تحقيقات

الألغام سلاح تقليدي في الحروب البحرية

ـ دبي ـ تعتبر الألغام البحرية المتنقّلة التي تُزرع على جسم السفينة، والتي استخدمت على الأرجح في الهجوم على ناقلة نفط يابانية في بحر عمان الأسبوع الماضي، من الأسلحة التقليدية في الحرب البحرية ويعود استخدامها إلى بداية الحرب العالمية الثانية.

بدأت صناعة هذه الألغام التي تشبه الصدف البحري، قبل الحرب (1939 – 1945)، وكانت عبارة عن قرن معدني مليء بالمتفجرات يثبّت على هيكل السفن بواسطة قطع مغناطيسية.

واستخدمت هذه الألغام قوات “كومندوس” إنكليزية في سنة 1942 ونقلتها في قواربها في عملية أطلق عليها اسم “فرانكتون” واستهدفت سفن شحن ألمانية في ميناء بوردو الفرنسي ما أدى إلى تدمير كل هذه السفن باستثناء إثنتين.

كما استخدمت أجهزة الاستخبارات الخارجية الفرنسية ألغاما بحرية ضد سفينة “رينابو ووريير” التابعة لمنظمة “غرينبيس” في اوكلاند (نيوزيلندا) في 1985.

لكن نائب الأدميرال جان لوي فيشو المدير السابق للأكاديمية البحرية الفرنسية يؤكّد لوكالة فرانس برس أنّ “أول من استخدم هذه الألغام هم الغواصون العسكريون الإيطاليون، الذين هاجموا الأسطول البريطاني في البحر المتوسط”.

وأضاف “قام غواصون عسكريون بوضع (هذه المتفجرات). وهذا على ما يبدو ما حدث الشهر الماضي في ما يتعلق بالسفن الأربع” التي تعرضت لهجمات قبالة الساحل الإماراتي، مشيرا إلى أنه “تم وضع متفجرات تحت سطح الماء”.

بعيدا عن الرادار

وتعرضّت ناقلة نفط يابانية وأخرى نروجية الخميس الماضي لهجومين فيما كانتا تبحران قرب مضيق هرمز، الممر الاستراتيجي الذي يعبر منه يوميا نحو ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً.

ووقع الهجومان بعد شهر من تعرّض ناقلتي نفط سعوديتين وناقلة نروجية وسفينة شحن إماراتية لعمليات “تخريبية”.

ووجهت واشنطن أصابع الاتهام إلى طهران أيضا التي نفت أي مسؤولية.

وأعلن الجيش الأمريكي الأربعاء أنّ الهجوم على ناقلة النفط اليابانية كوكوكا كوريجوس في بحر عمان كان “نتيجة ألغام بحرية زرعت على الغلاف الخارجي للسفينة”.

وذكر الضابط الأمريكي أن اللغم الذي انفجر “كان فوق المياه، ولا يبدو أن النيّة كانت إغراق السفينة”، مشيرا إلى لغم آخر ثبّت على هيكلها الخارجي وقد أزالته قوّة إيرانية كانت على زورق سريع قبل انفجاره.

وشاهد مصوّر فرانس برس ثقبا على شكل مثلّث بقطر نحو متر في هيكل السفينة الخارجي فوق مستوى المياه، بينما كان طاقم الناقلة على متنها.

ويرى لودوفيك غيرينو الذي عمل في السابق في الوكالة العامة للامن الخارجي الفرنسية ويشغل الآن منصب مدير العمليات في شركة للأمن الخاص، أنّ الهجوم على الناقلة اليابانية “لم ينفّذه غوّاصون”.

ورجّح أن يكون المهاجمون الذين قاموا بإلصاق الألغام على الناقلة “اقتربوا (من الناقلة)”، مضيفا “من المستغرب أن هذه العملية جرت في وضح النهار، لأنها عادة ما تتم خلال الليل لتجنب ترك أي آثر”.

وتابع أن هؤلاء استخدموا “قاربا سريعا واقتربوا من دون لفت الانظار ومن دون أن يلتقطهم الرادار فوضعوا الألغام وتواروا”.

إثارة الخوف

ولا يشعر فيشو بالاستغراب جراء عدم رؤية البحارة للمهاجمين، موضحا أنّه على متن الناقلات الكبيرة عادة ما ينشغل البحارة بالعمل على عدم الاصطدام بالقوارب الاخرى.

ولا يوجد نظام مراقبة فعّال ودائم على متن السفن الكبرى، ويقوم شخص واحد على الأقل بمراقبة المياه وتحركات القوارب والسفن الأخرى، وقد اعتاد على رؤية القوارب والزوارق تقوم بمناورات غير تقليدية قرب مضيق هرمز.

وقد يتغيّر هذا الأمر بعد الهجمات الأخيرة، وتعتمد السفن أنظمة حماية جديدة.

ووفقا للخبيرين، فإن هدف المهاجمين لم يكن إغراق السفن بل توجيه رسالة، وهو ما رجّحته البحرية الامريكية بعدما أشارت إلى أنّ إلصاق اللغم بالسفينة فوق مستوى المياه يوحي بذلك.

وأوضح “غيرينو “أنها رسالة مرتبطة بالتوترات بين الدول في هذه المنطقة”، بينما قال فيشو “لقد أرادوا إثارة الخوف ورفع تكاليف التأمين (على السفن)، وقد نجحوا في ذلك”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق