أوروباالسلايدر الرئيسي
“الشعبوية” و”البريكست” مسامير تدق في نعش الاتحاد الاوروبي… وتريزا ماي تغادر الحكومة البريطانية وهانت يرشح نفسه لزعامة الحزب
سعيد سلامة
ـ لندن ـ من سعيد سلامة ـ ادلى مواطنو الاتحاد الأوروبي، أمس الخميس باصواتهم في الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي الجديد لولاية جديدة تستمر لخمس سنوات، فيما اعلنت اليوم الجمعة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، عن استقالتها من منصبها كزعيمة لحزب المحافظين في بريطانيا.
ويعتبر البرلمان الأوروبي الكيان الوحيد في الاتحاد الأوروبي، الذي يتشكل عبر الانتخاب الشعبي المباشر، ويبلغ عدد الناخبين 427 مليون ناخب، وتمتد فترة الانتخابات على أربعة أيام، لتنتهي يوم الأحد 26 مايو/أيار.
ويتكون الاتحاد الأوروبي من تركيبة معقدة في تكوينه، بالإضافة لكون الانتخابات الحالية تحظى بإهتمام كبير نظرا لعدة ظروف محيطة منها شبح خروج بريطانيا والحركة القومية المتنامية والمشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي.
آلية عمل البرلمان الأوروبي وصلاحياته
يبلغ عدد أعضاء البرلمان الأوروبي 751 عضوا تمثل فيهم الإناث ما نسبته 36.9 في المئة، وتمتد فترة ولايتهم لخمس سنوات، كما ويتم تحديد عدد المقاعد المخصصة لكل دولة وفقا لعدد سكانها.
وتختلف العملية الانتخابية ما بين كل دولة مع وجود شرط موحد بأن يكون عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب السياسية متناسبا تقريبا مع حصتها في الأصوات.
وبعد انتخاب أعضاء البرلمان ينظم جميع المشرعين تقريبا في مجموعات أوروبية بناء على أسس أيديولوجية واسعة، ويوجد حاليا 8 مجموعات.
لطالما كانت أقوى مجموعة هي “حزب الشعب الأوروبي”، وهو تحالف يضم يمين الوسط ويضم “حزب الاتحاد الديمقراطي” المسيحي الحاكم في ألمانيا، و”حزب الجمهوريين”، وهو الحزب المعارض البارز في فرنسا.
ومن صلاحيات البرلمان الأوروبي الموافقة على التشريعات أو رفضها ووضع ميزانيات ويلعب دورا رئيسيا في اختيار رئيس المفوضية الأوروبية.
تريزا ماي خارج الحكومة البريطانية بسبب “البريكست”
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي “أعلن اليوم استقالتي من حزب المحافظين إلى حين إيجاد بديل”.
وأضافت قائلة “من المؤسف أنني لم أستطع إكمال مرحلة البريكسيت وإتمام نتائج الاستطلاع. ومن يحل محلي عليه أن يبحث عن حل في البرلمان. وذلك يتحقق باتفاق جميع أطراف النقاش على الحل”.
وتابعت “الأسبوع المقبل يبدأ السباق لاختيار حزب المحافظين الجديد، وأن سأستقيل من منصبي في السابع من حزيران/يوليو المقبل، وأبلغت الملكة إليزابيث بهذا القرار وسأواصل مهامي كرئيسة للوزراء إلى حين اختيار زعامة جديدة”.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، أنه بصدد الترشح لمنصب زعيم حزب المحافظين، بعد استقالة تيريزا ماي، ومغادرة المنصب في السابع من حزيران/ يونيو المقبل.
وأكد حزب المحافظين البريطاني الحاكم، اليوم الجمعة، أنه سيختار رئيس وزراء الجديد، بحلول منتصف تموز/ يوليو القادم، قبل عطلة البرلمان الصيفية ليخلف رئيسة وزراء البلاد، تيريزا ماي، التي أعلنت اعتزامها الاستقالة صباح اليوم.
وفي بيان مشترك صدر عن رئيس حزب المحافظين، براندون ليوس، ونائبي رئيس لجنة 1922 التنفيذية في الحزب شيريل جيلان وتشارلز ووكر، حدد الحزب مسار عملية اختيار من سيخلف تيريزا ماي في زعامة الحزب، وبالتالي في رئاسة الحكومة، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية على موقعها الإلكتروني.
التيار القومي والشعبوي والبريكست تحديات بوجه الانتخابات
سيطرت الأحزاب الموالية للبرلمان لفترة طويلة دفعت لظهور حركات قومية شعبوية رافضة للسياسات المتبعة في السنوات الأخيرة، وتجسد ذلك بإعلان ماتيو سالفيني، الزعيم القوي لحزب “رابطة الشمال” اليميني المناهض للمهاجرين في إيطاليا، الشهر الماضي تشكيل
تحالف أوروبي جديد يضم الأحزاب الشعبوية اليمينية المتشددة، الأمر الذي يشكل تهديدا كبيرا على الكتلة الأوروبية وتماسكها.
ويدعو سالفيني الذي يشغل منصب نائب رئيس وزراء إيطاليا ووزير داخليتها، وحلفائه إلى إلتزام أقوى بالحدود، وتحقيق استقلالية وطنية أكبر، واتحاد أوروبي أضعف.
وتتشارك الأحزاب الحاكمة في بولندا والمجر، بوجهات نظر مشابهة لما يدعو له سالفيني.
كما ويمكن لهولندا بأن تشكل إنطلاقة للمد الشعبوي المتوقع في مختلف أنحاء أوروبا حيث قد يحقق تييري بوديه النائب الشاب الرافض للتجربة الوحدوية الأوروبية، والمناهض للهجرة فوزا كبيرا في انتخابات البرلمان الاوروبي، وربما تجعل هذه الانتخابات الأخيرة في مسيرة البرلمان الأوروبي.
وأشارت دافني هاليكيوبولو، أستاذة مساعدة في جامعة ريدنغ البريطانية وخبيرة في شؤون الحركات القومية، إلى أن الأحزاب القومية، التي تبدو للوهلة الأولى غير متوافقة مع كيان عالمي متجاوزة للحدود، تأمل في تغيير الاتحاد الأوروبي من الداخل.
وأضافت بأن هذه الجماعات نجحت في توسيع نطاق شعبيتها لأن خطابها عن القومية، الذي يركز على الشخص الدخيل، يتم صياغته بعبارات إيديولوجية.
وقالت:”هذا يجعلهم أكثر جاذبية لنطاق عريض من المجموعات الاجتماعية، ما يمنحهم مزيدا من القبول السياسي، وتلك الأحزاب تحظى حاليا بدعم شريحة واسعة من الناخبين، وليس فقط الرجال البيض الغاضبين المنتمين إلى الماضي”.
كما ويعتبر “البريكست” عاملا مؤثرا على هذه الانتخابات، حيث كان من المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 29 مارس/آذار، لذا لم تكن تخطط للمشاركة في هذه الانتخابات.
وسيخوض الناخبون البريطانيون تجربة غريبة وكلها تناقض تتمثل في انتخاب 73 ممثلا لكيان تسعى دولتهم إلى الانسحاب منه، وقد يستغل الناخبون البريطانيون هذه الانتخابات لمعاقبة حزب المحافظين الحاكم بشدة بسبب مأزق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويتوقع أن يكون المستفيد الأكبر هو حزب “بريكست” الجديد بزعامة نايجل فاراج، السياسي المثير للجدل وأحد أشد الداعمين علنا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، قد يفوز حزب “بريكست” بأكثر من 30 في المئة من الأصوات.
وبمجرد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيسلم ممثلوها مقاعدهم الـ 73 داخل البرلمان الأوروبي ليعاد توزيع 27 مقعدا من المقاعد البريطانية على بقية الدول الأعضاء في حين سيجري إلغاء الـ 46 مقعدا الأخرى.
انتخابات مهمة بنسبة مشاركة متواضعة
فمنذ العام 1979 تراجعت نسبة المشاركة في الانتخابات للأشخاص الذين يحق لهم التصويت والتي شارك بها حوالي 62 في المئة فقط من المنتخبين.
وفي عام 2014، أدلى 42.6 في المئة من الناخبين بأصواتهم، أي أقل كثيرا من متوسط الإقبال على الانتخابات الوطنية في جميع أنحاء أوروبا.
تحدثت الأستاذة المساعدة في جامعة أمستردام، كاتجانا غاترمان، عن الاقبال الضعيف، قائلة: “من المنظور الأوروبي، يجرى إيلاء أهمية إلى السياسات المحلية بشكل أساسي، وبأن عدم الفهم الجيد لآلية ودور البرلمان الأوروبي يسهم أيضاً في خفض نسبة الإقبال، على
الرغم من أن العديد من القرارات السياسية، التي تتخذ في البرلمان الأوروبي، تؤثر مباشرةً على السياسات المحلية”.
فهل سيغير القوميون من نتائج الانتخابات لتتجه أوروبا الى حل الاتحاد الأوروبي، ولتستغني الدول الأوروبية عن عدد من القوانين التي لطالما اتسمت بها في السنوات الاخيرة وبخاصة مايتعلق بقوانين الهجرة الأخيرة.