العالم

جيران الشقيقين الانتحاريين في اعتداءات سريلانكا محتارون من تطرفهما

ـ كولومبو ـ كان الشقيقان الانتحاريان اللذان شاركا في تنفيذ اعتداءات الفصح في سريلانكا يجوبان كولومبو بسيارات فارهة ويتجهان نحو مستقبل مهني واعد، مما جعل من الصعب على جيرانهما فهم كيفية تحولهما الى التطرف الإسلامي وصولا الى تفجير نفسيهما.

بعد أقل من خمس ساعات من أحد الفصح، تعرضت ثلاث كنائس وثلاثة فنادق لاعتداءات خلفت 253 قتيلا. وكان رجل الأعمال ماهاناما جايمان يحاول أخذ قيلولة عندما استفاق على صوت انفجار هز نوافذ منزله.

وبعد صباح حافل بالأحداث، أدرك الكاثوليكي جايمان (55 عاما)أن الأمور أخذت منحى مقلقا بشكل أكبر عندما سمع ازيز مروحيات تحلق فوق حي ديماتاغودا الهادئ الذي تنتشر الأشجار على جنباته.

وقال لوكالة فرانس برس “اصاب الذعر الجميع .. في البداية اعتقدت أن ارهابيا دخل منزلا مجاورا ويختبئ فيه، وبعد ذلك أدركت أن التفجير نفذه شخص كان يعيش في ذلك المنزل .. فأصبت بصدمة”.

كان ذلك المنزل يعود إلى الشقيقين الهام ابراهيم وانشاف احمد اللذين كانا يساعدان والدهما في إدارة تجارته المزدهرة في البهارات، وكان يمتلك مصنعاً لصنع أسلاك النحاس مما مكن الاسرة من شراء سيارات فارهة والعيش في منزل فاخر.

إلا أنهما اختارا تفجير نفسيهما في الاعتداءات.

فقد نفذ الشابان اللذان كانا يرتديان سترات ناسفة، هجمات متزامنة بينما كان النزلاء يصطفون في المطعم لافطار الفصح في فندقي “سينامون غراند” و”شانغريلا”.

وسرعان ما قادت التحقيقات الشرطة إلى الفيلا الفاخرة في منطقة “ماهاويلا غاردنز”.

وعندما داهمت قوات الأمن الفيلا المؤلفة من ثلاثة طوابق، قامت زوجة أحد الشقيقين بتفجير قنبلة أدت إلى مقتلها واثنين من أطفالها ورجلي شرطة.

كما قام قريب آخر لهما بتفجير نفسه، ما أدى إلى مقتل أحد المحققين.

وصرح مسؤول بارز في الشرطة “كان أفراد العائلة الآخرون يعلمون ما فعله الشقيقان .. ويبدو أنهم كانوا يعلمون أننا قادمون”.

“لم أشاهد وجهي زوجتيهما مطلقاً”

عندما انتقل والد الانتحاريين إلى هذا الحي في مطلع التسعينات، كان رجل أعمال صغير يستورد السمك المجفف من المالديف ويعيش في بيت متواضع.

وأُعجب جايمان، الذي يملك شركة بناء، بمهارة جاره الجديد في مجال الأعمال، وأصبحا صديقين.

ومع ازدهار أعمال ابراهيم، انتقل إلى فيلا مجاورة، واشترى اسطولا من السيارات الفارهة، إلا أن اخلاقياته في العمل لم تتغير، بحسب جايمان.

وقال “كان رجلا يستيقظ باكراً، وإذا لم يصل سائقه كان يركب الريكشو (سيارة ثلاثية العجلات) ويتوجه إلى عمله”.

وأضاف “كان أبناؤه دائما مؤدبين ومضيافين تجاهي بسبب صداقتي مع والدهما”.

وقال إن الثروة الطائلة لم تكن الميزة الوحيدة للعائلة.

وأوضح “كانت زوجتا الشابين ترتدين الثياب التي تغطيهما بالكامل. وخلال زياراتي لمنزلهم، لم أر وجهيهما مطلقاً”.

وفي شوارع الحي حيث يلعب الأولاد في العادة، نادرا ما كان أطفالهما يشاهدان في الخارج، بحسب جايمان.

قالت محللة العمليات شاسنا رفيع الدين (26 عاما) “كانت المرأتان ترتديان دائما ملابس تغطيهما بالكامل، وكان الرجال يرتدون في الغالب الطاقية الاسلامية. كنت أجد ذلك أمراً غريبا لم يعجبني”.

وأضافت “أنا مسلمة كذلك، ولكن من الواضح أنهم كانوا أكثر تشددا .. ولكنني لم أدرك أبدا أنهم عنيفون”.

 من الغنى إلى التطرف 

كان الشقيقان عضوين في “جماعة التوحيد الوطنية” التي أسسها الداعية السريلانكي زهران هاشم المرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد والذي أعلن مسؤوليته عن اعتداءات الفصح.

وتحاول الشرطة فهم كيف أقام الشقيقان علاقات وثيقة مع الداعية الأصولي الذي طُرد من مدرسة دينية وكان يخشاه المسلمون المعتدلون في بلدته الأصلية.

وقال المحققون ان هذه الصداقة ربما تعود إلى العام 2017 وأن ثروة الشقيقين سمحت لزهران هاشم بتمويل نشاطاته المتشددة واستقطاب أتباع آخرين.

وتردد أن الشقيقين أوصيا بممتلكات بقيمة مئات آلاف الدولارات لأقارب لهما قبل وقت قصير من الاعتداءات.

وتحتجز الشرطة عددا من أقاربهم ومن بينهم والد الشقيقين.

وفي الوقت الذي يحاول سكان الحي استيعاب ما حدث، يقول جايمان انه لا يستطيع أن يفهم كيف استطاع أفراد عائلة كان يعتبرهم اصدقاء له أن يرتكبوا هذه المجزرة ضد ابناء بلدهم المسيحيين.

وأضاف “كمسيحي كاثوليكي اشعر بالحزن العميق والخيانة. أعتقد أنهم خانوا الجميع في سريلانكا بمن فيهم المسلمون”.

وتابع “أشعر بالغضب البالغ، وبتضارب المشاعر لأن هذين هما نفس الشابان اللذان كانا يقدمان لي الشاي وينادياني ب+عمي+”.

وقال “من الواضح أنهما مسؤولان عن هذه الهجمات، ولكن قلبي لا يريد تقبل ذلك”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق