بكر عويضة
أين الجديد إذا قيل إن العربي كائن عاطفي؟ ليس من جديد على الإطلاق. واقع الحال، السائر بأي اتجاه معاكس لأي منطق، يؤكد منذ قرون خلت، أنه، وأنها – بالطبع – إنسان يعطي العواطف أسبقية على ما عداها تتيح لها التحكّم بما سوف يُتَخذ من مواقف، حتى إذ يتعلق الأمر بشأن مصيري، أو قل إنه سوف يزيح، عبر استخدام مجهر التحقيق، بعض غبار إهمال عن ملف مهم، لعل في ذلك ما يكشف، أو يوضّح، ما غفل عن عموم الناس رؤيته بالعين المجردة. كلا، ذلك صعب، وربما مستحيل، فالعاطفة التي تستوطن العقول، بحكم التكوين الأساس، سوف تسارع لإطلاق صياح رفض يستنكر، وربما يستكبر بغضب، أن يجرؤ أحد على الصدع بمطلب شديد الوضوح، ليس من جُرمٍ وقع في المطالبة به، بل ربما الجرم ألا يُتابع، فإن اتضح أن المطلب حق، بعد بحث وتدقيق، كوفئ المُطالب، وإن ثبت أنه محض ادعاء خبيث، أو مجرد افتراء وبهتان، عوقب المُدعي، خصوصاً إذا فشل في إثبات البيّنة.
منطقياً، يسود اتفاق أن أي أمر بالغ الأهمية، فيما يتعلق بالشأن العام، يستحق أن يُعامل بكثير من الجدية. إنما، لم يزل الواقع العربي يفرز عكس هذا تماماً. مثال آخر على ذلك – والأرجح أنه، على الصعيد العربي عموماً، ليس الأخير – كيف جرى التعامل مع البلاغ المقدّم من المحامي سمير صبري، إلى المستشار نبيل صادق، النائب العام المصري، بخصوص فتح ملف استثمارات السوريين في مصر، وتبيّن حقيقة مصادر تمويل بعض مشروعات أنشأها لاجئون إنما تحوم حول مصادر تمويلها شبهاتٌ. أين المشكل في المطلب ذاته؟ ولماذا انتفض «غيورون» على تعاطف المصريين مع السوريين في مأساة بلدهم، فسارعوا إلى رمي الرجل بحجارة التشكيك في وطنيته، وربما لولا ما تبقى من قليل الحياء، لطالبوا بتجريده من مصريّته. هكذا تعامل فيه استخفاف يُمارس من خلال التهجم الشخصي، يقابله سخف متاح عبر ما يُسمى منابر التواصل الاجتماعي، راح بعض ممارسيه يبدو كمن يرقص في الزفة. ليس من اعتراض على تدشين «هاشتاغ» عبر موقع «تويتر» يزعق أن «السوريين مِنَوّرين مصر». لكن مقدم البلاغ لم يضع كل مواطني سوريا اللاجئين إلى مصر في سلة اتهام واحدة، بل إن نص مذكرة المحامي سمير صبري يرحب بوضوح، بدءاً وختاماً، بالسوريين في مصر، وبما حقق بعضهم من النجاح.
لستُ هنا أدافع عن محامٍ هو أقدر مني ومن غيري على دحض ما اتُهم به من جانب بعض المتسرعين، جراء ما طالب به. الواقع أنني كدت أقع في خطأ التسرع ذاته، فأضع المحامي سمير صبري في خانة المتوسلين الشهرة بأي وسيلة، عملاً بمقولة «خالف تُعرف» الشهيرة. لكن، بعد البحث والتقصي، وهما أمران يبدو أنهما غير محببين عند الكثيرين، اتضح لي أن المطلب في حد ذاته، أي تقنين الاستثمارات السورية في السوق المصرية، ليس بضارٍ سوريي مصر بشيء، وكذلك الأمر مع ما يتعلق بفحص مصادر التمويل، ذلك أن كل مستثمر سوري ليس لديه ما يخفيه، لن يخاف توضيح حقيقة مصدر أمواله. ثم إن الذي أثار الزوبعة في الأصل، قيادي سابق في تنظيم «الجهاد الإسلامي»، زعم أن جماعة «الإخوان المسلمين» تموّل استثمارات يديرها بعض السوريين في مصر. تلك مزاعم توجب التحقق منها. في ضوء ذلك، يبدو أن المحامي سمير صبري أعاد قبل أيام تحريك بلاغ قديم له يعود للعام الماضي، ولم يلقَ آنذاك أي اهتمام، فما الموجب لكل زعيق التهم الموجه ضد الرجل؟
