شرق أوسط

رئيس الوزراء العراقي: العراق قدم تضحيات كبيرة ويتعين على العالم دعمه … ونرفض العودة القسرية للمهاجرين

ـ برلين ـ أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أنه يتعين على العالم دعم بلاده بعد ما قدمته من تضحيات ودماء من أجل جعل العالم أكثر سلاما. وكشف عبد المهدي أن العراق لم يتلق طلبا من ألمانيا لمساعدتها في استعادة مواطنيها “الداعشيين” الموجودين في سوريا.

وفي مقابلة أجرتها وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) مع رئيس الوزراء خلال زيارته الأخيرة لألمانيا، أكد عبد المهدي أنه يتعين على العالم دعم العراق.

وقال عبد المهدي :”العراق قدم تضحيات كبيرة لمحاربة داعش … العراق خسر الملايين من أبنائه من نساء ورجال وأطفال من كافة الانتماءات. وأعتقد أن العراق بهزيمة داعش ساعد العالم، وساعد أوروبا بالذات، في التقليل من الهجرة وفي جعل العالم أكثر سلاما عما كان عليه في الأعوام الماضية … العراق يجب أن يُدعم وأن يتم التعامل معه بشكل مختلف، وليس أن تُرمى عليه المشاكل”.

وعما إذا كان هناك تعاون بين العراق ودول أخرى تريد استعادة مواطنيها الذي قاتلوا ضمن صفوف داعش في سوريا، قال :”أحيانا يُطلب من العراق المساعدة في نقل مواطني الجنسيات الأخرى ممن قاتلوا في سوريا … وفي هذا الشأن يتم دراسة كل حالة على حدة … نبحث ماذا يريدون وماذا نريد نحن، وهل ساهموا (المطلوبين) في أعمال ضد العراق؟ هل قاموا بعمليات مسلحة مباشرة أو غير مباشرة؟ … هل هم مطلوبون للقضاء العراقي أم لا؟”.

وحول ما إذا كانت ألمانيا طلبت مساعدة من العراق بهذا الخصوص، في ظل رفض الحكومة الألمانية التعامل مع المجموعات الكردية في سوريا لكونهم ليسوا جهة رسمية، قال عبد المهدي :”على قدر علمي، وأنا رئيس الوزراء، لم أتلق طلبا من ألمانيا … هناك طلب من آخرين : من أمريكا ومن فرنسا … لكن إلى حد الآن لم أتلق طلبا رسميا من ألمانيا فيما يخص مقاتلين ألمان داعشيين موجودين في سوريا … لم نتلق شيئا من هذا من ألمانيا بالذات”.

وأوضح :”هناك طلبات من جهات أخرى فيها أسماء لعناصر ألمانية داعشية، وليس عوائل، فهناك طلب لمقاتلين دواعش من جنسيات قد يكون قسم منهم من ألمانيا… هناك جهات عديدة : الأمريكان مثلا تكلموا والفرنسيين تكلموا، ونفس الشيء الأكراد السوريون، لكن لم يأت طلب رسمي من ألمانيا”.

وفيما يتعلق بعوائل داعش الموجودين حاليا داخل الأراضي السورية، قال :”إذا كانوا عراقيين، فالعراق يقوم بالتدقيق واستلامهم بعد التأكد من جنسيتهم، ثم نضعهم في أماكن ونقدم لهم كافة ما يجب أن يقدم من رعاية صحية وسكن إلى آخره، إلى حين الاطمئنان إلى أوضاعهم الأمنية. حين ذلك، يعودون إلى ديارهم أو ينقلون إلى مكان آخر … أما إذا كانوا من غير العراقيين، فهذا أمر آخر”.

وفيما يتعلق باللاجئين العراقيين الذين قدموا إلى ألمانيا ومدى إمكانية عودتهم إلى العراق، قال عبد المهدي:”ألمانيا استقبلت أعدادا كبيرة من اللاجئين وهذا عمل جيد من ألمانيا. ألمانيا تقوم بهذا العمل الإنساني لأسباب عديدة … وهذه المسألة كانت موجودة دائما، لكنها اتسعت في الآونة الأخيرة، ولكننا ضد العودة القسرية، ضد رمي المواطنين على الحدود. يجب معالجة هذه المسائل بشكل إنساني. يجب أن تعالج القضية بطريقة سليمة وقانونية وإنسانية”.

وحول الاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة العراقية لمنع عودة أيدولوجية داعش، قال رئيس وزراء العراق :” الأمر يعتمد على كيفية النظر لداعش، حيث أن هناك خلافا بين الدول في رؤية التنظيم … بالنسبة لمن يرى أن داعش تنظيم، فإن من يقضي على التنظيم يقضي على داعش، ولكن داعش ليس تنظيما وإنما مجتمع له أنصاره ودورته الكاملة …نستطيع محاربة داعش عسكريا وأن نقضي عليهم كما فعلنا في العراق وسوريا، لكن سيكون من الصعب جدا القضاء عليهم أيدولوجيا”.

واستطرد :”إذا ما أريد فعلا القضاء على داعش، علينا أن نتحد جميعا، مسلمين ومسيحيين، أوربيين وغربيين وغير ذلك، في تطويق هذه المجتمعات الداعشية لأنها تستطيع إعادة إنتاج نفسها … عندما تعاونا في محاربة تنظيم داعش، قضينا عليه، لكن إذا أردنا القضاء على أيديولوجية داعش، فإننا بحاجة إلى أنماط وأشكال عمل تختلف عن الأشكال الحالية”.

وحول مستقبل الأطفال الذي حاربوا في صفوف داعش وكيفية التعامل معهم، قال عبد المهدي:”إذا فهمنا ما هو داعش وكيف ينتج نفسه، نستطيع أن نتعامل مع أطفال داعش … لاحظتم في كثير من الصور مثلا طفلا في الثانية عشرة يقوم بقطع رأس … وهذا ليس إنسانا أو طفلا طبيعيا … ولهذا أقول إن داعش مجتمع وله تربية خاصة ويجب الانتباه لهذه المسألة. وإذا أردنا القضاء على هذه الأيديولوجية، فعلينا أن نفهم كل أبعاد داعش، وحينها سنستطيع التعامل مع أطفاله بشكل يختلف عن التعامل مع أي قاصر أو حدث”.

ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى أن الفيدرالية واللامركزية هي الطريق لضمان وحدة العراق، مشيرا إلى أن :”العراق اليوم بلد فيدرالي لا مركزي، العراق لم يعد كالسابق، ويرى أن الفيدرالية واللامركزية هي طريق وحدة البلاد وليس المركزية الشديدة، لذلك انطلقت الكثير من صلاحيات الوزارات: كل الوزارات الخدمية إلى المحافظات … لدينا في العراق 18 محافظة … كل محافظة تتمتع باستقلال مالي وإداري وحتى لها صلاحيات تشريعية بالوضع الحالي”.

وعن المطالب المتجددة بإقامة حكم ذاتي في محافظة البصرة الغنية بالنفط، قال عبد المهدي :”لا يوجد شيء اسمه حكم ذاتي … البعض يطرحون مفهوم الإقليم … وتحويل أي محافظة أو عدة محافظات لإقليم يلزمه توافر شروط دستورية … وعلى أي حال الدستور ينص على الإجراءات لكيفية إقامة مثل هذه الأقاليم”.

وبشأن إمدادات الكهرباء والماء، والاحتجاجات التي كان شهدها العراق للمطالبة بتحسين الخدمات، أشار إلى أن الوضع تحسن عن ذي قبل بشأن إمدادات الكهرباء والماء في البلاد، وأوضح :”الكهرباء تحسنت كثيرا وتمت الكثير من الإصلاحات الخدمية، وفي قضية المياه، الحمد لله هذه السنة كانت سنة رطبة، وشهدنا الكثير من الأمطار، ونوعية المياه اليوم في البصرة جيدة جدا … كما جاءت مياه كثيرة من إيران بسبب السيول، والخزانات العراقية اليوم مملوءة بالمياه أكثر بكثير من السنوات الماضية”.

