السلايدر الرئيسيتحقيقات
“الحرية والتغيير” في السودان تعلن العصيان المدني والجيش ينهي التفاوض… ويفتح تحقيق في فض الاعتصام
حسين تاج السر
ـ الخرطوم ـ من حسين تاج السر ـ تبادل المجلس العسكري و”قوى الحرية والتغيير” في السودان الاتهامات اليوم حول فض الاعتصام امام أمام مقر القيادة العامة، والذي خلف عشرات القتلى والجرحى.
ورغم إعلان المجلس الانتقالي عدم مسؤوليته عن فض الاعتصام، وصلت المفاوضات بين المعارضة والجيش إلى طريق مسدود، وعادت الأوضاع إلى مربع الصفر مرة أخرى، في وضع وصفه المراقبون بـ”الكارثي”.
وأعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، في بيان بثه التلفزيون، وقف التفاوض مع “قوى الحرية والتغيير”، وإلغاء كل الاتفاقات السابقة معها، فيما دعت “قوى الحرية والتغيير” لعصيان مدني شامل لإسقاط المجلس العسكري الانتقالي وتسليم الحكم لسلطة مدنية.
وعاشت الخرطوم يوما داميا، أمس الاثنين، إثر قيام قوات الأمن السودانية بفض اعتصام المحتجين الموجودين أمام مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى، بحسب قادة حركة الاحتجاج.
سماهر المبارك المتحدثة باسم تجمع المهنيين السودانيين، قالت إن “الشارع السوداني مشتعل من تصرف المجلس العسكري الانتقالي، والمجزرة التي ارتكبها أمس، أمام القيادة العامة، وتسببت في مقتل وإصابة عدد كبير من المتظاهرين السلميين”.
وأضافت في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء، أن “بيان المجلس العسكري بشأن إجراء انتخابات بعد 9 أشهر مرفوض تمامًا بالنسبة لنا”، مؤكدة أن “القوى المشاركة في الحركة الاحتجاجية أعلنت تعليق التفاوض بشكل نهائي مع المجلس، حتى يتم تقديم المسؤولين عن مجزرة أمس وباقي المجازر التي ارتكبت منذ بدء الاحتجاجات للمحاكمة”.
وأكدت أن “إجراء الانتخابات غير ممكن حتى يتم تهيئة مناخ ديمقراطي”، متهمة المجلس الانتقالي بـ “محاولة إعادة إنتاج النظام السابق”.
وبشأن الاستجابة لمطالب العصيان المدني، قالت المبارك، إن “البلد الآن في حالة شلل تام، وهناك متاريس في كل مكان، والثوار أغلقوا الشوارع، ليس في العاصمة فقط، بل في باقي المدن”، مضيفة: “العصيان المدني مستمر، ولن نتراجع حتى نصل لغايتنا”.
وعن إمكانية العودة لطاولة المفاوضات مجددًا، أشارت إلى أن “فض الاعتصام قضى على التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي بشكل نهائي، وليس أمامه سوى تسليم السلطة، ومن بعدها يتم محاسبته، فهو المسؤول الأول والأخير عن المجزرة التي حدثت أمام القيادة العامة والتي أسفرت عن عدد كبير من القتلى والجرحى”.
وأوضحت أن “المجلس الانتقالي قام بقطع الإنترنت في مدن السودان نهائيًا، متبعًا نفس الأساليب القديمة”.
وأنهت المتحدثة باسم تجمع المهنيين حديثها، قائلة: “المجلس يراهن على عامل الزمن، ويؤكد أن التظاهرات ستتراجع مع الوقت، لكن الانتفاضة لم تبدأ أمس، بل انطلقت شرارتها منذ 19 ديسمبر، واجهنا الرصاص بصدور عارية، واجهنا الاعتقالات والتضيقات الأمنية والقمع، عامل الزمن يزيدنا قوة، ومستمرون حتى تحقيق مطالبنا كاملة”.
وأعلن رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق أول ركن عبد الفتّاح البرهان، أن “المجلس قرر إلغاء ما كان قد اتفق عليه سابقًا مع المتظاهرين بشأن انتقال السُلطة في البلاد وأنّه قرّر أيضًا إجراء انتخابات في غضون تسعة أشهر، وذلك غداة مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا جراء فض الاعتصام الذي يطالب بتسليم السلطة إلى مدنيين.
وقال البرهان في بيان بثّه التلفزيون الرسمي فجر الثلاثاء: “قرر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وإلغاء ما تم الاتفاق عليه، والدعوة إلى إجراء انتخابات عامة في فترة لا تتجاوز التّسعة أشهر (بدءًا) من الآن”. وأضاف أن الانتخابات ستتم بإشراف إقليمي ودولي.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان: “ارتفع عدد شهداء مجزرة القيادة العامة التي ارتكبها المجلس العسكري إلى أكثر من 30 شخصًا، إضافة إلى سقوط مئات من الجرحى والإصابات الحرجة”، ونفى المجلس العسكري فض الاعتصام بالقوة.
وأكد البرهان أنّ المجلس العسكري ، قائلًا “نعدكم في التحقيق بأحداث اليوم، وندعو النيابة العامة إلى توَلّي ذلك الأمر”.
وتابع أن “القوات المسلحة والدعم السريع والقوات النظامية مسؤولة عن أمن وحماية الوطن، وما انحازت إلى هذه الثورة إلا لِضمان حمايتها وحماية السودان، وليس من أجل أن تحكُم لأنه ليس من حقها فعل ذلك”.
وشدد على أن “السبيل الوحيد إلى حكم السودان، هو صندوق الانتخابات الذي يتحكم به الشعب السوداني وحده”.
وأشار البرهان إلى أن “القوى السياسية التي تُحاور المجلس العسكري تحاول استنساخ نظام شمولي آخر يفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضا العام ويضع وحدة السودان وأمنه في خطر حقيقي”.
ولفت إلى أنه سيتم “تشكيل حكومة تسيير مهام، لتنفيذ مهمات الفترة الانتقالية المتمثلة في الآتي: محاسبة واجتثاث كل رموز النظام السابق المتورطين بجرائم فساد، التأسيس لسلام مستدام وشامل في مناطق النزاعات المختلفة، تهيئة البيئة المحلية والإقليمية والدولية لقيام الانتخابات بما يمكن الشعب السوداني من اختيار قيادته بكل شفافية”.