السلايدر الرئيسيتحقيقات

خرافات وأساطير صدقها المغاربة وأصبحت جزءاً من الموروث الشعبي… من “عيشة قنديشة” و”بابا عاشور” إلى “التابعة” و”الخنشوش “

فاطمة الزهراء كريم الله

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ خرافات وأساطير غريبة ومضحكة في بعض الأحيان تنتشر في المغرب ويؤمن بها بعض المغاربة، وهي الخرافات التي يرى باحثون أنها تولدت نتيجة تراكم ديني وحضاري عاشته المملكة، إذ تختلط فيها معتقدات إسلامية بعناصر يهودية أو مسيحية أو وثنية.

“التابعة” التي يعتقد بعض المغاربة أن “التابعة” قوة خارقة تصيب الفرد إذا ما “تبع حساد تحركاته وأفعاله”. و”الخنشوش” وهي من بين الخرافات تشاؤمية، التي ارتبطت بالأعراس في المغرب. فيعتقد انه اي شخص يأكل “الخنشوش” (فم الخروف) في أضحية عيد الأضحى، سيكون عرسه في يوم ماطر وفيه برق ورعد.

و”التصفير يجلب الفقر”، حيث يعتقد بعض المغاربة بأن التصفير داخل البيت يجلب الفقر.كما أن البعض يؤمن بأن الكنس خلال الليل جالب للعوز والفاقة. بالإضافة، إلى تجنب ضرب الشباب بالمكنسة، لأن ذلك يمكنهم من الزواج. بالإضافة إلى “الجرو لطرد العقم” وهو من بين الاعتقادات السائدة في المجتمع المغربي، حيث أن بعض النساء يعتقدن أن المرأة إذا أكلت الجرو الصغير، بعد طبخه مع بعض الأعشاب سترزق بمولود. وتؤمن بعضهن أيضا أن المرأة العاقر تستطيع أن تصبح ولودا، إذا شربت خليطا من النبيذ والدم في ليلة مقمرة.

أساطير شعبية قديمة…

لا شك أن الباحث في الثقافة المغربية سيجد أنها مليئة بالأساطير والخرافات، والحكايات الملحمية و والشخصيات السحرية، وكثيرا ما سيجد أن تلك القصص الأسطورية أصبحت تراثاً متوارثاً يكاد يكون قريباً جداً من التصديق إذ أصبح أغلب تلك الأساطير والخرافات قديمة تمثل تراثنا الشعبي مثل:

عيشة قنديشة…

تعتبر “عيشة قنديشة” أو سيدة المستنقعات من أكثر شخصيات الجن شعبية في التراث الشعبي المغربي، و يتم تصويرها في شكل ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة تقضي مطلق وقتها في حبك الألاعيب لتفريق الأزواج تبدو مثل امرأة فاتنة الجمال تخفي خلف ملابسها نهدين متدليين وقدمين تشبهان حوافز الماعز أو الجمال أو البغال (بحسب المناطق المغربية). تفتن “عيشة قنديشة” الرجال بجمالها وتستدرجهم إلى وكرها حيث تمارس الجنس معهم ومن ثم تقتلهم فتتغذى على لحوم ودماء أجسادهم إلا أنها تخاف من شيء واحد وهو اشتعال النار أمامها، وفي إحدى القصص التي تدور حولها يزعم أن “عيشة قنديشة” اعترضت مرة سبيل رجال كانوا يسكنون القرى فأوشكت على الإيقاع بهم من خلال فتنتها إلا أنهم استطاعوا النجاة منها خلال قيامهم بحرق عمائمهم أمامها وذلك بعد أن لاحظوا شيئاً فيها يميزها عن بقية النساء وهو أقدامها التي تشبه قوائم الجمل.

تقول بعض الروايات، إن “عيشة قنديشة” شخصية حقيقية وهي امرأة تنحذر من الأندلس، من عائلة موريسكية نبيلة طردت عائلتها من هناك، عاشت في القرن الخامس عشر وأسماها البرتغاليون بعيشة كونديشة أي الأميرة عيشة (الكونتيسا). وقد تعاونت مع الجيش المغربي آنداك لمحاربة البرتغاليين الذين قتلوا وشردوا أهلها. فأظهرت مهارة وشجاعة في القتال حتى ظن البعض وعلى رأسهم البرتغاليون أنها ليست بشرا وإنما جنية.

وبهذا صنعت “عيشة قنديشة” لنفسها مجدا واسما لدى المقاومين والمجاهدين وعند عامة المغاربة لما حاربت الاحتلال واتخذت في ذلك مذهبا غريبا كانت تقوم باغراء جنود الحاميات الصليبية وتجرهم إلى حتفهم إلى الوديان والمستنقعات حيث يتم ذبحهم بطريقة ارعبت المحتلين الأوروبين.

ويربط الانثربولوجي الفنلندي، وستر مارك، الذي درس أسطورتها، بين “عيشة قنديشة” المهابة الجانب “عشتار” الهة الحب القديمة التي كانت مقدسة لدى شعوب البحر الأبيض المتوسط وبلاد الرافدين من القرطاجيين والفينيقيين والكنعانيين، حيث الذين كانوا يقيمون على شرفها طقوساً للدعارة المقدسة، وربما أيضا تكون “عيشة قنديشة” هي ملكة السماء عند الساميين القدامى الذين اعتقدوا أنها تسكن العيون والأنهار والبحار والمناطق الرطبة.

