ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ رحبت قوى المعارضة السياسية بتحفظ دعوة المؤسسة العسكرية إلى “الحوار مع مؤسسات الدولة”، لكنها اعتبرت بالمقابل أن هذه الدعوة تحتاج إلى مزيد من التوضيحات بشأن “آليات” الحوار ومؤسسات الدولة التي أشار إليها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في ظل تمسكها برفض الحوار مع رموز النظام السابق في إشارة منها إلى رئيس الدولة الجزائرية السابق عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وثمنت حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد) دعوة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إلى الحوار بين الشخصيات السياسية والأحزاب ومؤسسات الدولة، وأكدت أنها طالما “دعت وتدعو إلى ضرورة استنفاذ آليات الحوار في حل الأزمات وتجاوز الصعوبات والوصول إلى حالات التوافق الوطني الواسع”.
وفي تعليقها على دعوة قائد أركان الجيش للحوار بين القوى السياسية والمدنية مع مؤسسات الدولة، اعتبرت الحركة التي أسسها الإسلامي الراحل محفوظ نحناح “أن الخطوة مناسبة للمسارعة في الاستجابة للمطالب الجامعة للشعب الجزائري المعبر عنها في الحراك الشعبي”.
وأعلن تنظيم “إخوان الجزائر” تأييده لطرح قايد صالح في “انتقال ديمقراطي يمنع تكرار نشوء عصابات أخرى مهددة للسيادة والثروة الوطنية”.
بدورها اعتبرت حركة البناء الوطني (حزب محسوب على التيار الإسلامي)، دعوة قائد المؤسسة العسكرية، أن “الحوار هو الأسلوب الأمثل للخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي ولتكريس آليات تضمن النزاهة”.
وتحدث عن “حوار جاد وصريح بين مكونات الساحة التمثيلية، وبين السلطة الفعلية يضمن نتائج تعود بالخير على البلاد وتخرجنا من حالة المراوحة إلى التأسيس القانوني والتنظيمي لهيئة وطنية مستقلة للانتخابات”، التي دعا إلى تأجيلها (مقررة في الرابع من يوليو/ تموز المقبل).
ويرى رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة أن “جزءاً من تعقد الأزمة وعدم إيجاد حلول كبيرة لها يعود بالأساس لغياب آلية فعالة للحوار، وعدم الثقة في الآلية المتاحة، ولشكلها وأجنداتها، وتشتت المعارضة والقوى المجتمعية على العديد من المنصات، وكذا تحرر البعض وعدم انتمائه لأي منصة، مع تباين الرؤى أحياناً إلى حد التناقض في تصور الحلول”.
أما زعيم حزب طلائع الحريات المعارض ورئيس الحكومة الأسبق على بن فليس، فقد اعتبر أن الحوار “یمثل جوھر العمل السياسي المسؤول والبناء، كما یشكل أیضا الوسیلة المفضلة التي یتوجب توظیفھا في حل الأزمات”.
ويرى بن فليس أن “رهان الساعة المفصلي يكمن في تفعيل هذا الحوار بتهيئة كل الظروف الملائمة لحسن سيرورته ونجاعته ونجاحه”.
وقال إن “البلاد تواجه أزمة سياسية ودستورية ومؤسساتية، لكن الأخطر من هذا هو الانسداد الكامل الذي يعترض سبيل البحث عن حل الأزمة”.
وأوضح زعيم حزب طلائع الحريات المعارض، أن “أولوية الأولويات في هذه الساعة تكمن في تجاوز هذا الانسداد وفسح المجال لتوافق حول مضمون هذا الحل”.
وأرجع المتحدث أسباب هذا الانسداد إلى “تعارض عميق” و”تباعد صريح” بين مسار مبني على أساس تطبيق حرفي وحصري للمادة 102 من الدستور والمطالب المشروعة المعبر عنھا من طرف الثورة الديمقراطية السلمية التي تعيشها الجزائر.
واشترط بن فليس قبوله الجلوس على طاولة الحوار “مخاطبون ذوي مصداقیة والثقة كما یتطلب وضع أطره الدقیقة ورسم أھدافه المتوخاة وتشخیصھا بكل وضوح”.
وكان قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، قد دعا إلى اعتماد الحوار مع “مؤسسات الدولة” باعتباره الخيار الوحيد للخروج من الأزمة، محذرا من الوقوع في “العنف”، في حين استمرت المظاهرات الرافضة للمسار الحالي والمطالبة برحيل جميع أركان النظام.
وقال قايد صالح في تصريح جديد، نقله موقع وزارة الدفاع، “إنني على قناعة تامة بأن اعتماد الحوار البناء مع مؤسسات الدولة هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة، وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة وتقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة”.
وكان الفريق صالح أكد الثلاثاء أنّه “وجب علينا جميعا العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة”، موضحا أن الجيش “لا يحيد عن الدستور، مهما كانت الظروف والأحوال”.