شرق أوسط
أطراف النزاع في جنوب السودان يلتقون في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام
ـ اديس ابابا ـ بدأ اطراف النزاع في جنوب السودان اجتماعا في أديس أبابا الخميس يستمر يومين في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام الذي وقع في أيلول/سبتمبر الماضي في العاصمة الإثيوبية وتأخر تطبيقه، وقبل ايام من انتهاء مهلة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ووقع الرئيس سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار بالاضافة الى مجموعات أخرى اتفاق سلام في أيلول/سبتمبر عام 2018، هو الأخير في سلسلة من الجهود لانهاء نزاع مدمر دخل الآن عامه السادس.
وينص هذا الاتفاق على مرحلة انتقالية تنتهي في 12 أيار/مايو تشكل بعدها حكومة وحدة وطنية. لكن تطبيقه تأخر بسبب الخلافات العميقة بين الحكومة والمتمردين بشأن المواقف التي يجب اتخاذها.
والتقى ممثلو المتحاورين بدعوة من التكتل الإقليمي لشرق إفريقيا “السلطة الحكومية للتنمية” (إيغاد) من أجل الصلاة قبل بدء جلسة محادثات مغلقة.
وشددت الحكومة على وجوب أن يركز اللقاء على كيفية الدفع بعملية تشكيل حكومة وحدة وطنية الى الأمام.
ويطالب معسكر مشار بمهلة ستة أشهر لحل المشاكل الأمنية وقضايا اخرى يقول إنها تمنعه من العودة الى جوبا.
وقال كانغ بال شول أحد قادة حركة مشار “الحركة الشعبية المعارضة لتحرير السودان” للصحافيين “هناك قضايا رئيسية لم يتم تنفيذها في اصل اتفاق السلام الجديد”.
وأضاف “لقد اقترحنا اطارا زمنيا من أجل تنفيذ هذه القضايا الرئيسية يظهر حاجتنا الى ستة اشهر لتحقيق الامور التي لا تزال عالقة”.
وتابع “نتوقع ان يخرج الاجتماع بالحل مع اقتراب موعد 12 ايار/مايو. وان يعود قادة جنوب السودان الى ضميرهم للاتفاق على ما يمكن ان يدفع البلاد الى الأمام”.
وقال وزير الاعلام في جنوب السودان مايكل ماكوي للصحافيين “لو لم تكن الحكومة جاهزة لمهلة 12 ايار/مايو، لما حضرنا الى هنا”.
ولدى مشار الذي يقيم حاليا في الخرطوم، بعض الأسباب لالتزام الحذر. ففي 2016، اضطر للهرب من جوبا تحت نيران جيش كير بعد فشل اتفاق سابق للسلام أدى إلى مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للرجلين.
ويفترض أن يستعيد مشار الذي سيتوجه إلى العاصمة الإثيوبية، بموجب اتفاق السلام، منصبه كنائب للرئيس.
ويقول مراقبون إن الخطوات الحاسمة المنصوص عليها في الاتفاق مثل إنشاء جيش موحد ومناقشة السيطرة الأمنية على العاصمة لم تتم بعد.
والمسألة الاساسية الاخرى التي ستتم مناقشتها هي الموضوع الخلافي حول الحدود الداخلية.
فعندما نالت دولة جنوب السودان استقلالها كانت البلاد مقسمة الى 10 ولايات، لكن أعيد تقسيمها الى 32 ولاية في محاولة بحسب مراقبين من كير للتلاعب بالحدود التقليدية من أجل تعزيز سلطته.
ويصر شول على حل هذا الموضوع قبل تشكيل الحكومة.
البحث عن توافق
دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج أطراف النزاع إلى التوصل إلى تسوية، مدركة خطر انهيار عملية السلام مجددا في جنوب السودان الذي يشهد حربا أهلية منذ كانون الأول/ديسمبر 2013.
وقالت الدول الثلاث الراعية التاريخية لاستقلال جنوب السودان والممولة الكبيرة له، في بيان الثلاثاء إن “أي قرار حول تشكيل حكومة انتقالية وفق الاتفاق أو إرجاءه إلى موعد لاحق يجب أن ينبثق من توافق بين الأطراف”.
وأضافت هذه “الترويكا” أنه “إذا توصل الأطراف إلى توافق حول الحاجة إلى مهلة، فعليهم أن يضعوا خطة واقعية لتسوية المشاكل العالقة والتقدم بموجب جدول زمني محدد”، محذرة من أن أي إرجاء يمكن أن “يبطىء حيوية (العملية) ويعرض عملية السلام للخطر”.
وأشارت إلى أن تطبيق اتفاق السلام “تأخر ولم تحترم استحقاقات أساسية”.
وإلى جانب الأمن في جوبا، لم تحل قضايا حساسة مثل إنشاء جيش وطني وإعادة مجموعات مسلحة إلى الثكنات وعدد الولايات في البلاد.
وهذه ثالث محاولة لدفع كير ومشار إلى العمل معا بعدما أدى التنافس بينهما إلى اندلاع حرب أهلية في كانون الأول/ديسمبر 2013، أسفرت عن سقوط أكثر من 380 ألف قتيل ودفعت أربعة ملايين شخص، أي ثلث سكان البلاد، إلى النزوح.
ومنذ توقيع اتفاق السلام، تراجعت حدة المعارك إلى حد كبير، لكنها لم تتوقف. ويأمل سكان جنوب السودان أن يتمسك كير ومشار بالرسالة التي وجهها اليهما البابا فرنسيس مطلع نيسان/ابريل.
فبعد خلوة ليومين في الفاتيكان، عبر الحبر الأعظم لكير ومشار عن الأمل في “وقف الأعمال العدائية واحترام الهدنة”، قبل أن يركع ويقبل قدمي كل من الرجلين، في صورة تناقلتها وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم. (أ ف ب)