كواليس واسرار
مبارك يتحدث في أول حوار صحفي منذ التنحي عن صفقة القرن وسلام سوريا مع إسرائيل وأسرار غزو العراق للكويت
سعيد سلامة
ـ لندن ـ من سعيد سلامة ـ في أول حوار صحفي، منذ تنحيه عن السلطة في 11 فبراير 2011، فتح الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، عدة ملفات تتعلق بحكمه ، مع الإعلامية الكويتية فجر السعيد، نشر في جريدة الأنباء الكويتية، متناولا غزو العراق للكويت ، وعودة مصر إلى جامعة الدول العربية ، وعلاقاته بالشيخ زايد آل نهيان ، رئيس دولة الإمارات ، والرئيس العراقي صدام حسين، وحكام الكويت والسعودية، وأيضا مواجهاته مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، ومسار السلام بين سوريا وإسرائيل وقت حافظ الأسد و إسحاق رابين، وهو المسار الذي أنتهى مع مجيء بنيامين نتانياهو للسلطة في إسرائيل.
وأكد مبارك إن الكويت وشعبها لهم معزة خاصة لديه وهناك علاقات الأخوة ممتدة مع الكثيرين من أهلها، وأنا على تواصل مع الشيخ صباح، والكويت اليوم لها دور فعال ومتوازن في العالم العربي والخليج.
وقال مبارك، “إن صدام كان حادا في قمة بغداد وقال عن الإمارات والكويت أنهم لم يساعدوه في الحرب، وكان يرغب في أن يتنازلوا عن الديون، وقبل الغزو العراقي للكويت، وقت حشد العراق على الحدود، زرت بغداد فجرا وجلست مع صدام حوالي 5 ساعات، وسألته عن نيته، فأكد أنه لن يعتدي على الكويت، وخلال تحركي إلى الكويت من العراق، جاء لي تصريح عراقي في الطائرة، جعلني أشك في نوايا صدام”.
وتابع مبارك “قلت للشيخ جابر أن صدام أبلغني أنه لا ينوي الاعتداء عسكريا، لكن لابد أن تأخذ الكويت احتياطاتها، وأنا على استعداد أرسل أي مساعدات دفاعية تطلبها”.
وقال مبارك، أنه اتفق مع السعودية على أهمية دعوة الكويتيين والعراقيين للحوار، ودعاهم الملك عبد الله الأحد 29 يوليو 1990، ويوم مغادرة الوفد العراقي جدة، دخلت القوات العراقية الكويت، مشيرا إلى أنه تم ابلاغه بالغزو فجر 2 أغسطس، وكانت صدمة بالنسبة له، مشيرا إلى أن الشيخ زايد كان يزوره في القاهرة وقت الغزو، ولكنه عاد إلى أبو ظبي بطائرة الرئاسة المصرية، بعد أن تخوف مبارك من ضرب صدام لطائرة الشيخ زايد.
ولفت مبارك إلى أن غزو الكويت ألقى بظلاله على تردي أوضاع المنطقة إلى يومنا هذا، فالعالم العربي انقسم كما لم ينقسم من قبل، والتدخلات والأطماع الخارجية وجدتها فرصة لتحقيق مصالحها.
فيما تحدث مبارك على أنه قام بتشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحاق رابين على التفاوض مع السوريين الذين كانوا متحفظين في اطلاعنا على المفاوضات، وأبلغني رابين بالاتفاق مع سورية بأنها ستأخذ أرضها، لكن نقطة الخلاف كانت في رفض السوريين إقامة علاقات وفتح سفارات، وعقب اغتيال رابين أراد السوريون تنفيذ الاتفاق لكن بعد مجيء نتنياهو كانت الفرصة ضاعت وانتهت.
ولفت مبارك إلى أن ما يتداول في إسرائيل حول أن أشرف مروان أبلغهم بموعد الحرب أمر غير حقيقي، وأقول عنه شهادة للتاريخ، السادات أبلغني بأنه كان يرسل مروان للإسرائيليين ويعطيهم معلومات مضللة
وتطرق مبارك إلى “صفقة القرن”، موضحا أنها كلام جرايد وتسريبات غير مؤكدة، لكن هناك مقدمات غير مطمئنة خاصة بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس وضم إسرائيل للجولان والتوسع المستمر في المستوطنات، هذا كله يجعلني غير متفائل، وعلى العالم العربي الاستعداد للتعامل مع ما قد يعلن حول الموضوع.
وأكد مبارك أنه يسمي القضية الفلسطينية بـ “الفرص الضائعة”، موضحا أنه منذ أيام السادات لما تقدم بمبادرته للتفاوض حول الحقوق العربية الضائعة مروراً بكل الفرص التي أتيحت لحلها، وانتهاء بالانقسام الفلسطيني الحالي.
وأشار مبارك إلى أنه رفض حضور اجتماع دعا له الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في واشنطن مع الملك حسين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقلت لكلينتون لا جدوى إذا لم يكن نتنياهو مستعدا بالالتزام بالعودة لمسار التفاوض واستكمال الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المتفق عليها، وأكدت له بوضوح: “مفيش زعيم عربي يقدر يتنازل عن القدس”.
وعن محاولات المساس بسيناء، تحدث مبارك عن مكالمة من جانب نتانياهو قائلا “كلمني نتنياهو قال إذا كان ممكن الفلسطينيين في غزة يخدوا جزء من الشريط الحدودي في سيناء.. قلت له إنسى.. متفتحش معايا الموضوع ده تاني.. حنحارب بعض تاني.. فقال لي خلاص وانتهى الحديث”.
وتابع “قبل قرار التحكيم في قضية طابا حاولوا يقولولي نديك تعويض نديك مساعدات.. قلتلهم أبدا.. الأرض هي العرض.. لا أملك التنازل عن شبر من أرض بلدي”، مشيرا إلى أن أعز يوم في حياته هو يوم رفع العلم في طابا في 19 مارس 1989، موضحا أنه شاءت الأقدار أن أرفع هذا العلم نيابة عن جيلي كله في الجيش وبالنيابة عن شعب مصر اللي ضحى كتير عشان يستعيد كرامته وأرضه”.
وأكد مبارك “أن أطماع إيران ومساعيهم واضحة، وتهديدهم للخليج لا يمكن السكوت عليه، لكن أطماع إسرائيل أيضا واضحة، وبالذات في ظل الحكومة الحالية ولا بد من التعامل مع الموضوعين بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، وإذا كان المسار الجديد للسلام المزمع طرحه امريكيا لن يتعامل مع القضايا الجوهرية للصراع فمن الصعب التخيل أن يكتب له النجاح للوصول لسلام عادل ودائم في المنطقة”.