ـ تونس ـ من سناء محميدي ـ لم يستفق التونسيون بعد من فاجعة وفاة الرضع في تونس، التي هزت الرأي العام منذ مدة قصيرة، لتتبعها فاجعة أخرى بموت 15 امرأة عاملة بالفلاحة بمحافظة سيدي بوزيد، لتنكأ هذه المأساة الجديدة جراح التونسيين من التهميش الاقتصادي والسياسي، وتشعل غضبا اجتماعيا حادا ضد الحكومة والدولة.
وانتشر وسم #شهيدات_الخبز على شبكات المواقع الاجتماعي، كشكل من تأبين النساء اللواتي لقين حتفهن، في سبيل بحثهن عن الخبز لإطعام عائلاتهم وأبنائهم، وتصاعدت بعد هذه الحادثة الانتقادات المعارضة لسياسات الحكومة التونسية، لمواصلتها سياسة التهميش في المحافظات الداخلية بتونس.
وازدادت حدة الغضب والسخط بصفوف التونسيين، بعد انتشار صورة وشاح احدى النساء المتوفيات، ورفعها كعلم فوق بيتها ، لتصبح هذه الصورة رمزا للتهميش برتبة مواطنين بلا وطن، لتغزو هذه الصور الصفحات الاجتماعية، ليسارع على اثرها الفنانون الى رسم لوحات تجسد راية وشاح ” شهيدات الخبز”.
تونس.. الموت في الكراتين أو الشاحنات
واثارت هذه الفاجعة الجديدة التي هزت الرأي العام، استنكار التونسيين لعمليات الموت الجماعية، محملين الحكومة مسؤولية هذه المصائب، وفشل سياستها في تطويق مثل هذه المآسي الانسانية، وعجزها عن توفير خطط او استراتيجيات وطنية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة، معتبرين أن الموت يتربص بالشعب التونسي منذ الولادة حيث يتم وضع جثثهم في الكراتين، أو يموتون في شاحنات الموت دون ادنى اهتمام بسلامتهم أو حمايتهم.
العصيان
ورغم زيارة رئيس الحكومة التونسي، يوسف الشاهد، لأهالي ضحايا الحادثة، الا أنه لم يمتص غضب التونسيين، حيث قرر الاتحاد التونسي للشغل، تنفيذ اضرابا عاما بمحافظة سيدي بوزيد واعتباره يوم حداد على ضحايا الحادث الذي حصد حياة 15 امرأة بمنطقة السبالة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد بعد انقلاب شاحنة كانت تقل عمالا في طريق عملهم، في حين دعا آخرون الى تحويل الاضراب العام الى عصيان مدني احتجاجا على سياسة تهميش الحكومة، التي تجاهلت فقرهم وعوزهم.
جريمة “الحكومة”
من جهته، حمّل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له المسؤولية المباشرة لفاجعة السبالة السلط المركزية ممثلة في رئيس الحكومة ووزراء الداخلية والفلاحة والنقل، مطالبا بتتبعهم جراء تعريضهم حياة العاملات الفلاحيات للخطر اليومي، معتبرا أن هذه الجريمة تثبت مرّة أخرى غياب العزيمة الصادقة والبرنامج الجدّي لحماية العمال والقطاعات الاقتصادية الأساسية، محذرًا من التطبيع مع الكوارث المتكررة نتيجة تراجع الخدمات العمومية في قطاعات عديدة جراء سياسات اقتصادية واجتماعية فاشلة.
في المقابل، أدان الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له بشدة “استمرار تجاهل نقل العملة الفلاحين في ظروف غير إنسانية وغير آمنة أمام صمت السلط وعجزها”، محملا إياها مسؤولية استمرار هذا الوضع ومطالبا باتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تكرارها وحماية العملة الفلاحيين من الحيف والتهميش.
وذكر اتحاد الشغل، أنه وعلى الرغم من توصّله لإمضاء اتفاقية إطارية مشتركة للعملة الفلاحيين بينه وبين الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري واتفاقية خاصّة بنقل العملة الفلاحيين إلاّ أنّها بقيت حبرًا على ورق ولم تجد طريقا لتفعيل ما ورد فيها من حقوق من خلال تشريعات وقوانين واتفاقيّات قطاعية صارمة تضمن الحدّ الأدنى من الأمان والحماية وتصون كرامة العاملات والعاملين في المجال للفلاحي.