السلايدر الرئيسيشرق أوسط
خطابٌ تصعيديٌّ لنوّاب حزب الله واستمرار التجاذبات حول تشكيل الحكومة اللبنانية
ـ بيروت ـ خاص ـ يشي كلام الأقلام في لبنان بأنّ ملفّ تأليف الحكومة العتيدة بات مرشَّحًا لأنّ يُوضَع مجدَّدًا في ثلّاجة الانتظار لمدّةٍ وجيزةٍ إذا لم يطرأ أيَّ تطوُّرٍ جديدٍ على صعيد الاتّصالات الجارية بشأنه في غضون الساعات الأربع والعشرين المقبلة، نظرًا لأنّ رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون يعتزم السفر غدًا الأربعاء إلى أرمينيا في زيارةٍ تستمرّ ثلاثة أيّامٍ لحضور فعاليّات القمّة الفرنكوفونيّة المقرَّرة هناك، كما أنّ الرئيس المكلَّف سعد الحريري سيقوم خلال اليومين المقبلين بزيارةٍ خاصّةٍ إلى لندن، بينما سيتوجَّه رئيس مجلس النوّاب نبيه بري إلى سويسرا للمشاركة في أعمال الاتّحاد البرلمانيّ الدوليّ، ناهيك عن وجود رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” الوزير جبران باسيل في جولةٍ خليجيّةٍ يقوم خلالها بتسليم دعواتٍ للمشاركة في قمّة بيروت الاقتصاديّة المقرَّر انعقادها في مطلع العام الجديد.
وعلى رغم ظهور بعض التسريبات التي تحدَّثت مساء الأمس عن أنّ الرئيس الحريري يُفترَض أن يلتقي تباعًا القوى المعنيّة بالعقدتين المسيحيّة والدرزيّة، أملًا في التوصُّل إلى بلورةِ أفكارٍ معيَّنةٍ لحلّ الأزمة، بحسب ما أكَّدته مصادرُ نيابيّةٌ في “اللقاء الديمقراطيّ”، فإنّ أيّ جديدٍ لم يُسجَّل على هذا الصعيد في “بيت الوسط”، أقلّه في الإعلام، وهو ما أكَّدته أيضًا مصادر “القوّات اللبنانيّة” التي نفت أن يكون قد تمّ إبلاغها بأيّ طرحٍ أو مبادرةٍ فعليّةٍ، ممّا جعل الأمور تراوح مكانها.
ولكنّ أكثر ما بدا لافتًا في سياق تداعيات الملفّ الحكوميّ المعقَّد، كان قد تجلّى البارحة من خلال المفردات المستخدَمة في “الخطاب التصعيديّ الجديد” الذي بدأ نوّاب “حزب الله” ومسؤولوه العزف عليه عبْر الحديث عن ضغوطٍ خارجيّةٍ، بقصد الهروب من تحميل المسؤوليّة للطرف الداخليّ المسؤول عن التعطيل والتأخير، ولا سيّما أنّ الجديد هنا تمثَّل في اتّهام الرئيس المكلَّف بالخضوع لهذه الضغوط لعدم تأليف الحكومة حاليًّا ريثما تظهَر نتائج العقوبات الأميركيّة المنتظَرة ضدّ إيران، علاوةً على أنّ البعض ذهب إلى حدّ وصفه بأنّه “إنسانٌ مغلوبٌ على أمره في ملفّ التأليف، فلا هو قادرٌ على المضيّ قدُمًا رغم الإشارات الخارجيّة التي لاحت أولى بشائرها في العراق، ولا هو قادرٌ على التراجع لأنّ ثمن مثل هذه الخطوة سيكون مكلِّفًا سياسيًّا له وللجهات الخارجيّة التي تماطل في إعطائه الضوء الأخضر”، بحسب ما ذكرته صحيفة “اللواء” نقلًا عن مصادرَ قريبةٍ من “حزب الله” في عددها الصادر اليوم الثلاثاء.
وإزاء هذا التصعيد من قبل “حزب الله”، رأت مصادر في “قوى 8 آذار” أنّ مسألة تأليف الحكومة تقف في الوقت الراهن أمام مسارين، أوّلهما يُشير بوضوحٍ إلى ضغوطٍ فرنسيّةٍ لمساندة الرئيس الحريري لتأليف حكومته في مهلةٍ أقصاها أواخر الشهر الحاليّ، على أن تكون الحكومة ثلاثينيّة لا تلحظ ثلثًا معطِّلًا لأيِّ فريقٍ، ولا تتبنّى “الفيتو” الأميركيّ على تولّي “حزب الله” وزارة الصحّة.
وكشفت المصادر عن أنّ الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون أبلغ الحريري شخصيًّا بدعمه اللامتناهي له، وأوعز لتقييد كلّ الأفرقاء بمهلةٍ تتراوح بين أسبوعٍ وعشرةِ أيّامٍ لتشكيل الحكومة. كما أكَّدت على أنّ المسعى الفرنسيّ المستجِدّ قوامه مقايضة الجهات الخارجيّة بين القبول بسحب الضغوط عن الرئيس المكلَّف، والإيعاز بتشكيل حكومةٍ لبنانيّةٍ جامعةٍ بضماناتٍ فرنسيّةٍ تحكمها العلاقات الجيّدة التي تجمع “حزب الله” بالفرنسيّين، أو غضّ طرْف باريس والمجتمع الدوليّ عن فرضِ حكومةِ أكثريّةٍ على المعارضين.
أمّا المسار الثاني، والذي تتبنّاه “قوى 8 آذار”، فهو يعتقد أنّ ما قاله الرئيس الحريري مجرَّد كلامٍ للاستهلاك وتضييع الوقت لحين نضوج ملامح التسوية الفرنسيّة التي لا تنكر هذه القوى أهمّيّتها، لكنّها تضعها في إطار المسعى الطويل الأجل والذي قد لا يؤدّي إلى ولادة الحكومة قريبًا، الأمر الذي يعني في المحصِّلة النهائيّة أنّ حالة الكرّ والفرّ ستبقى وحدها الأكثر رواجًا على الساحة اللبنانيّة حتّى إشعارٍ آخر، أملًا في أن ينتهي مخاض التجاذبات الداخليّة والخارجيّةٍ على خيرٍ، وهذا أمرٌ ليس جديدًا بطبيعة الحال على اللبنانيّين.