تحقيقات

عبد الفتاح البرهان من ضابط مغمور إلى لاعب إقليمي

ـ الخرطوم ـ لم يكن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان معروفا خارج دوائر الجيش حتى منتصف نيسان/ابريل الماضي حين تولى دفة القيادة، لكن التطورات تؤكد أهمية موقعه إقليميا.

وأبرز هذه التطورات تأكيد تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” الذي ينظم الاحتجاجات مقتل 13 شخصا في إطلاق نار على اعتصام للمحتجين خارج مقر الجيش الاثنين في وسط الخرطوم.

وتأتي العملية الأمنية بعد تعزيز البرهان موقعه كلاعب بارز على المستوى الإقليمي.

لكن المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي نفى أن يكون الجيش أقدم على فض الاعتصام في الخرطوم “بالقوة”.

وبعد الفشل المتتالي الشهر الفائت للمفاوضات بين الجيش والمحتجين حول إذا كان مجلس السيادة الانتقالي يجب أن يقوده عسكري أم مدني، قام البرهان بزيارة مصر والإمارات والسعودية.

والسعودية والإمارات من ابرز المانحين للسودان، وقد أودعتا 500 مليون دولار مبدئيا في المصرف المركزي منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، ضمن حزمة مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار للحفاظ على نفوذهما في هذا البلد العربي الإفريقي.

وتولّى البرهان في 12 نيسان/ابريل منصبه الجديد رئيسا للمجلس الذي أطاح البشير بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض ابن عوف عن رئاسته بعد أقل من 24 ساعة في السلطة.

وكان المتظاهرون الذين يطالبون بتولي حكومة مدنية السلطة بعد انتهاء حكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود، اعتبروا ابن عوف من داخل النظام وحليفا مقربا من الرئيس السابق.

وباستقالته، تحوّل البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع.

وقال ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن هويته إن “البرهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة، لكنه في الأساس جندي مخضرم”.

وأضاف “لم يكن يوما تحت الأضواء كما هو الحال بالنسبة لابن عوف أو (رئيس أركان الجيش) الفريق أول ركن كمال عبد المعروف”.

وقضى البرهان فترة كملحق عسكري لدى بكين.

وقبل ساعات من تسميته حاكم السودان العسكري، شوهد يتحدث إلى المتظاهرين الذين اعتصموا خارج مقر القيادة العامة للجيش منذ السادس من نيسان/أبريل.

 “لا توجهات سياسية”

ولد البرهان عام 1960 في قرية قندتو، شمال الخرطوم، ودرس في الكلية الحربية ولاحقا في مصر والأردن.

متزوج وأب لثلاثة أبناء.

وكان قائدا لسلاح البر قبل أن يعينه البشير في منصب المفتّش العام للجيش في شباط/فبراير الماضي. وتشير وسائل الإعلام السودانية ومحللون إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال جنود سودانيين إلى اليمن في إطار التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وقالت ويلو بيردج، مؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث” واستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إنه بموجب توليه الملف اليمني، عمل البرهان من كثب مع قوات الدعم السريع السودانية.

وأضافت أن دعم هذه المجموعة أوصله “الآن إلى السلطة” على ما يبدو.

وأوضحت أن “دور قوات الدعم السريع — التي يصفها كثيرون بأنها نسخة معدّلة لميليشيات الجنجويد التي ارتكبت فظاعات واسعة في دارفور — في هذا التحرك الأخير سيثير ريبة الكثيرين”.

ولفتت إلى أن المجموعات المتمردة المتعددة في دارفور ستتوجس اكثر من غيرها.

واندلع النزاع في دارفور عام 2003 عندما حمل متمردون من اثنيات إفريقية السلاح ضد حكومة الخرطوم التي يهيمن عليها العرب، متهمين إياها بتهميش المنطقة اقتصاديا وسياسيا.

وأرسل البشير قوات سودانية إلى اليمن عام 2015 في إطار تحوّل رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخلّي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران عبر الانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض.

ويشارك جنود وضباط سودانيون في الحرب اليمنية حيث اصيبوا بخسائر جسيمة.

وفي حين لا يزال عدد الجنود السودانيين المنتشرين في اليمن غير واضح، أثارت صور الجنود القتلى والمصابين على وسائل التواصل الاجتماعي مطالب متكررة بسحبهم.

وقال الضابط الذي لم يكشف عن هويته إن “البرهان لا يتبّع أي توجهّات سياسية. إنه جندي متمرّس”.

لكن بصفته رئيس البلاد بحكم الأمر الواقع الآن، لن يكون بإمكانه التهرّب من اتخاذ قرارات سياسية صعبة. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق