شمال أفريقيا
سفيان طوبال: أزحنا السبسي الابن لاسترجاع “نداء تونس” … والشاهد قد يكون مرشحنا للرئاسيات
ـ تونس ـ نفى سفيان طوبال القيادي بحزب “حركة نداء تونس” (شق الحمامات) ما يتردد حول عقد صفقة مع رئيس الوزراء يوسف الشاهد وأطراف سياسية أخرى لإزاحة حافظ السبسي نجل الرئيس الباجي قايد السبسي من قيادة الحزب، وشدد على أن إزاحته جاءت بدافع الحفاظ على الحزب وإرجاعه لمكانته التي كان عليها عند تأسيسه عام 2012 .
وكان الحزب عقد مؤتمرين انتخابيين في نيسان/أبريل الماضي أفضيا عن انتخاب رئيسين للجنتين مركزيتين، حيث جرى اختيار حافظ السبسي لرئاسة اللجنة المركزية في مؤتمر عقد بمدينة المنستير، فيما جرى اختيار طوبال لنفس المنصب في مؤتمر عقد بمدينة الحمامات.
وقال طوبال، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) :””لقد عقدنا مؤتمرنا الخاص باختيار هياكل اللجنة المركزية للحزب في مدينة الحمامات بدعوة من رئيسة المؤتمر الانتخابي للحزب وبحضور أكثر مما يتطلبه النصاب القانوني من أعضاء اللجنة، وأجرينا تصويتا ديمقراطيا أفرغ عن انتخابي كرئيس للجنة المركزية للنداء … وهذا لا يعد انقلابا أو استيلاء ممنهجا كما يرددون … الانقلاب هو ما فعلته مجموعة صغيرة من أعضاء اللجنة المركزية، لا يتعدى عددهم 25 عضوا، حينما عقدوا مؤتمرا موازيا في مدينة المنستير، دون توافر أي أسس شرعية أو قانونية”.
وشدد على أن “اعتراف الحكومة، ممثلة في وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، بنتائج مؤتمرنا لا يعني تقديم دعم لنا، وإنما لتوافر المستندات القانونية لدينا … لم نعقد صفقة مع الشاهد أو غيره لإزاحة السبسي الابن، ولا نحاول تفكيك حزبنا لصالح أحزاب أخرى جديدة بالساحة، وتحديدا /تحيا تونس/ (المحسوب على الشاهد) كما يتهموننا … وعلى أي حال، بتقديري لا مشكلة بيننا وبين حزب /تحيا تونس/، فهو وغيره من الأحزاب فروع انفصلت عن النداء بسبب خلافات بين بعض قيادات الأحزاب المنشقة وبين السبسي الابن … وقد قررنا حاليا أن أبواب النداء الجديد ستكون مفتوحة لمن يرغب في العودة من هؤلاء … والدعوة مفتوحة للجميع وليس فقط لحزب تحيا تونس أو للشاهد، الذي لا يزال عضوا بالنداء”.
ورغم نفيه الشديد لوجود صفقات مع الشاهد، فإنه لم يستبعد أن يكون هو مرشح النداء وغيره من الأحزاب الوسطية التقدمية في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأوضح :”لقد اقتربنا كثيرا في المفاوضات مع حزب /مشروع تونس/، بقيادة محسن مرزوق، من أجل عودته للنداء، وسنسعى لعودة جميع المنشقين … نريد استرجاع النداء لما كان عليه عند تأسيسه عام 2012 على يد الرئيس السبسي، ونأمل أن يتم ذلك قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثان/نوفمبر القادمين … ربما نفكر في قوائم موحدة للجميع بالتشريعية، وسنصطف خلف مرشح واحد بالرئاسيات. وقد يكون الشاهد هو هذا المرشح … هدفنا هو لم شتات العائلة الوسطية التقدمية ومعالجة اختلال التوازن الراهن بالساحة السياسية لصالح جبهة الإسلام السياسي. وإذا ما واصلنا، كحداثيين، التفكك والتشتت، فلا غرابة أن يتكرر سيناريو فوز النهضة بالأغلبية عام 2011 “.
وردا على سؤال حول السبب وراء إمكانية أن يكون الشاهد هو مرشح الحزب للرئاسيات، رغم ما تظهره استطلاعات الرأي من تراجع شعبيته، في ظل عدم نجاحه في النهوض بالأوضاع الاقتصادية رغم توليه المسؤولية عام 2016، قال :”الوضع الاقتصادي صعب بالفعل، ونحن منذ مدة ننتقد الأداء الحكومي، ونرى أنه يجب الإسراع بإحداث تغيير في عناصر الحكومة وخاصة المسؤولة عن الملف الاقتصادي … والتقصير الحالي يقع على عاتق الفريق الحكومي بأكمله لا الشاهد بمفرده، ولذلك قد نرشحه إذا ما تم التوافق عليه رغم الأداء السيء لحكومته”.
