زاهي حواس
عندما رأينا السياح يسيرون على سطح المسلة الناقصة بأسوان، وجدنا أن هناك ضرورة للعمل على إيقاف هذا، والبدء في مشروع إدارة المواقع الأثرية. لذلك فقد تحمس الأثري الشاب عادل الكيلاني للبدء في العمل بالموقع، وقبل ذلك بدأ بدراسة المحاجر المنتشرة في مصر، وكشف كثيراً من الأدلة الأثرية بموقع المسلة الناقصة، ومنها تماثيل ومسلات غير مكتملة، ولدينا أدلة على قطع المسلات من هذا الموقع من خلال النقش الذي تركه تحتمس الثالث، ويأمر فيه مهندسه بقطع مسلة من المحاجر لأبيه آمون.
وهناك كثير من المسلات أمام معبد الأقصر. وقد تم نقل واحدة منها إلى ميدان الكونكورد في باريس، وكذلك المسلات الموجودة بمعبد الكرنك، بل هناك مسلة تعود إلى عهد الملك سنوسرت الأول في المطرية بالقاهرة، وتعتبر أقدم مسلة في مصر، وقد أُقيمت عام 1942 ق.م، عند مدخل معبد الإله رع إله الشمس في هليوبوليس، لهذا الملك الذي يعود إلى الأسرة الـ12 من الدولة الوسطى، كي يعلن عن العام الثلاثين من حكمه. وهذه المسلة بارتفاع 20.75 متر، ووزنها 121 طناً من الجرانيت الأحمر. وقد نُقل الجرانيت من الدولة القديمة لعمل التماثيل وتكسية الأهرامات. ويُعرف أن سقف حجرة الدفن للملك خوفو تكون من تسعة أحجار من الجرانيت، يزن كل منها نحو 50 طناً.
والمدماك الأول والثاني السفلي لهرم خفرع مكسوان بالجرانيت، ولكن هرم منكاورع مكسو أيضاً بالجرانيت. والمكان الثاني للمحاجر هو المحجر الرملي بجبل السلسلة، نحو 69 كلم شمال أسوان، بين إدفو وكوم أمبو، حيث استعمل هذا المحجر منذ الدولة الوسطى، واستعمل أكثر في عصر الدولة الحديثة حتى العصرين اليوناني والروماني.
ويوجد أيضاً بإدفو محاجر السراج وقرطاس بالنوبة. وهذا النوع من المحاجر استعمل في بناء معابد فيلة. وبعد ذلك، نصل إلى محاجر الألباستر بمصر الوسطى، التي توجد أيضاً بسيناء وبعض مناطق الصحراء الشرقية، ومحجر بوادي قيداوي بالقرب من حلوان، ويرجع لعصر الدولة القديمة.
وقد استخدم هذا النوع من الأحجار منذ عصر ما قبل الأُسر إلى الدولة الحديثة. وسوف نجد أمام معبد الملك أوناس بسقارة فناء من حجر الألباستر، وكذلك معبد أمنحتب الأول والثاني وتحتمس الرابع بالكرنك، وقدس الأقداس بمعبد الملك سيتي الأول بأبيدوس. أما الحجر الجيري، فقد استخدم على نطاق واسع في بناء المقابر والمعابد والأهرامات، وأشهر المحاجر الموجودة بطرة والمعصرة. وقد استخدمت أحجارها في كساء الأهرامات. ولدينا قمة الهرم الثاني مثال على ذلك.
أما البازلت، فيقع في الفيوم، وسمالوط بالمنيا، وأسوان، والجيزة. وسوف نجد أن ممرات الهرم المدرج بسقارة، ومعابد هرم خوفو، صُنعت أرضيتها من البازلت، وحجر الكوارتزيت، وهو حجر صلب من أنواع الحجر الرملي. ونجد هذه المحاجر موجودة في الجبل الأحمر شمال شرقي القاهرة، ووادي النطرون وأسوان وسيناء. وقد أنتجت لنا الصحراء الشرقية كثيراً من الأحجار، مثل الأسيتايت والديوريت والجابر والأخضر والأردواز الذي كان يفضله الفراعنة لعمل التماثيل والتوابيت بجبل الرخام، جنوب الصحراء الشرقية. ومحاجر الأماتيست تقع بوادي الهودي بالصحراء الشرقية، شرق أسوان، ومحاجر الكوارتز إلى غرب المدينة.