السلايدر الرئيسيتحقيقات
بعد 25 عاما هل يجدد ام يلغي الاردن صفقة الباقورة مع اسرائيل؟ وماهية حيثيات الشارع الأردني
غادة كامل الشيخ
– يتذكر الأردنيون اليوم قرب أو بالأحرى ينبش الأردنيون اليوم حق مشروع لهم وهو استعادة أراضي الغمر والباقورة المستأجرة من الجانب الاسرائيلي منذ 25 عاما، ويأتي هذا “النبش” تزامنا مع قرب انتهاء فترة الايجار والتي ستكون في السادس والعشرين من الشهر الحالي، نبشاً ربما لم تتنبه له الدولة الأردنية عندما وقعت معاهدة السلام، سيما وأنه من المعروف بان ذاكرة الأردنيين قصيرة، لكن الدولة لم تتنبه أيضاً أنه وبالرغم من قصر ذاكرة الأردنيين الا أن ذلك لا يشمل ذاكرتهم في كل ما يتعلق بحب الوطن ورفض أي تعدي عليه حتى لو كان على سبيل الايجار!
وفي نبذة سريعة عن قصة أراضي الغمر والباقورة المستأجرة من قبل اسرائيل فبحسب معاهدة وادي عربة وضع الأردن منطقتي الباقورة والغمر تحت «نظام خاص» أقرب ما يكون إلى «تأجير» هاتين المنطقتين لاسرائيل لمدة 25 عامًا، ويحق لأي من الطرفين قبل انتهاء المدة بعام إبلاغ الطرف الآخر رغبته إنهاء الاتفاق حولها.
مما يعني أن الأردن يستطيع بحسب الاتفاقية إبلاغ اسرائيل خلال عام من الآن عدم نيته تجديد عقود هاتين المنطقتين واستعادة السيطرة عليهما بالكامل.
وما قبل وادي عربة وفي العام 1950 قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بالتوسع اتجاه الأردن والاستيلاء على أراضي في منطقة الباقورة من خلال عبور نهر الأردن وفرض أمر واقع جديد.
وبعد انتهاء حرب ال 1967 احتلت اسرائيل مساحات من الأراضي الأردنية في وادي عربة وبدأ المستوطنون بالتوسع بمزارعهم داخل الحدود الأردنية، وحفرت حكومة الاحتلال آبار داخل الأراضي الأردنية لتزويد مزارع المستوطنين الواقعة على جانبي الحدود بالمياه، وبلغت مساحة الأراضي المزروعو ما يفوق ال 5000 دونما.
ومع بدء مفاوضات معاهدة وادي عربة شعر المستوطنون الزراعيون بالقلق من احتمال خسارة الأراضي المزروعة داخل الحدود الأردنية وبدأ قادة المستوطنات بالضغط من أجل التمسك بهذه الأراضي وعدم ارجاعها الى الاردن.
وحسب معاهدة وادي عربة الموقعة في العام 1994 وضع الاردن منطقتي الباقورة والغمر تحت “نظام خاص” أقرب الى ما يكون تأجير.
وهاتان المنطقتان لاسرائيل منذ 25 عاما ويحق لأي من طرفي معاهدة وادي عربة قبل انهاء المدة بابلاغ الطرف الاخر رغبته بانهاء اتفاق النظام الخاص حولها، مما يعني ان الاردن يستطيع ابلاغ اسرائيل عدم نيته بتجديد عقود هاتين المنطقتين واستعادة السيطرة عليهما.
والجدير ذكره أن قضية الباقورة والغمر هي واحدة من الملاحق لمعاهدة وادي عربة تلك الملاحق التي تعتبر الى حد ما سرية، لكن ولانه لم يعد هناك وقت كاف كثرت الأصوات من قبل ناشطين وحقوقيين مؤخرا تطالب الحكومة باستعادة أراضي الغمر والباقورة خصوصا وانه تبقى فقط أقل من ثلاثة أسابيع على الفرصة الذهبية لاستعادتهما.
وفي بحث أجراه الصحافي شاكر جرار عن قضية أراضي الباقورة والغمر كشف جراران أن معاهدة وادي عربة تنص في الملحق 1 (ب) على تطبيق نظام خاص على منطقة الباقورة في الأغوار الشمالية تعترف «إسرائيل» من خلاله بالسيادة الأردنية على هذه المنطقة، إلا أن ذلك متبوع بعبارة تقول أن المنطقة «فيها حقوق ملكية أراضٍ خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية (المتصرفون بالأرض)»، وبالتالي يتعهد الأردن وفقًا للمعاهدة بأن «يمنح، دون استيفاء رسوم، حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم، بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها» و«ألا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من إسرائيل إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه»،
ويبين جرار في بحثه أنه من أصل 1390 دونمًا تم احتلالها عام 1950، زعمت «إسرائيل»أثناء مفاوضات «وادي عربة» بأن هناك 830 دونمًا هي «أملاك إسرائيلية خاصة». رضخ المفاوض الأردنيّ للحجج الإسرائيلية، ولم يتمسك باستردادها بالكامل. واتفق «الطرفان» على صيغة أشبه بالإيجار.
واكتفى الأردن باعتراف إسرائيل بسيادة الأردن عليها واتفق الطرفان على تطبيق نظام خاص على هذه المساحة من منطقة الباقورة يضمن «حقوق ملكية أراض خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية» ويبقى هذا الوضع -وفقًا للملحق 1(ب) في الاتفاقية- «نافذ المفعول لمدة خمس وعشرين سنة، ويجدد تلقائيا لفترات مماثلة ما لم يُخطِر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من انتهائه وفي هذه الحالة يدخل الطرفان في مشاورات حيالها بناء على طلب أي منهما».
بالتالي، إذا أراد الأردن إنهاء هذا الوضع القائم واستعادة سيادته على هذه الأراضي بالكامل، فعليه أن يبلغ دولة الاحتلال بهذا قبل انتهاء فترة الايجار، دون أن يخرج ذلك عن الإطار القانوني للمعاهدة نفسها.
وفي حديث دار بين جرار و”” أفاد أفاد أنه يتابع الصحف العبرية منذ فترة ولا يوجد هناك ما يشي أن الأردن خاطب إسرائيل فيما يتعلق باستعادة أراضي الغمر والباقورة، معربا عن تخوفه وترجيحه في الوقت ذاته أن الايجار سيتجدد تلقائيا.
فوفق وداي عربة يشير جرار أنه اذا ما تم الاتفاق بين الطرفي (الأردن واسرائيل) بايقاف الايجار لأراضي الغمر والباقورة ما قبل الانتهاء من المدة والتي ستكون في السادس والعشرين من الشهر الجاري فان ايجار المنطقتين سيتجدد تلقائيا 25 عاما اضافية!
“ما يحدث هو انتهاك للسيادة الأردنية” يقول جرار ل”” مشيرا الى أن الكرة الان في ملعب الحكومة الأردنية في الاسراع قبل انتهاء المدة القانونية لاستعادة الباقورة والغمر.
من جانب آخر بدأت أصوات الناشطين وحملات استعادة اراضي الغمر والباقورة تعلو بشدة في الفترة القليلة الماضية، مطالبة الحكومة الأردنية بالتحرك السريع قبل فوات الأوان باستعادة المنطقتين، ولم يختصر الموضوع هنا فحسب بل أن حتى مجموعة من النواب ربما أكثرهم تحركاً النائب ديما طهبوب وجهوا أسئلة الى رئيس الحكومة الأردنية الدكتور عمر الرزاز فيما يتعلق ما اذا جلس الجانب الاردني مع الجانب الاسرائيلي واتفقوا على استعادة الأراضي، لكن لم يقدم الرزاز جوابا واحدا حتى الآن.
نعم لا شك أن الكرة الآن في ملعب الأردن، فه8ل هناك احتمالية أن يلعب حتى ولو في الوقت البدل الضائع ويجعل من السادس والعشرين من الشهر الحالي يوما أردنيا وطنيا يحتفل به الأردنيون باستعادة الغمر والباقورة؟ أما أن الأردنيين على موعد مع ربع قرن جديدة تحت سيادة المحتل لأراضيه ويكون وكما قال علي عبد الله صالح: “فاتكم القطار؟”