شمال أفريقيا
معركة الليبيين الصعبة جنوب طرابلس لإصلاح خطوط الكهرباء على أبواب صيف قاس
ـ طرابلس ـ ينفذ محمد دحمان مع اثنين من زملائه من فنيي الصيانة داخل مزرعة هجرت من سكانها بفعل المعارك عملية شاقة تقضي بتسلّق برج نقل الكهرباء على ارتفاع يصل إلى 50 مترا، ومحاولة إصلاح الأضرار اللاحقة به نتيجة القصف.
على طريق المطار وتحديدا جنوب طرابلس حيث المحور الأكثر شراسة في المعارك الدائرة بين قوات حكومة الوفاق الليبية وقوات المشير خليفة حفتر، تقطع المنطقة من الغرب باتجاه الشرق سلسلة أبراج لنقل التيار الكهربائي تتعرض باستمرار لأضرار نتيجة القصف، ما ينعكس انقطاعا في التيار الكهربائي متواصل منذ أكثر من شهر في مناطق واسعة جنوب العاصمة.
ويقول محمد دحمان لوكالة فرانس برس “تعرضت الأبراج في هذا الموقع لإصابات متكررة، لكننا نأتي على الرغم من الصيام والتعب ومخاطر استهدافنا بالقذائف العشوائية، لإجراء عمليات إصلاح سريعة تخفف عن الناس وعلها تقلل من ساعات انقطاع الكهرباء عنهم”.
ويضيف عقب نزوله على عجل من البرج بعد سقوط قذائف على بعد عشرات الأمتار منه،”اعتدنا على العمل تحت القصف، عمل فرق الصيانة محفوف بالمخاطر منذ العام 2011″.
ويؤكد رئيس شؤون العاملين في الشركة العامة للكهرباء محمد عبد الله أن هذه الخطوط مهمة جدا كونها تربط جنوب طرابلس بشرقها.
وخلت المنطقة من معظم سكانها، وتتجول في الشوارع دبابات وآليات عسكرية.
ويوضح عبدالله عقب انتهاء الفنيين من عملية إزالة الأسلاك المتضررة، “يحتاج كل برج الى 48 ساعة لإجراء أعمال الصيانة وإعادة التشغيل. وهناك أبراج عدة لا تزال تحتاج الى صيانة، لكن استمرار الاشتباكات يمنعنا من استكمال العمل”.
وتعرض فريق الصيانة بعد توجهه إلى برج ثان للعمل عليه، لإطلاق نار كثيف ما اضطرهم الى مغادرة الموقع خوفا على حياتهم، بحسب ما أفادت دائرة الإعلام بالشركة.
“أضرار كبيرة جدا”
ويقول المدير التنفيذي في الشركة العامة للكهرباء عياد القنيدي من مكتبه في مقر الشركة القريب من خطوط الاشتباكات على طريق المطار، “الأضرار كبيرة جدا، ولحقت بجميع مكونات الشبكة من خطوط نقل الطاقة والأبراج والمحطات”.
ويتابع “لدينا محطات ودوائر لنقل الطاقة في العزيزية وقصر بن غشير دمرت بالكامل، ولا يزال الأمر مستمرا، وكل يوم تسجل عملية استهداف جديدة. لم ننجح في رصد سوى 50% من الأضرار”.
وتواجه ليبيا منذ العام 2011 مشاكل في إنتاج الكهرباء بسبب جولات المعارك المتكررة. ودمرت محطات توليد عديدة وخطوط نقل. وقدرت الشركة الحكومية الخسائر حتى نهاية العام الماضي بـأكثر من مليار دولار.
كما تسببت الخسائر في عجز متزايد في توليد الطاقة سنوياً. ويبلغ متوسط انقطاع الكهرباء يوميا خلال فترة الصيف عشر ساعات يومياً خصوصا في العاصمة.
وحول قدرات شركة الكهرباء في إنتاج الطاقة حاليا، يقول المدير التنفيذي “نتوقع تخطي عجز الطاقة ألف ميغاوات في ذروة الصيف. كما نعتقد أن التوليد المتاح سيكون في حدود ستة آلاف ميغاوات، في حال عدم تعرض المحطات لاستهدافات جديدة”.
ويشير إلى أن عدم استكمال المشاريع الجديدة والحرب الأخيرة قضيا على باقي مكونات الشبكة خصوصا في طرابلس، حيث يقطن نحو ثلاثة ملايين نسمة، ما يتطلب توفير حجم ضخم للطاقة.
وتعثرت مشاريع عدد من الشركات الأجنبية، بينها كورية جنوبية وتركية وألمانية، لإنشاء محطات كهرباء جديدة في ليبيا، كان تمّ التعاقد عليها قبل العام 2011، وتتخطى قيمة إنتاجها أربعة آلاف ميغاوات.
وتصل القيمة المالية للمشاريع السابقة إلى جانب ثلاثة مشاريع جديدة لـ”محطات استعجالية وقعتها حكومة الوفاق نهاية العام 2017، الى أكثر من خمسة مليارات دولار.
وتسببت الحرب الجديدة التي بدأت في الرابع من نيسان/أبريل مع بدء المشير خليفة حفتر هجوما في اتجاه طرابلس، بمغادرة الفرق الفنية التابعة ل”شركات أجنبية، بينها شركتان نمساوية وإيطالية كانتا تقومان بأعمال صيانة لبعض وحدات التوليد خصوصا في محطة في غرب طرابلس، بالكامل”، بحسب القنيدي .
ويرى المدير التنفيذي أن “مغادرة الشركات سيتسبب في عدم وفاء الشركات الأجنبية الأخرى بمواعيد قدومها لتنفيذ بعض المحطات الاستعجالية الهادفة إلى التقليل من نسبة العجز في الطاقة”.
وأسفرت المعارك عن مقتل 510 أشخاص وإصابة 2467 آخرين ، وفق آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
ويكشف عن ملامح خطة لمواجهة عجز الطلب على الطاقة يتمثل في الربط مع دول الجوار.
ويقول “نعوّل على الربط الكهربائي مع دول الجوار وتحديدا (تونس والجزائر) الذي يمكن يقدّم 400 ميغاوات، إلى جانب دخول بعض وحدات التوليد”.
ويضيف “لا ننسى تعويلنا على الحسّ الوطني لليبيين ومساعدتنا في ترشيد الطاقة أثناء ذروة فصل الصيف الحار”. (أ ف ب)