أوروبا
الانتخابات البرلمانية في الدنمارك… الكفة تميل ناحية اليسار
ـ ستوكهولم ـ أظهرت استطلاعات للرأي أن رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكه راسموسن يواجه صراعا شاقا في سبيل الفوز بولاية ثانية لائتلاف يمين الوسط الذي يتزعمه، وذلك في الانتخابات المقررة بالبلاد بعد غد الأربعاء.
وأعطت انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت مؤخرا “حزب الدنمارك الليبرالي” برئاسة راسموسن، والذي ينتمي ليمين الوسط، دفعة قوية بعدما تفوق على منافسه “الحزب الديمقراطي الاجتماعي”، ليفوز بالنصيب الأكبر من الأصوات.
ورغم ذلك، لم يحقق الحزبان الشريكان في الائتلاف الحاكم مع حزب “الدنمارك الليبرالي”، وهما “حزب التحالف الل??برالي” و المحافظون (حزب الشعب المحافظ)، مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية.
وخسر “حزب الشعب الدنماركي”، الداعم للائتلاف الحاكم في البرلمان والمتشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي، أكثر من 50 في المئة من التأييد الذي كان يتمتع به.
وفي الانتخابات التي جرت في عام 2015، حل “حزب الشعب الدنماركي”، المناهض للهجرة، ثانيا بعد فوزه بـ 21 في المئة من أصوات الناخبين، ولكنه فضل البقاء خارج الائتلاف الحاكم بزعامة راسموسن. وقد حظي الحزب بنسبة 13 في المئة في استطلاعات الرأي، مما يبدد الآمال في فوز جناح يمين الوسط في الانتخابات المقبلة.
ومنح استطلاع مجمع، أعدته وكالة أنباء “ريتزاو” الدنماركية، كتلة أحزاب اليسار 1ر55 في المئة من الاصوات، وهو ما يترجم إلى 99 من إجمالي مقاعد البرلمان التي تبلغ 179 مقعدا. ويضم هذا الاحصاء حزب “البديل” الذي كان رشح زعيمه لمنصب رئيس الوزراء.
ورغم تقدم “الحزب الديمقراطي الاجتماعي” في استطلاعات الرأي، حذرت رئيسة الحزب ميت فريدريكسن، من أن أصوات الناخبين في الانتخابات المقررة يوم الأربعاء المقبل “ليست مضمونة”.
وقالت فريدريكسن أمام مؤيدي الحزب عقب الإعلان عن نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي: “لا يمكننا أن نكون على يقين من أن كتلة اليسار ستفوز بالأغلبية، ورئيس وزراء جديد، وسياسات جديدة، ما لم يتم دفع المزيد للتصويت لصالح الديمقراطيين الاجتماعيين.”
وأحد العوامل التي تُنسب إليها النتائج السيئة لـ “حزب الشعب الدنماركي” هي فقدان التواصل مع الناخبين، خاصة الشباب، بشأن قضايا التغير المناخي، في حين شقت أحزاب الوسط واليسار، التي تبنت جدول أعمال صديق للبيئة، سبيلها بنجاح.
وتصدرت قضية الهجرة الحملات الانتخابية هذه المرة، جنبا إلى جنب مع الرفاه الاجتماعي والصحة والتغير المناخي وسن التقاعد والمعاشات.
وتستحق الحكومة الدنماركية الإشادة لما حققته من إنجاز في مجال الاقتصاد، ولكنها تضررت جراء “التمادي بدفع السياسة الاقتصادية صوب اليمين”، بحسب ما أوضحه ايريك هولستين، المعلق السياسي بصحيفة “التينجت.دك” السياسية الإلكترونية.
وقال هولستين لوكالة الأنباء الالمانية (د.ب.أ): ” قد يقبل الناخبون في الدنمارك، إلى حد ما، بإصلاحات اقتصادية قاسية فيما يتعلق بالمعاشات وإعانات البطالة، ولكن فقط في وقت الأزمات.”
وحاول راسموسن خلال الحملة الانتخابية تغيير موقفه، ولكن كان الأوان قد فات، بحسب رؤية هولستين.
كما تمكن “الحزب الديمقراطي الاجتماعي” من جذب ناخبين مؤيدين لحزب راسموسين، “الدنمارك الليبرالي”، وأيضا من مؤيدي “حزب الشعب الدنماركي”، حيث تبنت فريدريكسن سياسة أكثر تشددا إزاء الهجرة.
وتولت فريدريكسن رئاسة الحزب في عام 2015 في أعقاب الانتخابات التي أطاحت بحكومة رئيسة الوزراء هيل ثورنينج شميت. وعلى النقيض من شميت ورؤساء الوزراء السابقين، تريد فريدريكسن قيادة حكومة أقلية من الديمقراطيين الاجتماعيين.
ويقول هولستين إن حكومة من حزب واحد ستجد الأمر “سهلا لإجراء مناورات” مقارنة بالعمل في إطار ائتلاف مع “الحزب الليبرالي الاجتماعي”، أو “حزب الشعب الاشتراكي”، في خضم الخلافات بشأن السياسة الاقتصادية والسياسة المتعلقة بالهجرة.
وتحدى راسموسن فريدريكسن وقال إنها ستُجبر على تقديم تنازلات بشأن الهجرة لضمان الحصول على دعم الأحزاب الأخرى في جناح اليسار.
وحذر راسموسن بالقول: “سيكون هذا مكلفا بالنسبة للدنمارك،” وذلك أثناء استعراضه برنامج حزبه الذي يتكون من 17 نقطة والذي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد والأعمال التجارية في الدنمارك.
وتسبب موقف “الحزب الديمقراطي الاجتماعي” الأكثر تشددا بشأن الهجرة والاندماج، في إثارة التوترات مع الحلفاء التقليديين.
وقالت فريدريكسن إنها لن تُغير السياسات الخاصة بالهجرة “ما لم يتم التوصل لاتفاقية موسعة” داخل البرلمان، تتضمن حزب راسموسن ” حزب الدنمارك الليبرالي” و “حزب الشعب الدنماركي”.
ويريد الديمقراطيون الاجتماعيون وقف الهجرة من دول غير غربية، وإقامة مراكز خارج لاستقبال طالبي اللجوء، وأن تستطيع الدنمارك التصرف بشكل مستقل فيما يتعلق بتمديد إجراءات السيطرة على الحدود.
ودعم الديمقراطيون الاجتماعيون العام الماضي حظرا على النقاب، في الأماكن العامة.
وفيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، يفضل الديمقراطيون الاجتماعيون مزيدا من الانفاق على الرفاهية الاجتماعية والسماح بالتقاعد المبكر لمن قضوا في العمل 40 عاما.
ويخوض 13 حزبا انتخابات يوم الأربعاء، وبينها “فاست كورز” (تشديد الاتجاه) اليميني المتطرف بزعامة راسموس بالودان، الذي كان دعا إلى طرد المسلمين من الدنمارك، حيث يتبنى خطابا مناوئا للهجرة.
كما وجه حزب “الحق الجديد” الذي أسس في عام 2015 انتقادات لسياسات “حزب الشعب الدنماركي” بأنها “متساهلة.”
واستبعد راسموسن الاعتماد على دعم أي من هذه الحزبين. (د ب أ)