ثقافة وفنون
نقطة تفتيش شارلي: من مسرح لأحد أبرز حلقات الحرب الباردة إلى مزار سياحي
– كانت نقطة تفتيش شارلي، رمز انقسام ألمانيا، موقعا مثيرا للرعب حيث كانت الدبابات الأمريكية تواجه نظيرتها السوفيتية عندما تم بناء جدار برلين في عام .1961 ولكن اليوم يدرك الزوار بالكاد مدى أهمية نقطة التفتيش الحدودية السابقة “شارلي” بشارع فريدريششتراسه.
وبعد 57 عاما من بناء الجدار وما يقرب من 29 عاما على سقوطه، أصبحت نقطة التفتيش بمثابة منطقة جذب سياحي.
وأمام مركز مراقبة تابع للجيش الأمريكي أعيد بناؤه، يقف رجال يرتدون زي جنود أمريكيين ومعهم أعلام أمريكية يتقاضون 3 يورو مقابل التقاط صورة. ولا تزال هناك يافطة تحذّر “أنت تغادر الآن القطاع الأمريكي” بعدة لغات، لكن عند النظر إليها عن قرب، يتبين أنها نسخة مقلدة.
وبالإمكان العثور على اليافطة الأصلية في متحف جدار برلين الخاص على بعد أمتار قليلة – وحيث يبيع متجر للهدايا التذكارية كل شيء بدءا من بقايا الجدار إلى نماذج بلاستيكية للسيارة الألمانية الشرقية الصغيرة، “ترابي”.
ويحتضن الشارع بانوراما للفنان ياديجار آسيسي توضح يومًا في برلين التي كانت مقسمة من قبل، ومتجرا يقدم النقانق والبطاطس المقلية، في حين يحاول بائع متجول مجاور قريب بيع أقنعة واقية من الغاز وقبعات عسكرية.
وعلى الجانب الآخر من الشارع، يوجد “صندوق أسود” أنشأه مجلس الشيوخ في برلين كـ”نقيض للسخرية” لتثقيف الزوار عن الحرب الباردة. لكن بالقرب من هذا يقع “تشارلي بيتش”، مكان لتناول المشروبات يدعو الناس إلى “الاسترخاء”.
ويقول مدير مؤسسة “جدار برلين”، أكسل كلاوسماير، إن المكان “على مدى 28 عاما، افتقر إلى مفهوم تصميمي واضح”.
ويتحسر مجلس الشيوخ في برلين على الوضع الحالي للأمور. وتقول عضوة مجلس شيوخ برلين المسؤولة عن التنمية الحضرية، كاترين لومبشر، إن “نقطة تفتيش تشارلي تستغل وتستخدم بطريقة مختلفة اليوم، فهي مكان يجتذب أعدادًا كبيرة من الزوار، ولكنها مسببة للخلاف بسبب تصميمها المؤقت واستخدامها السياحي بشكل أساسي”.
وتضيف ان الوضع “يشير إلى نوع من الفوضى إلى حد ما والتجارة المفرطة جزئيا”.
ولكن قد يكون هناك تحسن في الأفق: حيث اتفق أخيرا سياسيون ومستثمر خاص، يحرص على البدء في البناء بالموقع بعد عدة تغييرات على الملكية، على جوهر التصميم.
ومن المحتمل أن يتم إزالة موقع نقطة العبور الحدودية في المستقبل، وسيتم إنشاء “ساحة حضرية بأماكن مفتوحة”. وتشير الخطط أيضًا إلى إقامة متحف في أحد المباني الجديدة “كمكان للمعرفة والتذكر”.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه حزب المعارضة عن “صفقات غامضة”، إلا أن كلاوسماير يشيد بالخطط على أنها “جهد كبير مشترك” من قبل مجلس الشيوخ في برلين والمستثمر. ويقول إن الفرصة لشرح البعد التاريخي للموقع بشكل ملائم باتت في متناول اليد.
وكانت نقطة تفتيش تشارلي واحدة من ثلاث نقاط تحكم للقوى الغربية في برلين. فقد كان هناك نقطة تفتيش (إيه) في هلمشتيت ونقطة تفتيش (بي) في دريفيتز. وفي نقطة تفتيش (سي) – (تشارلي) – لم يكن يسمح سوى للأجانب والدبلوماسيين والأفراد العسكريين لدول الحلفاء بالعبور بين الشرق والغرب.
وفي 27 تشرين أول/أكتوبر عام 1961، أي بعد ما يقرب من 10 أسابيع من الشروع في بناء الجدار، واجهت الدبابات الأمريكية والسوفيتية بعضها البعض عند نقطة التفتيش. وعلى مدى 16 ساعة، كان يفصل دبابات القوتين العظميين، المزودة بالذخيرة الحية، أمتارا قليلة فقط. وأمسك العالم أنفاسه في واحدة من أكثر اللحظات رعبا خلال الحرب الباردة.
واليوم، يقف السياح من جميع أنحاء العالم أمام لوحات العرض أو يقودهم مرشدون سياحيون يسعون إلى استحضار هذه الحقبة. ويرغب العديد من الزائرين في رؤية “الجدار” هناك لكنهم يشعرون بخيبة أمل، عندما يجدون بدلاً من ذلك خط الحدود السابق المتضمن في الرصيف.
وتقول أميرة 26/ عاما/، سائحة أمريكية من ولاية نورث كارولينا: “لقد كان الجدار هنا؟ يا إلهي، ما كنت لأفكر فيه”. وتقول لوسي جلكريس 32/ عاما/، من إنجلترا، “إنه مكان مثير للإعجاب، ولكنه ذي طابع سياحي”.
وفي الواقع، من الصعب العثور على دليل على أن المدينة كانت مقسمة.
وفي غمرة الفرح بعد سقوط الجدار أواخر عام 1989، تم هدم أو إزالة أو بيع أجزاء كبيرة من الحاجز الخرساني البغيض، إلى جانب أبراج المراقبة وأنظمة الإشارات. كما تم بيع عقارات – ويقع بعضها في أفضل مناطق وسط المدينة – إلى مستثمرين من القطاع الخاص.
ويقول عضو مجلس شيوخ برلين المسؤول عن الثقافة، كلاوس ليدرير، “المهم هو أنه مع وجود متحف في موقع مهم تاريخيا، فإن التاريخ سيصبح مرئيا ومفهوما”.
ويتخيل كلاوسماير نقطة تفتيش تشارلي في المستقبل “كمكان للتواصل” حيث سيجري إعلام الزوار بالمواقع الأخرى التي كانت مقسمة في المدينة.
ويقول كلاوسماير إن برلين هي “أكبر متحف مفتوح للتاريخ المعاصر الطلق في العالم”.(د ب أ)