أقلام يورابيا

انا لست “مفيدة”

ليلى العياري

ليلى العياري

انا لست “مفيدة” و ابنائي ليسوا ابناء مفيدة المسلسل الذي يصور قلة قليلة في مجتمعنا التونسي تؤثر على صورتنا كامهات و على صورة ابنائنا و تخلق جيل يرى الانحرف في ابهى صوره و ينجذب اليه هي عملية ممنهجة لتدمير جيل باكمله.و لكن الحقيقة غير ذلك تماما الام التونسية كانت و لا زالت هي الام التي ربت اجيال و اجيال تميزوا و ساهموا في بناء وطن يشهد له الجميع .
اليوم و نحن نحتفل بعيد الام التونسية الام الكادحة الام الفلاحة الام المتعلمة الام البسيطة و الام الميسورة الام التي انجبت و ربت و علمت ابنائها و ضحت بكل غال و نفيس في سبيل ان تخلق منهم عنصر مفيد لمجتمعه ووطنه .
غيرتي اليوم على امومتي و على مسيرتي و مجتمعي و حفاضا على زرعي فالابناء هم زرع كل ام و اب فبرعاية الزرع نجني اطيب الثمار .و هكذا هم الابناء هم زرع للام و الاب و لكن طيب ثمارهم تلقي بضلالها على المجتمع باكمله .
انا ليلى العياري ام تونسية و مثلي الاف الامهات مقالتي اليوم هي خاصتي و لكني اهديها اليوم لكل الامهات لتسليط الضوء على الشريحة الاكبر من الامهات الاتي نجحنا في رعاية ابنائهن اردت بها الدفاع عن امومتي التي اعتز بها عن مسيرتي التي افتخر بها ، اردت ان ابرز تلك الصورة الجميلة للام التونسية التي يحاول البعض جاهدا اضهارها في صورة هي غير حقيقتها ،الام التي كانت و لازالت قدوة جميلة لابنائها و مثال رائع للتضحية و توجيههم توجيها صحيحا.
مفيدة و اولاد مفيدة حالة شاذة في مجتمعنا و لا يقاس عليها و ما المراد من ذلك الا تشويه صورة الام و المراة التونسية فلطالما كانت المراة شوكة في حلق الرجعيين و اعداء المجتمع المتقدم . و هذا ما تحدثت عنه سابقا الاعلام الرديء ليفرز مجتمعا رديئا .هي منظومة متكاملة لضرب الاسرة التونسية .
ساتحدث هنا عن تجربتي و هي تمثل شريحة كبرى من الامهات التونسيات.
لي اربعة ابناء بنتين وولدين زوجي فلسطيني. قمت بتربية أبنائي وحيدة بدون مساعدة ام او اخت ، في غربة بين بلدين البلد الاول لا هو بلدي و لا بلد والدهم و لكن زرعت فيهم فلسطينيتهم ، و تونستهم ، و جعلت الوطن يسكنهم حتى و ان لم يسكنوه، حتى ان ابني البكر قبل ان يتعلم النطق جيدا كان يقول انا (فلسطيني،تونسي).
علمت ابنائي ان ما ليس لهم لا ياخذوه علمتهم احترام الكبير و صلة الرحم ، علمتهم عزة النفس و الكرامة لا يقدرون بثمن. حتى ان ابنتي عندما عدت من فلسطين الى تونس و ارادت استاذة الرياضيات مشكورة ان تقدم لها دروس خصوصية بدون مقابل رفضت ابنتي و قالت لي ابلغيها اننا لسنا بحاجة و لسنا متسولين ، و رفضت و اصرت على الرفض رفضت ان يهديها القيم دفاتر و اقلام و قالت له لست بحاجة ابحث عمن هم بحاجة لذلك . علمتهم بان الخبث غباء و ليس ذكاء و ان الكذب كذب و لا يوجد كذب ابيض و اخر اسود ،علمتهم بان ينظر دائما لمن هو اقل منه حتى يشعر بالرضا عما بين يديه ،علمتهم بان الاخ هو سند لاخته و بان الاخت الكبرى هي الام الثانية .علمتهم بان العمل التطوعي صدقة و ان التصدق لا يشمل المال فقط حتى ان ابنتي الصغرى تتبرع بالدم بصفة دائمة بعد ان تخطت 18 سنة .
هذه امومتي التي ادافع عنها و لن اسمح لكم بتدنيسها ،لن اسمح لكم بتهميش دوري في بناء المجتمع ،لن اسمح لكم طمس مسيرتي و نجاحي كام و امراة .
انا لست مفيدة و لن اكون مفيدة و ابنائي لا يتمنون ام غيري.و يرفضون تشبيهي باحد و احدى بناتي تقول لي لا احد يشبه امي ،و لكنني اشبه عديد الامهات اللاتي جاء الوقت لظهورهن الان حتى تختفي مفيدة و ابنائها من مجتمعنا و هذا لن ياتي الا باعلام هادف لاصلاح مجتمع يخطىء و يصيب .ثلاثة ابناء اتموا جميعهم تعليمهم العالي والصغرى ايضا جامعية.

انا ام تونسية امراة تونسية عشت في فلسطين كعديد التونسيات هناك تحملنا الحصار و تحملنا الحرب و رفضنا مغادة غزة و هي تقصف .كنا حتى نرفض الاحتماء بالسفارة في الاوقات الخطرة و نبقى وسط جيراننا بينهم نشاركهم حمل الضربات.

انا ام تونسية افتخر بامومتي و افتخر بابنائي و سعيدة بمسيرتي فلن اسمح لكم بتدمير انجازي و اتلاف محصولي،
عيسى ابني البكر و خلال اقامتنا بفلسطين و كان طفل جائني يوما غاضبا من أقربائه:

قال: لماذا يقولون دائما هذا ابننا من كنتنا التونسية ابتسمت و قلت له لانهم يميزونك عن باقي الاطفال لان والدتك تونسية مسحت على راسه و همست في اذنه يجب ان تكون فخورا بذلك و ان تشعر بالتميز لان امك تونسية لا ان تغضب فهذا وسام على جبينك .كنا و لا زلنا فخر لابنائنا و ستبقى الام التونسية دائما متميزة و راعية امينة لابنائها ووطنها.

و من يومها صار عندما يتحدث عن نفسه يقول انا امي تونسية يقولها و هو فخور و معتز بنفسه الى يومنا هذا.

ابعد كل هذا تريدون ان تصوروا الام التونسية بمفيدة .
لست مفيدة و لن اكون مفيدة لان مفيدة دخيلة على مجتمعنا و ستغادره قريبا .

اهداء لكل ام تونسية لكل ام نجحت في تربية أبنائها لانها بذلك ساهمت في بناء مجتمع صالح بمناسبة عيد الامهات في تونس .

كاتبة تونسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق