعاءات المحامين، والعائلات الفلسطينية والنشطاء اليساريين في السنوات الأخيرة بأن الوصي على الأملاك يساعد منظمات المستوطنين في القدس الشرقية. وعلى سبيل المثال، تم في سلوان بيع قطع من الأراضي لممثلي جمعية “عطيرت كوهنيم” التي تتلقى الدعم من الوصي على الأملاك لنقل ملكية الأراضي التي يعيش عليها مئات الفلسطينيين إلى الجمعية.
ولا يتعين على الوصي على الأملاك نشر العطاءات لأن العقارات التي يتعامل معها هي ملكية خاصة. وزعم مسؤول في وزارة القضاء أن توجه الوصي إلى كينغ، قبل بضعة أشهر، سبقه طلب من كينغ لاستئجار ممتلكات في المنطقة.
وتشير الصحيفة إلى أن الوصي على الأملاك هو عامل أساسي في جهود المستوطنين لتهويد الشيخ جراح. فقد بنيت معظم المنازل في الحي على الأرض التي كانت مملوكة لليهود حتى عام 1948. وتقوم جمعيات المستوطنين بالعثور على الورثة وتقدم باسمهم دعاوى لتحرير الأرض من أيدي الوصي ومن ثم طرد العائلات الفلسطينية التي تعيش هناك.
وقبل حوالي نصف سنة، كشفت صحيفة هآرتس أن مدير الوحدة الاقتصادية في مكتب الوصي على الأملاك الذي يدير الملفات في القدس الشرقية هو حنانيئيل جورفينكل، عضو حزب البيت اليهودي الذي أسس جمعية تتعامل مع منع استيلاء “جهات غريبة” على أملاك الدولة في القدس الشرقية ودعا صراحة إلى مكافحة “الاحتلال العربي” في المدينة.
وفي أعقاب النشر، اضطر جورفينكل إلى الاستقالة من مناصبه في الحزب والجمعية بسبب تضارب المصالح. ومع ذلك، لا يزال جورفينكل يشغل منصبه. ويتضح الآن أنه بالإضافة إلى المباني التي يسيطر عليها المستوطنون بموافقة الورثة اليهود، قام الوصي على الأملاك، في الأشهر الأخيرة، بتأجير قطع أرض خالية في الحي للشركة التي يملكها كينغ. ويخوض كينغ حاليا المنافسة في الانتخابات البلدية على رأس قائمة يمينية.
وتبين من فحص أجرته الصحيفة أن الوصي على الأملاك قام بتأجير قطعة الأرض، مع عدد آخر من قطع الأرض المجاورة، لشركة “يوشفي ههار م. ض”، التي يملكها كينغ. وتم نشر إشعارات في الحي حول مخطط يقوم كينغ بدفعه لبناء ثلاث وحدات سكنية لليهود في الشيخ جراح.
وقال كينغ ردا على ذلك أن “الإيجار تم وفقا للقانون والمشورة القانونية مع الوصي على الأملاك، وعلى حد علمي، فإن التوجه إليّ لم يكن الأول، وأنهم عرضوا أيضا على الجيران العرب في الحي استئجار الأرض. لدينا مخططات لتطوير المكان بقدر ما يسمح به القانون”.