ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ تحولت الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو، إلى الشغل الشاغل بالنسبة للجزائريين بعدما كان اهتمامهم في البداية منصب على رحيل بوتفليقة ورموز حكمه، فبات اهتمامهم منصب على إسقاطها مثلما تم إسقاط الانتخابات التي كان من المقرر تنظيمها في 18 أبريل الماضي، ومن المرتقب أن ينتج عن هذا المطلب “مواجهة” بين قيادة المؤسسة العسكرية التي أعلن قائدها تمسكه بإجرائها في وقتها المحدد دستوريا والشارع الذي يدعو إلى إلغاءها ويطالب بمرحلة انتقالية تقودها إحدى الشخصيات التوافقية.
وبدا لافتا في الجمعة الثانية عشر رفض المتظاهرين إجراء الانتخابات الرئاسية التي دعا إليها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، وبعثوا برسالة مباشرة له مفادها أن الهيئة الناخبة هي موجودة اليوم بالشارع وتطالب برحيلك، ومن أبرز الشعارات التي رددت في أول جمعة رمضانية “بأي حق تفرضون علينا انتخابات 4 جويلية، لا أحد يقرر في مصيرنا، نحن من نقرر “.
وسمع في قلب الجزائر العاصمة هتافات أخرى تؤكد عدم رضا المتظاهرين على مضمون الخطاب الأخير للفريق أحمد قايد صالح الذي يخشى “الفراغ الدستوري” و حذر مرارا وتكرار منذ بداية الحراك من عواقبه الوخيمة، كـ”يا بن صالح أدي معاك قايد صالح” بمعنى “يا بن صالح ارحل وخذ معك قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح” و “أنا آسف يا قايد صالح هذا الشعب ماشي جايح” أي “ليس غبيا” و “الجيش ديالنا (ملك لنا) والقايد خاننا”.
كذلك ورغم تأكيد مجلة الجيش، في آخر عدد لها بأن قيادته لا تلهث وراء “القصر الرئاسي” ودافعت بقوة عن مواقفها المتعلقة بمنع حدوث فراغ دستوري، وهو ما أشار إليه الفريق أحمد قايد صالح في خطاباته السابقة وقال إنه “ورث وضعية سياسية استدعت جهدا لتطهير المحيط السياسي، ووصف ذلك بأنه “تفكيك للألغام” التي قال إن “الشعب الجزائري يعرف من زرعها في كامل مؤسسات الدولة، وأن هذه الأزمة التي كنا في غنى عنها تم افتعالها بهدف زرع بذور عدم الاستقرار في الجزائر من خلال خلق بيئة مناسبة للفراغ الدستوري”، إلا أن ذلك لم يبدد مخاوف الجزائريين، وهو ما تبرزه بعض الشعارات التي تم رفعها في مسيرات الجمعة الـ 12 “دولة مدنية ماشي (ليس) عسكرية”.
إضافة إلى ذلك رفع متظاهرون لافتات تؤكد رفضهم إعادة السيناريو المصري في الجزائر، بوصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، ويشعر قطاع عريض من الجزائريين، بخيبة أمل من رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي دعاه الشعب الجزائري للوقوف مع مطالبه في تأسيس دولة الحق والقانون، فالكثير منهم يعتقدون أنه يسعى إلى “عرقلة” مطالبهم والالتفاف عليها بسبب تمسكه بتنظيم الانتخابات في آجالها المحددة دستوريا.
وفي خضم هذا الحراك تصر السلطة على المضي قدما في التحضير لهذا الموعد، ووقع رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي، مرسوما تنفيذيا صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، يُحدد إجراءات إكتتاب التوقيعات الفردية لصالح المترشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية والتصديق عليها، وينص قانون الانتخابات الرئاسية الجزائرية على أنه يتعيّن على المترشح تقديم قائمة تتضمن على الأقل 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو محلية أو برلمانية، موزعة على 25 ولاية على الأقل، أما في حالة استحالة جمع توقيعات المنتخبين المحليين أو الوطنيين، فبإمكان المترشحين جمع 60 ألف توقيع فردي للناخبين من 25 ولاية على الأقل، كما ينبغي ألّا يقل العدد الأدنى للتوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1500 توقيع.
بينما كشفت الحصيلة المؤقتة لعملية تسليم استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية للراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية، 68 رسالة نية ترشح، وفق ما كشفت عنه وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية. وقالت إن العملية تسير في ظروف حسنة.