مؤكد أن ما من مصري يريد الإساءة لأحاسيس ضيوف مصر السوريين، البالغ عددهم الإجمالي أكثر من نصف مليون، وفق ما ذكر محمد البدري، مساعد وزير الخارجية، والذين بلغت قيمة استثمارات بعضهم قرابة سبعين مليون دولار. أما المطالبة بوضع أي استثمارات أجنبية، بأي بلد، تحت المجهر، فيجب ألا تؤخذ على محمل سيئ النيّة. في بريطانيا، لا تتوقف المطالبة عن فحص إجراءات الاستثمار الأجنبي، بقصد التصدي لأي غسل يجري للأموال، إضافة إلى التأكد أن كبار المستثمرين، مثل «أمازون»، أو «غوغل»، أو «فيسبوك»، وغيرها، يسددون كامل المُستحق عليهم من الضرائب. أين المشكل، إذنْ، إذا طالب محام مصري بإجراء مماثل يُطبق في بلده، سواء مع استثمارات السوريين أو غيرهم؟
منطقياً، يسود اتفاق أن أي أمر بالغ الأهمية، فيما يتعلق بالشأن العام، يستحق أن يُعامل بكثير من الجدية. إنما، لم يزل الواقع العربي يفرز عكس هذا تماماً. مثال آخر على ذلك – والأرجح أنه، على الصعيد العربي عموماً، ليس الأخير – كيف جرى التعامل مع البلاغ المقدّم من المحامي سمير صبري، إلى المستشار نبيل صادق، النائب العام المصري، بخصوص فتح ملف استثمارات السوريين في مصر، وتبيّن حقيقة مصادر تمويل بعض مشروعات أنشأها لاجئون إنما تحوم حول مصادر تمويلها شبهاتٌ. أين المشكل في المطلب ذاته؟ ولماذا انتفض «غيورون» على تعاطف المصريين مع السوريين في مأساة بلدهم، فسارعوا إلى رمي الرجل بحجارة التشكيك في وطنيته، وربما لولا ما تبقى من قليل الحياء، لطالبوا بتجريده من مصريّته. هكذا تعامل فيه استخفاف يُمارس من خلال التهجم الشخصي، يقابله سخف متاح عبر ما يُسمى منابر التواصل الاجتماعي، راح بعض ممارسيه يبدو كمن يرقص في الزفة. ليس من اعتراض على تدشين «هاشتاغ» عبر موقع «تويتر» يزعق أن «السوريين مِنَوّرين مصر». لكن مقدم البلاغ لم يضع كل مواطني سوريا اللاجئين إلى مصر في سلة اتهام واحدة، بل إن نص مذكرة المحامي سمير صبري يرحب بوضوح، بدءاً وختاماً، بالسوريين في مصر، وبما حقق بعضهم من النجاح.
لستُ هنا أدافع عن محامٍ هو أقدر مني ومن غيري على دحض ما اتُهم به من جانب بعض المتسرعين، جراء ما طالب به. الواقع أنني كدت أقع في خطأ التسرع ذاته، فأضع المحامي سمير صبري في خانة المتوسلين الشهرة بأي وسيلة، عملاً بمقولة «خالف تُعرف» الشهيرة. لكن، بعد البحث والتقصي، وهما أمران يبدو أنهما غير محببين عند الكثيرين، اتضح لي أن المطلب في حد ذاته، أي تقنين الاستثمارات السورية في السوق المصرية، ليس بضارٍ سوريي مصر بشيء، وكذلك الأمر مع ما يتعلق بفحص مصادر التمويل، ذلك أن كل مستثمر سوري ليس لديه ما يخفيه، لن يخاف توضيح حقيقة مصدر أمواله. ثم إن الذي أثار الزوبعة في الأصل، قيادي سابق في تنظيم «الجهاد الإسلامي»، زعم أن جماعة «الإخوان المسلمين» تموّل استثمارات يديرها بعض السوريين في مصر. تلك مزاعم توجب التحقق منها. في ضوء ذلك، يبدو أن المحامي سمير صبري أعاد قبل أيام تحريك بلاغ قديم له يعود للعام الماضي، ولم يلقَ آنذاك أي اهتمام، فما الموجب لكل زعيق التهم الموجه ضد الرجل؟
مؤكد أن ما من مصري يريد الإساءة لأحاسيس ضيوف مصر السوريين، البالغ عددهم الإجمالي أكثر من نصف مليون، وفق ما ذكر محمد البدري، مساعد وزير الخارجية، والذين بلغت قيمة استثمارات بعضهم قرابة سبعين مليون دولار. أما المطالبة بوضع أي استثمارات أجنبية، بأي بلد، تحت المجهر، فيجب ألا تؤخذ على محمل سيئ النيّة. في بريطانيا، لا تتوقف المطالبة عن فحص إجراءات الاستثمار الأجنبي، بقصد التصدي لأي غسل يجري للأموال، إضافة إلى التأكد أن كبار المستثمرين، مثل «أمازون»، أو «غوغل»، أو «فيسبوك»، وغيرها، يسددون كامل المُستحق عليهم من الضرائب. أين المشكل، إذنْ، إذا طالب محام مصري بإجراء مماثل يُطبق في بلده، سواء مع استثمارات السوريين أو غيرهم؟