السلايدر الرئيسيتحقيقات
الصراع في سوريا وأثره على التنمية البيئية المستدامة
عفراء حسن و أيمن أبو غزال
ـ موسكو ـ من عفراء حسن وأيمن أبو غزال ـ ألقى النزاع المسلح الدائر في سوريا منذ 2011 بضلاله على بلدان الجوار والمنطقة العربية وأخذت الأزمة في سوريا أبعادا دولية، وفرضت على الدولة تحديات اقتصادية وسياسية وبيئية، وأثرت سلبا على قدرتها في تحقيق التنمية المستدامة في البلاد والتي تتمثل في تلبية احتياجات الجيل الحالي من الموارد دون أن يؤثر ذلك على الأجيال القادمة.
وأدت الصراعات التي توالت على المنطقة منذ اندلاع الاحتجاجات والمواجهات الداخلية في بعض البلدان العربية نهاية عام 2010 ومطلع 2011 إلى أزمات اقتصادية امتدت إلى البلدان المجاورة التي تشهد هدوء نسبيا.
وأسفرت الازمة التي مرت بها سوريا خلال الـ 8 أعوام الماضية عن نزوح الكثير من السكان المحليين من المناطق الساخنة إلى مناطق أكثر هدوء داخل البلاد، ما أدى إلى ارتفاع عدد السكان بمعدل يفوق المعدل الطبيعي في مناطق دون أخرى، الأمر الذي أثر على استهلاك الموارد الطبيعية المتاحة.
ويتطلب تحقيق التنمية المستدامة لا سيما في المجال البيئي تحسين الظروف المعيشية للسكان للحيلولة دون لجوء الشرائح الفقيرة من المجتمع إلى الاستخدام الجائر للموارد الطبيعية بشكل يتجاوز المستويات المسموح بها.
ويعتبر علماء التنمية البيئية أن التلوث هو أحد أهم التحديات التي تواجه التنمية البيئية المستدامة، كما يؤثر غياب برامج وخطط استراتيجية فعلية ذات نظرة مستقبلية عن أجندات بعض أصحاب القرار على الظروف المعيشة لقاطني المدن والتجمعات السكانية والقرى على حد سواء.
وفي هذا السياق، حدد تقرير أعدته وزارة الإدارة المحلية والبيئة السورية التحديات البيئية الرئيسة التي تواجه البلاد ومؤشراتها، ومن ضمن هذه المعضلات حملت مشكلة تلوث الهواء الترتيب الثالث في التقرير، وذكر التقرير ذاته أن تداعيات مؤشر الهواء الملوث وانعكاسه على ظروف المعيشة يتلخص بزيادة عدد المصابين وارتفاع تكاليف معالجة الأمراض الناتجة عن التأثيرات الصحية لتراكيز ملوثات الهواء.
ووفقا للدراسات البيئية الحديثة، فإن تراجع نوعية الهواء يؤثر بشكل أساسي في زيادة الأمراض والوفيات المبكرة الناتجة عن الأمراض التنفسية، ومن أحد أسبابه المباشرة هي الانبعاثات الغازية من المصانع التي لا تلتزم بالشروط والمعايير الدولية، حيث يشمل ذلك جميع أشكال التلوث الناتج عن المنشآت الصناعية دون استثناء ولكن بنسب مختلفة.
فكانت شركتا تكرير النفط الوحيدتان في سوريا المساهم الأكبر في التلوث البيئي، وهما شركة مصفاة حمص والتي تنتج 110 ألف برميل في اليوم الواحد وتفوقها شركة مصفاة بانياس بطاقة إنتاجية تصل إلى 130 ألف برميل يوميا.
بالإضافة الى ظهور أشكال جديدة من التلوث خلفتها الأزمة السورية تمثلت في انتشار النفايات بكافة أشكالها والناتجة عن تدمير مختلف المنشآت الصناعية الهامة مثل محطات الوقود ومصانع الأدوية…الخ.
ما شهدته سوريا في هذه الحرب من تدمير كبير في البنى التحتية واستهداف المحطات المنتجة للطاقة وحرق الغابات زاد القطاع البيئي إرهاقا وأدى إلى تراجع كبير في الجانب الاقتصادي وحد من القدرة على تأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش الآمن.
وفي سوريا كما في بقية دول المنطقة ثمة حلول سريعة لتلوث البيئة بفضل جغرافية المنطقة تظهر نتائجها في وقت قريب من خلال الحصول على الطاقة من مصادر بديلة للنفط مثل الرياح والشمس ومن حركة أمواج البحر والمد والجزر، وأصبحت الطاقة البديلة مهمة جدا لدى العديد من بلدان العالم وتنعكس بشكل إيجابي على الإنسان والوسط البيئي.
ومن المعروف أن هذا الموضوع قد طرح سابقا في سوريا ومازال يطرح، لكن نحن نتحدث هنا عن ثورة شاملة في هذا المجال تبدأ من المدرسة وتنتهي على مكاتب صناع القرار، ولاسيما في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا.
وتكمن عوامل نجاح التطبيق الشامل للطاقة المتجددة، في تسهيل منح موافقات عطاءات مشاريع الطاقة المتجددة من أجل استقطاب عدد كبير من أصحاب الشركات المعنية وتوفير سهولة الانتشار والتطبيق، وستلعب المبادرة بجميع أذرعها دورا حقيقيا واضحا من خلال الاطلاع على تجارب الدول المجاورة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نأخذ تجربة الأردن في هذا المجال، فقد أشارت آخر الإحصاءات إلى أن ما مقداره 8 بالمئة من إنتاج الكهرباء الإجمالي في المملكة هو بالاعتماد على مشاريع الطاقة المتجددة والتي تديرها وتنظمها وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية.
في الوقت ذاته تسمح وزارة الطاقة الأردنية للشركات الخاصة بالانخراط والمشاركة وتقدم لها التسهيلات اللازمة، وتعمل على استقطاب الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة من خلال تقديم كافة التسهيلات في هذا الإطار مثل الاعفاءات من الضرائب العامة على المبيعات والجمارك.
أما الحلول لهذه المعضلة على المدى البعيد فتتأتى من خلال التوجه إلى الطاقة النووية على الرغم من أنها لا تزال من أصغر القطاعات الديناميكية النامية في الاقتصاد العالمي.
وفي السنوات الأخيرة هناك تزايد ملحوظ في رغبة عدد من بلدان العالم العربي فالشروع بتطوير برامج الطاقة النووية للأغراض السلمية، ومن أهم مزايا استخدام تكنولوجيا الطاقة النووية في المنطقة العربية؛ أن كمية الطاقة الضخمة التي نحصل عليها من الاحتراق الكامل لكيلوغرام واحد من اليورانيوم المستخدم في الوقود النووي، وبنسبة تخصيب تصل إلى 4%، تطلق طاقة تعادل حرق 100 طن من الفحم عالي الجودة أو 60 طنا من النفط.
ويشكل الجنوح إلى استخدام الخيار النووي السلمي في الدول العربية عاملا مهما في نهضتها؛ اقتصاديا وعلميا ويعزز مسيرة التنمية الشاملة التي ينشدها المواطن العربي البسيط من المحيط إلى الخليج، وهذا لا يعني بالضرورة تهميش باقي مصادر الطاقة المتجددة، فهما مساران يجب أن يتطورا جنبا إلى جنب من أجل الحصول على مصادر متنوعة تقضي على مشاكل استيراد الطاقة إلى الأبد.
ومما لا شك فيه هو أن التخطيط إلى استخدام الطاقة النووية السلمية يعتبر مشروعا وطنيا واعدا ستقطف ثماره أيادي الأبناء وسيحقق للأجيال القادمة النهضة الوطنية الشاملة وسيحمل في طياته التنمية البيئية الحضرية المستدامة.
*عفراء حسن (متخصصة في تكنولوجيا الليزر) ـ سوريا
* الدكتور أيمن أبو غزال (باحث اشعاعي ونووي) ـ الأردن
ما تقوليه حقيقة علمية واضحة وشا ملة تترك لكم أنتم بان تطرحوها وتعملوا على تنفيذها لانها تحمل تسلسل منطقي وسلمي أميرتي الغالية أنتي تتكلمين علم وتعرفين أن العلم (علمان) مطبوع–مسموع حيث أنه لاينفع المطبوع اذا لم يكن مسموعا……………………………………………….وفقك الله