بابا عاشور…

وفقاً للأساطير المغربية القديمة فهو “سانتا كلوز” المغرب، فهو رجل حكيم وقديم، وفاضل جداً يساعد الفقراء، وطبقاً للفلكلور الشعبي، فإن بابا عيشور، ذهب إلى مجلس النواب ليطلب التبرعات والهدايا ليقوم بتوزيعها على الأطفال المحتاجين، ولهذا فإن هذه الشخصية ينتظرها الأطفال دائماً في الأعياد، حيث في آواخر القرن 19 كان الناس يجلسون معاً حول النار في المناسبات ليسردون قصصه مع تناول المكسرات والحلويات والرقص والغناء، فلحد الآن لازال الأطفال في عاشوراء يجولون من الأحياء و يطلبون الحلوى والفواكه الجافة و النقود وذلك بإلقاء السؤال “حق بابا عيشور” لكبار الحي والمارة.

هذا ويعتبر “حق بابا عيشور” من أهم التقاليد في عاشوراء. حيث يقوم كل من يسكن في حي فيه الكثير من الأولاد بشراء الحلوى والفواكه الجافة وتحضيرها لحين قدوم الأولاد في العيد. أصبح هذا التقليد مشهورا في الاونة الأخيرة حيث يعتبر كبديلا للالعاب النارية التي تؤدي عادة إلى مجموعة من الحوادث.

مؤخرا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعض القصص المثيرة مثل:

ملائكة مكناس…

في شهر رمضان من السنة الماضية، انتشر على نحو واسع بين مغاربة مواقع التواصل الاجتماعي، شريط مصور تظهر فيه أنوار في سماء مدينة مكناس (شمال شرق المغرب).

وفي تفسير غريب، اعتبر البعض أن تلك الأنوار الظاهرة في السماء هي ملائكة، ظهرت في السماء تزامنا مع “ليلة القدر”، وهو التفسير الذي أثار حينها موجة من ردود الفعل المستغربة.

وقد لقيت تلك الإشاعة انتشارا بين العديد من المغاربة، قبل أن يتبين أن مصدر الأضواء الظاهرة في السماء، حفل احتضنه أحد فنادق المدينة تلك الليلة.

كنز سرغينة…

في واقعة أثارت استغراب البعض وسخرية آخرين، توجه الآلاف من المغاربة السنة الماضية، إلى أحد الجبال في إقليم بولمان، بعدما انتشرت إشاعات تفيد بوجود كنزضخم هناك.

ووسط صدمة كثيرين انتشرت صور ومقاطع فيديو تظهر العدد الهائل للأشخاص الذين توجهوا نحو تلك المنطقة، وجلسوا ينصتون إلى “خطبة” الشخص الذي كان يردد أنه كان يرى في حلمه رجلا يخبره بوجود كنز هناك.

وتسلق آلاف الأشخاص الذين حجوا إلى المنطقة الجبل، وظلوا يكبرون وهم يحملون الأعلام المغربية، قبل أن يتدخل الدرك لتفريقهم.

“الراكد” او الجنين النائم …

“الراگد” أو “الراقد”، مصطلح مغربي منتشر في الأوساط الشعبية، يعني “الجنين النائم”. هذا التمثل قديم وقد ارتبط بقصص وحكايات غريبة لنساء أنجبن بعد أشهر طويلة، بل وبعد سنوات من الحمل.

ولأنه لم تكن هناك من وسائل تؤكد أو تنفي حقيقة ذلك الأمر، فقد انتشرت فكرة “الراكد” وانتشرت معها القصص الغريبة لنساء وضعن حملا كان يدعى أنه عاش داخل البطن أشهرا وسنوات.

الجهل وغياب الفكر العقلاني سبب في انتشار هذه المعتقدات…

حول هذا الموضوع كان لصحيفة “” اتصال مع الأستاذ الجامعي فؤاد بلمير ، الباحث في الإجتماع، الذي يرى أن “هذا التفكير الاسطوري والخرافي ليست مسألة أساسية لأنه لا يرتبط بكافة المغاربة على الخصوص و لأنه ليس خصوصية مغربية، هذا الفكر بطبيعة الحال هو سائد في كل المجتمعات المشابهة للمغرب، في اسيا في امريكا الجنوبية، في اوروبا في قرون الوسطى حيث كان منتشرا بشكل كبير جدا، بالتالي فمثل هذه المعتقدات ليس خاصية مغربية”.

“عندما يكون العقل معطل يضيف بلمير، وعندما لم نتعلم في مؤسسات التنشآة الاجتماعية وعلى رأسها المدرسة ولم نتمكن من أن نفكر، ولم نتمكن من العقل النقدي، ولم نتمكن من أن نتعلم طرح الاسئلة، وأن نبحث عن المعرفة خارج مجموعة من المعتقدات غير العلمية أكيد على أن هذا الغياب لهذا لتفكير العقلاني، سيقود الكثير من الناس إلى الإيمان بمثل هذه الأفكار وهذه المعتقدات الخرافية”.

وأشار الباحث المغرب، إلى أن “أسطورة “عيشة قنديشة” كالكثير من الأساطير والخرافات، اعتقد أنه أجاب عليها الفكرة العقلاني، فهي سيدة كانت في مدينة أزمور، والاسبان قتلوا زوجها وبدأت تنتقم وكانت في البحر… لكن الناس نسجوا حولها أساطير وتم اعتبارها على أنها ليست من البشر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق