ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ اهتزت الجزائر، ساعات قليلة بعد إسدال الستار على الجمعة الحادية عشر من الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي، على وقع خبر اعتقال الملقبون بـ “رؤوس العصابة” على غرار شقيق الرئيس الأصغر السعيد بوتفليقة ورئيسي الاستخبارات الجنرالات محمد مدين المدعو توفيق والآخر عثما طرطاق المعروف بـ “البشير”.
وفي وقت كان الشارع ينتظر “تنازلات سياسية” جديدة قد تشفي غليل الجزائريين، أُعلن أمس عن اعتقال “رؤوس العصابة”، في مشهد قال عنه متتبعون للمشهد السياسي في البلاد إنه “تجاوب” جديد من قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح على مطالب الجمعة الـ 11 من الحراك.
واعتقلت جهات أمنية جزائرية سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وكذلك الجنرال عثمان طرطاق المدعو “بشير”، رئيس جهاز الاستخبارات التابع للرئاسة، والجنرال محمد مدين المدعو “توفيق”، رئيس جهاز الاستخبارات السابق التابع للمؤسسة العسكرية.
ويتواجد حاليا الموقوفين بمقر جهاز الأمن الداخلي التابع للاستخبارات بالعاصمة الجزائر، وجاء هذا كرد فعل من الجنرال قايد صالح الذي حذر مرارا وتكرارا رؤوس العصابة في خطاباته.
وجاء الاعتقال بعد عشرة أيام من توجيه قائد المؤسسة العسكرية الفريق أحمد قايد صالح تحذيرا مباشرا باتخاذ إجراءات صارمة في حق الجنرال توفيق، بسبب ما اعتبرها الجيش بـ “الاجتماعات المشبوهة التي تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب ومن أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته”.
وكشفت تقارير إعلامية محلية أن الجنرال توفيق الذي أقيل من منصبه رئيسا للمخابرات في سبتمبر/أيلول 2015، هو من أشرف على إدارة اجتماع عقد في 30 مارس/آذار جمعه والرئيس السابق ليامين زروال، والسعيد بوتفليقة لبحث خطة تشكيل هيئة رئاسية انتقالية قبل أن يتفطن الجيش لذلك ويدفع بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل/نيسان الماضي.
توقيف “الثلاثي” ضربة قاسية للثورة المضادة
ويقول في الموضوع المحلل السياسي توفيق بوقاعدة، في تصريح لـ “” إن ما حدث من اعتقال كل من سعيد بوتفليقة والفريق محمد مدين واللواء عثمان طرطاق هي عملية لتفكيك العاصبة التي كانت تسعى الانقلاب على الشعب والإرادة الشعبية في البلاد.
بينما يعتقد القيادي في حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد) عبد الرحمان سعيدي أن توقيف الفريق توفيق واللواء طرطاق والمستشار سعيد بوتفليقة أخ الرئيس السابق من طرف الأمن الداخلي ” يعتبر ضربة قاسية لها ولما بعدها.
ويرى المتحدث أن الأيام القادمة ستكون حبلى بوضع سياسي وامني فيه تحولات يعد نهاية بداية مشروع مضاد للحراك الشعبي الذي بدأ يعرف تذبذب واضطراب الرؤية وضيق في الأفق فكان يترصده هجوم مضاد ثلاثي القيادة أو رأس الحربة المسمومة.
وقال إن “الثلاثي المضاد يشكل قرار الثورة المضادة وكان في لحظة وضع المشروع وتحضير للتكليف لجهات المناولة والتقييم الوضع والانطلاق في المضادات السياسية والإعلامية والأمنية والمالية للحراك وعلى رأس تنفيذ المضادات مخطط اضرار بالمؤسسة العسكرية وقيادتها واتهامها باتهامات خطيرة وتوتير العلاقة بينها وبين الحراك الشعبي وظهرت عناوين المخطط في الحراك الشعبي وفي منشايت الصحف والمواقع الإلكترونية”.
دعوات لمساندة المؤسسة العسكرية
ويترقب الجزائريون في هذه الأثناء خطابا جديدان، اليوم الأحد، يتوقع أن يلقيهما كل من قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ورئيس الدولة الجزائرية المؤقت عبد القادر بن صالح حول الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي.
وكشفت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان لها عن”زيارة مرتقبة لرئيس أركان الجيش الجزائري إلى وهران غربي الجزائر (الناحية العسكرية الثانية ) للإشراف على تدشين ثكنة جديدة مخصصة لوحدة من وحدات الدفاع الجوي عن الإقليم”.
ومنذ بداية الحراك الشعبي ضد ترشح الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، يستغل قائد الأركان زياراته الميدانية إلى المناطق العسكرية لإلقاء خطابات تتضمن مواقف المؤسسة من الأزمة السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد.
وفي انتظار صدور توضيحات للرأي العام حول توقيف القائد السابق لجهاز المخابرات ومستشار الرئيس وقائد جهاز الاستعلامات، برزت أصوات تدعو إلى مساندة المؤسسة العسكرية والاستجابة إلى دعوة الحوار التي تحدث عنها قائدها الفريق أحمد قايد صالح.
وقال زعيم إخوان الجزائر السابق أبو جرة سلطاني، في بيان له تحوز “” على نسخة منه ” بانتظار صدور بيان يُوضح للرأي العام فحوى توقيف القائد السابق لجهاز المخابرات، ومستشار الرئيس، وقائد جهاز الاستعلامات. نرى أن لحظة التساند بين الشعب والمؤسسة العسكرية باتت واجبًا وطنيًا لحماية مكاسب الحراك” مضيفُا “يجب أن يتعزز التوافق والتكامل والثقة ووحدة الهدف بين الجيش والحراك لاستكمال بناء الجزائر المنشودة”.
وعليه يعتقد رئيس حركة مجتمع السلم سابقًا، أن هذه المرحلة الحساسة “تُوجب اسناد مؤسسة الجيش بكل قوة والاستجابة لدعوتها إلى حوار وطني جاد لبلورة خريطة طريق توافقية تكون مخرجاتها إعادة رسم المشهد السياسي برمته على أسس جديدة. أما المدخلات فتقررها الأطراف المشاركة في الحوار برعاية الجيش ومرافقته وضمان نتائج الحوار”.
ونبّه نفس المتحدث إلى أن “الطريق مازال طويلًا، والوقت صار ضاغطًا، ولكن البدايات مشجعة ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة في الاتجاه الصحيح. وقد بدأت”.