تحقيقات

تحليل “ناشونال انتريست” الأمريكية: خطة كوشنر للسلام فى الشرق الأوسط تكسب أولى جولاتها

ـ القاهرة ـ اختتم الأسبوع الماضي مؤتمر البحرين للسلام الاقتصادي والذى أطلق عليه رسميا “ورشة عمل السلام من أجل الازدهار” بدعوة من الولايات المتحدة، وكان هدفه التشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

وقد اعتبر الفلسطينيون، وبعض الدول الأخرى، المؤتمر الذى استضافته العاصمة البحرينية على مدار يومي 25 و26 حزيران/ يونيو جزءا مما أصبح يعرف بــ” صفقة القرن”. وتعرض المؤتمر لانتقادات من جانب الكثير من الدول والشخصيات المختلفة في أنحاء العالم. وكانت المشاركة العربية فيه محدودة للغاية، وبطبيعة الحال قاطعه الفلسطينيون رسميا وشعبيا. وقد تردد بالأمس أن جهاز المخابرات الفلسطينية اعتقل رجل أعمال فلسطيني شارك في المؤتمر.

وكان وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، أكد موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية، موضحًا أن استضافة المنامة للمؤتمر ليسَ لها أي أهداف سوى تعزيز موارد الشعب الفلسطيني. وفي تغريدة على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، قال الوزير البحريني: “موقف مملكة البحرين الرسمي والشعبي كان ولا يزال يناصر الشعب الفلسطيني الشقيق في استعادة حقوقه المشروعة في أرضه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى دعم اقتصاد الشعب الفلسطيني في كل موجب دولي وثنائي”.

وقال الكاتب المغربي، أحمد شراعي، ناشر الصحيفة المغربية الاسبوعية” لوبزيرفاتور”، في مقال له نشرته مجلة “ذا ناشونال انتريست” الأمريكية أمس السبت إن جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب وصهره، ظل طوال عام يعمل سرا مع القادة العرب قبل أن يكشف عن خطته في المؤتمر، حيث حاول ضمان الحصول على موافقة القادة العرب على خطته التي تهدف إلى تقديم مساعدات تنموية للفلسطينيين تصل إلى 50 مليار دولار- بحسب ما ذكره شراعي- وهو أكبر مبلغ تقترح الحكومة الأمريكية تقديمه حتى الآن.

وأشار شراعي- وهو عضو في مجلس أمناء معهد السياسة الخارجية للأبحاث والمجلس الاستشاري لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية- إلى أن صناع السياسات ركزوا طوال عقود على التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد أعادنا هذا النهج إلى اتفاقات أوسلو في بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث تم منح الفلسطينيين أكثر من 90 بالمئة من الأراضي والمياه التي قالوا إنهم يريدونها، إلى جانب ضمان أمنى. وفى نهاية الأمر، رفض الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الخطة، وزلزلت أعمال الشغب والمظاهرات السنوات التي استمرت حتى نهاية العقد.

ويقول شراعي إن نهج كوشنر جديد وفريد. وهو يبدأ من افتراض أن الفلسطينيين يريدون السلام، ولكن الأغلبية الشبابية، بصفة خاصة، تريد الأمل في حياة أفضل: أي إسكانا حديثا، ومدارس آمنة وفعالة، ووظائف مربحة، والسلام، والنظام والازدهار.

ويقول شراعي الذى حضر مؤتمر المنامة، إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تونى بلير أيد أساسا خطة كوشنر على أساس أن أي اتفاق سياسي بدون رؤية اقتصادية، والتزام دولي بمساعدة الفلسطينيين لتحسين أحوالهم المعيشية سيكون مصيره الفشل. وفى الوقت نفسه، أكد بلير استمرار التزامه بحل الدولتين، وقال إن هذا لن يتحقق إلا إذا كان” الوضع الاقتصادي والسياسي على ما يرام”.

وتتمثل الرؤية الأساسية لكوشنر في أن التنمية الاقتصادية يجب أن تأتي أولا لتصيغ المناقشات بشأن حل سياسي. وتتمثل رؤيته الثانية في أن وجود “مساومة كبرى” وحيدة أمر غير واقعى، وأنه من المرجح أكثر أن يكون النجاح حليف نهج تطوري وتدريجي يبني الثقة، إلى جانب الأسس الاقتصادية. ووصف خطته بأنها “إطار لمستقبل أكثر إشراقا، وهي رؤية لما يمكن أن يتفق مع السلام”.

وقال شراعي أنه سرعان ما أصبح واضحا اتفاق كثير من كبار الشخصيات العربية مع رؤية كوشنر.

وقال محمد العبار، وهو رجل أعمال إماراتي: “من خلال توفير فرص العمل، وفرص الدخل وملء الفجوات بالنسبة لتوفير الخدمات الأساسية، يستطيع القطاع الخاص أن يساعد في بناء الزخم وراء اقتصاد هش، وأن يغرس الأمل في شعوب المنطقة”. وأضاف العبار أنه عندما يتم في نهاية المطاف وضع خطة سلام راسخة ، سيكون القطاع الخاص عاملا مساعدا مهما لبدء التحول في الضفة الغربية وغزة”.

واختتم شراعي مقاله بالقول إنه إذا ما نجح كوشنر في العمل على أن يتم تبني رؤيته، فإن ذلك سيكون بمثابة نقطة تحول في شؤون الشرق لأوسط، وسيحظى بمكانة في التاريخ إلى جانب الرئيس جيمي كارتر، الذى أدار مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل في سبعينيات القرن الماضي. ويواجه كوشنر الآن تحدى الحصول على موافقة حكومتي إسرائيل وفلسطين على خطته. ( د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق