أقلام يورابيا

أصابع الزمار تلعب في المكان الخطاء

محمد أبو مهادي

محمد أبو مهادي

اللجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين لم تتشكل بقرار من دائرة اللاجئين في منظمة التحرير، هي حصاد جهد شعبي بدأ في عام 1996 وشاركت فيه مع نخبة من المناضلين واستمرت حتى تاريخيه رغم محاولات دائرة اللاجئين في منظمة التحرير ومن بعدها حماس للانقضاض عليها ومحاولة حيدها عن الأغراض التي شكّلت من أجلها.
مئات المناضلين والوجهاء والاكاديميين في المخيمات الفلسطينية شاركوا في بناء هذا الجهد في وقت لم تكن فيه دائرة اللاجئين في المنطمة سوى لجنة صغيرة يمثلها عضو في تنفيذية المنظمة يبحث عن عمل.
بعد اتفاق اوسلو تراجعت مكانة المنظمة ودوائرها المختلفة لصالح السلطة الفلسطينية، وكانت الخشية ان تتراجع مكانة اللاجئ الفلسطيني السياسية امام محاولات الشطب المستمرة لقضية اللاجئين، وكان لزاماً على كل فلسطيني غيور ان يساهم في اعادة الاعتبار لموضوع اللاجئين كقضية مركزية في صلب النضال الوطني التحرري، وامام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التي باشرت في تقليص خدماتها لصالح البلديات التي تتبع لوزارة الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية، لتتخلص من النفقات المالية على المخيمات وتحميل العبء على السلطة، وفي جوهر هذا التقليص عمل سياسي يخدم فكرة شطب حق العودة والتعويض.
لجان اللاجئين لم تكن في يوم من الأيام تتبع لاحزاب سياسية او لدائرة من دوائر منظمة التحرير، وقد تم الاتفاق مع الشهيد ابو عمار ولاحقا مع رئيس دائرة اللاجئين في منظمة التحرير د. اسعد عبد الرحمن على هذا الأمر، بعد محاولة اطراف في المنظمة تخريب هذا الجهد والاساءة له، وفي مضمون الاتفاق ان تكون العلاقة مع دائرة اللاجئين هي علاقة تنسيق فقط في القضايا التي تخص اللاجئين وان مرجعيات اللجان الشعبية هي هيئاتها العامة في المخيمات على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، والمرجعية السياسية لموقف اللجان هو برنامج منظمة التحرير الذي يعتبر ان العودة والتعويض هو الاساس الذي يجب ان ترتكز عليه اي حلول سياسية.
للجان الشعبية هيكلية واضحة افرزتها المؤتمرات الشعبية وصادق عليها الرئيس ابو عمار ولوائح داخلية تنظم عملها، وهذا احد عوامل نجاحها رغم محاولات دائرة اللاجئين وبعض الفصائل لتقويض هذه الفكرة، واستطاعت اللجان الحد من التقليصات التي تنفذها الانروا، وعلى المستوى السياسي في تعميق فكرة حق العودة في الوعي الجمعي الفلسطيني رغم قتامة المرحلة والاخطار السياسية الماثلة وحالة الاحباط التي فرضتها القيادة الرسمية على ابناء الشعب الفلسطيني.

تزامناً مع موقف الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن اللاجئين الفلسطينيين واستهدافه المباشر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها تجسيد للمكانة القانونية للاجئين الفلسطينيين، وانسجاماً مع موقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي لا يرغب في العودة الى بلدته صفد في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ويغفل مأساة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان عن اجندة عمل فريقه السياسي، تقوم دائرة اللاجئين الفلسطينيين التي تم اختيار رئيسها لخدمة اغراض سياسية تتوافق مع رغبات عباس، يقوم رئيس الدائرة بمحاولة جديدة لتقويض لجان اللاجئين وتفكيكها وقطع الموازنات عنها واغراقها في صراع يشغلها عن قضيتها الاساسية التي انشئت من اجلها، وكأن المجتمع الفلسطيني بحاجة للمزيد من الانقسامات والأزمات، ويقوم بجملة استدعاءات ومشاورات مع اطراف لفظتها التجربة السياسية الفلسطينية لصناعة بدائل تستقبل برحابة كل ما يحاك للاجئين الفلسطينيين في غمرة انشغال الشعب في همومه اليومية التي اغرق بها بفعل سياسات رئيس السلطة وصانع الازمات.
قد ينجح فريق عباس بتشكيل لجان شكلية موازية للجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين، لكنه لن يفلح في تمرير حلول الاستسلام التي تحدث عنها السفير الاسرائيلي من على منصة الأمم المتحدة قبل ايام، ولن ينجح في شطب حق العودة من وعي الشعب الفلسطيني الذي خرج بعد اعوام قليلة من نكبة التهجير ليسقط مشروع التوطين والإسكان في سيناء.
ما زالت اصابع الزّمار تلعب، ولكنها تلعب في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق