تحقيقات
قساوسة في ألمانيا يديرون ظهورهم للكنيسة من أجل الحب والزواج
ـ ماينتس ـ مرت ثلاث سنوات ونصف على ترك ميشائيل باوكن منصبه كقس، فقد وقع في حب امرأة وأراد أن يقضي حياته معها.
وأصبح باوكن متزوجا بهذه المرأة الآن، وله منها ابنة صغيرة، وهو يرأس دارا للمسنين في مدينة كِل ام زيه، بولاية راينلاند بفالتس، غربي ألمانيا.
ويقول باوكن البالغ من العمر 46 عام إنه لم يندم أبدا على إقدامه على ترك وظيفته في أبرشية ترير.
ويؤكد: “أعلم أن القرار كان سليما”، حتى وإن كان صعبا عليه بصفته قياديا في الكنيسة.
ويقول باوكن إنه كان آنذاك “يعيش للمنصب فقط”، وكان يشعر بالوحدة، مشيرا إلى أن علاقته بزوجته الحالية، كلاوديا، تطورت ببطء، ثم أدرك في لحظة ما أن طريقه لا يمكن أن يستمر في محراب الكنيسة، لأنه سيلزم بالعزوبية بصفته قسا كاثوليكيا، “وللأسف كنت سأظل قسا، لولا فريضة العزوبية بحق القساوسة، ولولا ذلك لما كان هناك سبب يجعلني أترك عملي بالكنيسة”.
وأكد القس السابق قناعته بعدم تعارض العزوبية مع العمل كقس.
ولكن باوكن استقر منذ وقت طويل في وظيفته كرئيس لدار مسنين تابعة لمنظمة الصليب الأحمر، يعمل بها 75 موظفا.
واستفاد القس السابق في هذه الوظيفة من تجربته كممرض قبل أن يعمل قسا في الكنيسة بدءا من عام .2006
وباوكن واحد من إجمالي سبعة كهنة تركوا العمل في أبرشية ترير الألمانية منذ عام 2014، بسبب واجب العزوبية الذي تقتضيه الرهبنة.
وتقول يوديت روب، المتحدثة باسم الأبرشية: “من الممكن أن تفشل خطط الحياة، حتى ولو كان صاحبها يعمل في الكنيسة… حتى وإن كان من المؤسف أن يترك أحد الكهنة العمل في الكنيسة، فإننا نحترم قرار الرجال الذين يتخذونه”.
وأشارت المتحدثة إلى أن عدد مثل هذه الحالات لم يرتفع في العقود الماضية ” وعندما يقرر كاهن إنهاء عمله في الكنيسة، فإنه يفقد حقه في الحصول على راتبه”.
وأوضحت المتحدثة أن الأبرشية توفر تأمين المعاشات للكهنة عن الفترة التي عمل بها بالكنيسة.
ومنذ عام 2014 ترك ثلاثة من رجال الكنيسة عملهم في أبرشية ماينتس التي تضم نحو 730 ألف كاثوليكي، وذلك وفقا لبيانات الأسقفية، والتي تشير إلى أن ذلك لا يعني زيادة في عدد الكهنة الذين يتخلون عن عملهم في الكنيسة، مقارنة بفترة السنوات الخمس السابقة لهذا التاريخ.
ويقول توبياس بلوم، المتحدث باسم الأسقفية: “كان هناك دائما قساوسة يتركون العمل في الكنيسة”.
لم تعان أبرشية شباير أو أبرشية ليمبورج خلال السنوات الخمس الماضية من نقص في موظفيها، ولكن أحد رجال الدين بالكنيسة طلب الحصول على عطلة من منصبه، للتفكير في هذا الأمر، بحسب ما ذكره شتيفان شنيله، المتحدث باسم أبرشية ليمبورج.
ووفقا لاتحاد القساوسة الكاثوليك ونسائهم، فإن الرجال يمرون بـ “موقف عسير” عند أداء وظيفتهم “لأن هذا الموقف وجودي” حسب رئيس الاتحاد، هانز يورج فيتر، بمدينة أوبرهاوزن، غرب ألمانيا.
وأشار فيتر إلى أنه ليس كل القساوسة تعلموا وظيفة أخرى قبل الالتحاق بالكنيسة، “وكلما كبر الإنسان، أصبح من الصعب تعلم وظيفة جديدة”.
كان فيتر55/ عاما/ ترك العمل في الرهبنة الكاثوليكية، بعد أن تعرف على زوجته في البرازيل، ثم تعلم وظيفة أخر كأخصائي برمجيات في شركة “ساب”.
وانضم لهذا الاتحاد نحو 170 قسا سابقا، مع زوجاتهم.
وأثير النقاش بشأن مبدأ العزوبية بالكنيسة في الأونة الأخيرة، وكان ذلك خلال الجمعية العمومية لمجمع الأساقفة الألمان، الخاص بفصل الربيع.
وقال رئيس المجمع، راينهارد ماركس، إنه من الضروري أن يصبح من الجائز التساؤل بشأن ما إذا ظل القساوسة الكاثوليك المتزوجون هم الاستثناء المطلق.
ورأى الكاردينال ماركس أن هناك ضرورة بالغة للتحدث عن الأخلاق الجنسية لرجال الكنيسة.
وبدا باوكن الذي ظل على عقيدته الكنسية، متفائلا بـ “سقوط” العزوبية يوما ما، وقال: “اعتقد ذلك، لأن الضغط شديد جدا… الأمر يشبه سور برلين شيئا ما.. السؤال هو: متى يأتي هذا اليوم”.
وأكد القس السابق، باوكن، أنه يثق ببابا الفاتيكان فرانسيس الأول “لعمل شيء في هذا الجانب”.
ورأى باوكن أنه لولا فريضة العزوبية بحق الكهنة، لكان لدى الكنيسة الكاثوليكية عدد أكبر من القساوسة، “فإذا استبعدت جميع النساء، ثم جميع الرجال الذين لا يريدون العيش وحدهم، لن يتبقى الكثير”.
كما أن المجتمع أصبح، حسب باوكن، ينظر لفريضة العزوبية داخل الكنيسة بشكل نقدي متزايد، “حيث أصبح ينظر داخل الكنيسة للكهنة الذين يلتزمون بالعزوبية على أنهم غير طبيعيين، وأصبح الكاهن الذي يمارس العزوبية يستحق شفقة الناس”.
وتابع باوكن: “لم تعد العزوبية مساعدة بالشكل الذي كان يراد لها في البداية، بل مشكلة ضخمة لم يعد أحد داخل الكنيسة يريد استمرارها”.
لا يجوز لباوكن أن يتزوج بشكل كاثوليكي، “لأن ذلك كان يتطلب أن أتقدم بطلب لإعفائي من واجباتي الكهنوتية، ولكني تعمدت ألا أقدم هذا الطلب؟ لماذا؟”
لأنه لا يزال يأمل في أن يسمح للقساوسة المتزوجين يوما ما بالعمل ككهنة، “فأنا أنتظر اليوم الذي لا يكون فيه عزوبية، عندها سأعمل في الكنيسة بشكل إضافي إلى جانب عملي الحالي، وسأقوم بأداء القداس في عطلة نهاية الأسبوع، وأؤدي الشعائر كقس حقيقي”. (د ب أ)