وسخر طوبال من الاتهامات التي وُجهت له بالعمل على تفكيك حزب النداء لصالح حركة النهضة، الخصم السياسي الأبرز للنداء، وقال :”لماذا لا يحددون الاتهامات: هل عقدنا صفقة مع الشاهد أم مع النهضة؟! … الواقع هو أن العكس هو الصحيح، فحافظ السبسي، وبعد ثلاثة أيام فقط من عقد مؤتمرنا بالحمامات، سارع بزيارة رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي بحثا عن دعم أو انتزاع اعتراف بشرعيته”.
واستطرد :”بالمناسبة، نحن كقيادة جديدة للنداء قررنا عدم التحالف مع النهضة مجددا، نعم قبلنا بالتحالف مع النهضة عام 2014 رغم فوزنا بالأغلبية حين ذاك، ولكن هذا لم يكن قرار مؤسسات حزب النداء بل قرار الرئيس السبسي، والكل أذعن له لكونه أعلى سلطة بالحزب والبلد … الجميع يعرف أنني ومجموعة من قيادات النداء كنا نرفض هذا التحالف”.
وتابع :”هناك حملة من التصريحات التي تُطلق ضدي منذ تكليفي برئاسة اللجنة المركزية، حتى أن هناك حديثا عن تورطي بملفات فساد، وأنا لطالما أقول: من يملك أي دليل ضدي فليتوجه للقضاء”.
وقال :”حافظ السبسي ورقة تم طويها وتجاوزها، ولكن، وكما قلت: نحن في قيادة النداء الجديدة نفتح الأبواب للجميع، وحافظ السبسي عضو مؤسس بالحزب، وبالتالي فإن وجوده مرحب به شرط أن يكون هذا التواجد متوافق وحجم شعبيته التي أفرزتها نتائج المؤتمر، أي أنه لن يكون بالصفوف الأمامية”.
وحول ما إذا الموقف من السبسي الابن قد ينسحب على الأب، قال :”نحن نفرق جيدا بين الرئيس السبسي ونجله … ونستبعد تورط السبسي الأب في مجمل هذه الحوارات، إلا عبر دعوات لم الشمل للعائلة الندائية … أما فيما يتعلق بموقفنا إذا ما غير قراره الراهن وترشَح للرئاسيات، فنحن ربما نوافق على ذلك إذا كانت هناك ثمة حاجة معنوية لها … ولكن، وبشكل عام، هناك معطيات ومتغيرات عدة بالساحة اليوم تختلف جذريا عن المعطيات التي دفعتنا لترشيح السبسي للرئاسة عام 2014 … الرجل ربما لا يكون المرشح ذا الثقل الذي نلتف حوله”.
ورغم الانشقاقات التي شهدها الحزب خلال السنوات الماضية وتراجع شعبيته، فإن طوبال أكد أن حزبه سيكون هو المنافس الحقيقي لحركة النهضة، وشدد :”النداء لم ينته … والمنافسة ستكون بيننا وبين النهضة بالانتخابات، لا بين النهضة وتحيا تونس كما يتصور البعض … فـ/تحيا تونس/ حزب جديد، وليست له أية تجارب انتخابية … أما النداء فهو الأصل، والانقسامات التي تعرض لها كانت على مستوى القيادة لا على مستوى الآلة الانتخابية بالشارع … وتلك الآلة لا تزال موجودة، ربما تقلصت قليلا، إلا أنها لا تزال موجودة، وحصلنا بفضلها على المركز الثاني بالانتخابات البلدية الأخيرة، وبإذن الله ومع دعواتنا بالتوحد سنكون بالمقدمة”.
ولم يعلق كثيرا حول ما يُطرح عن وجود توتر واضح في العلاقات بين الشاهد وحركة النهضة، واكتفى بالقول :”هناك قيادات كثيرة من حزب تحيا تونس، الذي يحسب عليه الشاهد، تعلن بوضوح رفضها لأي تحالف مع النهضة”.
وحول ما إذا كان يتوقع أن تؤثر نوايا الإدارة الأمريكية بتصنيف تنظيم “الإخوان المسلمين، كمنظمة إرهابية على حظوظ “النهضة” في الانتخابات، قال :”بالطبع صدور مثل هذا القرار الأمريكي سيؤثر كثيرا على حظوظ النهضة رغم نفيها المتكرر وجود أي رابط بينها وبين الإخوان … إنهم ينفون رغم وجود شخصيات وقيادات نهضوية في عمق هيكل التنظيم الدولي للإخوان والاتحاد العام لعلماء المسلمين بقطر”.
ولم يستبعد حصول النهضة على دعم قطري وتركي خلال الانتخابات المقبلة. ولفت إلى أن النهضة لن تركز كثيرا على المعركة الرئاسية وأنها في المقابل “ستصب جل تركيزها من أجل السيطرة على البرلمان كونه مركز الحكم اليوم بالبلاد”.
وأرجع تصاعد شعبية شخصيات حقوقية ومدنية في استطلاعات للرأي خلال الفترة الماضية إلى “عمل واجتهاد تلك الشخصيات، وأيضا إلى حالة التخبط التي تمر بها الأحزاب التقليدية، سواء من بالحكم أو بالمعارضة، وصراعات قيادتها، خاصة مع تعمد بعض وسائل الإعلام نقل تفاصيل الصراعات السياسية بشكل يبدو متعمدا لشيطنة الطبقة السياسية برمتها”. (د ب أ)