واستدرك :”أما المظاهرات والاحتجاجات، فهذا أمر طبيعي في العراق وفي غير العراق … والحمد لله الاحتجاجات والمظاهرات خلال الفترة الماضية كلها تجري بشكل سلمي وبحماية الحكومة … وهذا أمر مقبول ولا نحتج عليه”.

وعن التقدم الذي تم إحرازه بشأن ملف عودة النازحين، وخاصة من أهالي الموصل، قال عبد المهدي:”هناك أعداد كبيرة قد عادت. قبل سنوات كان لدينا ملايين النازحين، واليوم لدينا عدة مئات الآلاف. خصوصا من الموصل: قسم لا يعود لأن بيته لا يزال مخربا، وقسم لا يعود مثلا لأن هناك /ثأرات/، وقسم وجد له مكانا في المخيم، وقسم استقر في مكان جديد … هناك حاجات لوجيستية يجب أن تتوفر… حاجات على الجميع، وعلى العالم أن يساعد في توفيرها لكي تحل مسألة النازحين … معظم النازحين من مناطق أخرى كالأنبار وديالى معظمهم عادوا وبقيت لدينا مشكلة نينوى، لأن نينوى شهدت معارك شرسة، فالمدينة تدمرت، والبنى التحتية تدمرت، ولذلك عودة الناس تحتاج إلى لوجيستيات وأعمال كبيرة”.

وحول رؤيته لقرار الولايات المتحدة إلغاء الإعفاءات المرتبطة بصادرات النفط الإيرانية وما إذا يتوقع أن يتم إعادة الإعفاءات في المستقبل، قال رئيس وزراء العراق:”يجب أن تسألوا الأمريكان … أنا لا أجيب نيابة عن أحد، وهذا القرار يعود لهم”.

وعن مجالات التعاون مع ألمانيا وما إذا كانت القروض التي قدمتها برلين للعراق قد ساهمت بالفعل في تحسين الأوضاع، قال عبد المهدي:”عموما، القروض الألمانية ساعدت في مجالات الطرق المدمرة والجسور المدمرة ومساعدة النازحين وإعمار مناطقهم … وقد ساهمت ألمانيا بشكل جيد في إعادة الإعمار … هذا فيما يخص الحرب، أما التعاون بين الجانبين في المجالات الاقتصادية، فهو أكثر من ذلك بكثير، وهذا واضح في مجالات مثل الكهرباء والطاقة وغيرها”.

وحول الهدف الأبرز من زيارته لألمانيا ولقائه بالمستشارة أنجيلا ميركل، قال رئيس الوزراء :”أن نصل إلى رؤية متكاملة في كيفية رؤية الشرق الأوسط والعراق والعالم … كيف يمكن أن نوجد سلاما دائما وتنمية مستدامة خصوصا لبلدان، مثل العراق، بعدما تعرضت له من عدوان كبير ودُمرت بناها التحتية من جراء تنظيمات عابرة للدول”، لافتا في هذا الشأن إلى أن “العراق ليس هو ولّد داعش حتى يتحمل وحده آثار داعش. وعلى العالم كله أن يتحمل ما حصل في العراق بسبب أعمال داعش”.

ووقع مسؤولون في الحكومة العراقية ورئيس شركة “سيمنس” الألمانية العملاقة للصناعات الهندسية والإلكترونية جو كيزر في برلين الأسبوع الماضي “اتفاقا تنفيذيا” لـ”خارطة طريق” من أجل إعادة تأسيس شاملة لقطاع الطاقة في العراق.

وبشأن التعاون في مجال الكهرباء مع “سيمنس” وشركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية، قال عبد المهدي :”الشركتان عملاقتان والعراق يريد أن يتعاون معهما … ولدينا مشاريع واتفاقات مع الشركتين”. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق