شرق أوسط
اتفاق بين قادة الاحتجاجات والجيش على تشكيل “مجلس سيادي مشترك” في السودان
ـ الخرطوم ـ اتّفق قادة الاحتجاجات والجيش السّوداني السبت على تشكيل مجلس مشترك يضمّ مدنيّين وعسكريّين، وذلك خلال اجتماع عُقِد بين الطرفين بناءً على طلب المتظاهرين الذين يريدون نقل السّلطة إلى المدنيّين.
وقال أحمد الربيع ممثل المحتجّين الذي شارك في المحادثات لوكالة فرانس برس “اتّفقنا على مجلس سيادي مشترك بين المدنيّين والعسكريّين”.
وأضاف “الآن المشاورات جارية لتحديد نسب (مشاركة) المدنيّين والعسكريّين في المجلس”.
وجاء هذا الإعلان بعد عقد اجتماع السّبت للجنة المشتركة المؤلّفة من ممثّلين عن المجلس العسكري الذي يتولّى السلطة منذ إطاحة الرئيس عمر البشير في 11 نيسان/أبريل، وعن المحتجّين الذين يُواصلون منذ ثلاثة أسابيع اعتصامهم أمام مقرّ القيادة العامّة للقوّات المسلّحة السودانيّة، بهدف البحث في مطالب المتظاهرين نقل السُلطة إلى إدارة مدنيّة.
وفي وقت سابق، قال رشيد السيد، المتحدّث باسم حركة الاحتجاج، إنّ هذا الاجتماع جاء لبناء الثّقة بين الطرفين.
الجيش لم يُنفّذ “انقلاباً”
من جهة ثانية، دعا المعارض السوداني البارز الصادق المهدي السبت إلى انضمام السودان “فوراً” إلى المحكمة الجنائية الدولية التي يُلاحَق البشير بمذكّرتي توقيف صادرتين عنها.
وقال المهدي في مؤتمر صحافي “الآن، لا مانع من الاستجابة لمطالبها (المحكمة الجنائيّة)، وينبغي فوراً الانضمام لها”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ “هذا الموقف يجب أن يُنَسّق مع المجلس العسكري”.
ونفى البشير باستمرار الاتّهامات الموجّهة إليه من المحكمة والمتعلّقة بجرائم إبادة وأُخرى ضدّ الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2008.
وتقول الأمم المتحدة إنّ نزاع دارفور أوقع 300 ألف قتيل، وتسبّب بنزوح 2,5 مليون شخص آخرين لا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات بائسة في أنحاء مختلفة من البلاد.
وأكّد المهدي الذي يُشكّل حزبه، حزب الأمّة، جزءاً من “تحالف الحرّية والتغيير” الذي يقود الاحتجاجات المطالبة بحكم مدني في السودان، أنّ الجيش لم ينفّذ “انقلاباً عسكرياً” وهو ما قد يسهّل التوصّل إلى اتّفاق معه على “حكومة مدنيّة”.
وألقى حزب الأمّة بثقله دعماً للاحتجاجات التي بدأت في 19 كانون الأوّل/ديسمبر 2018 ضدّ البشير.
وكان المهدي رئيساً للحكومة عندما أطاحه انقلاب تولّى البشير بعده السلطة بدعم من الإخوان المسلمين في 1989.
وأمضى المهدي فترات عدّة في المنفى، وعاد إلى السودان في كانون الأول/ديسمبر تزامناً مع اندلاع التظاهرات.
“النظام لا يزال قائما”
وقال المهدي “تمّت الإطاحة برأس النظام، لكنّ النظام لا يزال قائماً”، مشيراً إلى أنّ “النظام المخلوع قد يحاول القيام بانقلاب”.
إلا أنّ المهدي أضاف “يجب أن نؤكّد أنّ ما حدث في السودان ليس انقلاباً عسكرياً، بل هو امتناع قوّاتنا عن سفك دمائنا وانحيازها للمطالب الشعبية”.
وتابع “وبالتالي، بات في الإمكان التوصّل الى اتّفاق مع المجلس العسكري حول إدارة مدنيّة، لأنّهم لم يخطّطوا لانقلاب”.
وكان آلاف المتظاهرين بدأوا في السّادس من نيسان/أبريل اعتصاماً في وسط الخرطوم للضّغط على الجيش للانضمام إلى مطلبهم بتنحّي البشير. وأعلن الجيش بعد خمسة أيام إطاحة الرئيس الذي حكم السودان ثلاثين عاما بقبضة من حديد. كما أعلن اعتقال البشير وتشكيل مجلس عسكري يتولّى السلطة.
لكنّ المتظاهرين لم يوقفوا تحرّكهم، بل يُواصلون مطالبة المجلس بنقل السلطة إلى المدنيين.
وأكّد مصوّر في وكالة فرانس برس أنّ باصات تحمل مئات المتظاهرين واصلت التوافد السبت من ولاية كسلا في شرق البلاد.
وقال المهدي إنّ حزبه لن يُشارك في حكومة مدنيّة انتقاليّة.
وكان قادة المتظاهرين أجروا جولات مباحثات عدّة غير مثمرة مع المجلس العسكري منذ إزاحة البشير. ووافق الطرفان في وقت سابق خلال هذا الاسبوع على إنشاء لجنة مشتركة لإعداد خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
وقال بيان عن “تحالف الحرّية والتغيير” إنّ “اللجنة المشتركة مع المجلس العسكري الانتقالي تعقد أوّل اجتماع لها السّبت”.
وواصل معتصمون جدد السبت الانضمام الى آلاف السودانيين المتجمعين في وسط العاصمة في أجواء من الرقص والغناء والتضامن.
في الأثناء، هاجم أشخاص بالحجارة اجتماعاً لأعضاء حزب المؤتمر الشعبي، المتحالف مع البشير، ما أدى إلى إصابة 32 شخصاً من المشاركين.
وقالت سهير صلاح نائبة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي لفرانس برس “هاجمت مجموعة اجتماعاً لمجلس شورى حزب المؤتمر الشعبي في قاعة قرطبه جنوب الخرطوم”، ورشقوا “المجتمعين بالحجارة ما أدى إلى إصابة 32 منهم وتهشيم عشرة سيارات”.
وكان لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسّسه الإسلامي حسن الترابي وزيران في حكومة البشير بينهما سهير صلاح، وسبعة نوّاب في البرلمان.
وأكّد التحالف الذي يقود التظاهرات أنّ الاعتداء حادث فردي. (أ ف ب)